ملكية الأراضي التي سكنها "عرب الغمر".. لمن كانت تعود؟


نقدم في هذا الفصل، شهادتين من مصادر مقرّبة من زعماء القبيلة المُرحلة من الرقة، بذريعة تأسيس "سد الفرات"، والذي غمرت بحيرته معظم الأراضي التي كانوا يزرعونها ويقطنون فيها.

إذ لم تكن الأراضي التي نُقلت إليها قبيلة "الولدة"، بداية السبعينات من القرن الماضي، خالية. بل كانت تحت سيطرة ملاك الأراضي المجاورة، الذين توسعوا فيها. في حين كانت ملكيتها الحقيقية تعود للدولة، حسب المصادر التي تحدث إليها "اقتصاد".

وقد عملت حكومة النظام السوري، في السبعينات، على استعادة أراضي الدولة، التي توسع فيها مُلاك الأراضي المجاورة، لتجعلها مقراً لأبناء قبيلة "الولدة" المُرحلة من ضفاف الفرات، الأمر الذي ولّد حساسيات، كانت في معظمها، مع عرب المنطقة، وليس مع أكرادها، حسب الشهادتين اللتين حصلنا عليهما.

مصدر مقرب من زعماء قبيلة "الولدة"، أفاد في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، قائلاً: "معظم الأراضي التي انتقل أبناء القبيلة للعيش عليها بعد تهجيرهم من ضفاف نهر الفرات تعود ملكيتها للدولة السورية، إلا أن أصحاب الأراضي المجاورة قاموا بالاستيلاء عليها وزراعتها بحكم مجاورتها لأراضيهم"، معطياً بذلك مثالاً في منطقة "رأس العين" التي كان أبرز الملاك فيها هم عائلة "أصفر ونجار" المعروفة، إلا أن أملاكها كانت كتلك التي خسرها أبناء قبيلة "الولدة"، حيث كانت المساحة المسجلة باسم أبناء العائلة، أي التي لدى العائلة "طابو" فيها، تعد جزءاً بسيطاً نسبة للمساحة التي سيطرت عليها بوضع اليد، والتي تعود ملكيتها للدولة.

المصدر أكمل: "أما في منطقة عامودا، كان أبرز الملاك فيها من آغوات الأكراد، كعائلة الدقوري التي تعد من أكبر المالكين في المنطقة، وهي من طلبت من الشيخ (شواخ البورسان - أبرز زعماء قبيلة الولدة) الانتقال للعيش على أراضيها بعد الترحيل، بحكم المعرفة السابقة بين الطرفين".

أسماء أخرى كانت تعد من أبرز مالكي الأراضي في ناحية عامودا، كـ "حسن عبد الرحمن" و"عبد الحميد آغا" و"آل معصوم" و"دباغ والشويش".

أصحاب الأراضي المجاورة لتلك التي نُقل إليها أبناء قبيلة "الولدة"، لا زالوا حتى اليوم مقيمين في أراضيهم حيث أن حكومة النظام، في ذلك الحين، قامت فقط باستعادة أراضي الدولة التي توسع أولئك المالكون على حسابها، في حين لا تزال الأراضي التي لدى أصحابها سند ملكية بها، يقيمون فيها حتى اليوم.

أما بالحديث عن العلاقات التي استطاع أبناء القبيلة توطيدها مع أصحاب الأراضي المجاورة، فقد قال مصدر آخر مقرب من زعماء العشيرة في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "كانت العلاقات بين أبناء القبيلة وأبناء المنطقة من الأكراد علاقة جيدة جداً، حيث كان زعماء القبيلة يتبادلون الزيارات مع آغاوات الأكراد من أبناء المنطقة، إضافة إلى مشاركتهم أفراحهم وأحزانهم".

المصدر أكمل: "الحساسيات التي ولدت كانت بين أبناء القبيلة وأصحاب الأراضي المجاورة من العرب. فالقبيلة لم تنتشر على امتداد قرية أو اثنتين بل على امتداد 48 قرية في شريط طوله يزيد عن 200 كيلو متر ويزيد عرضه عن 30 كيلو متر".

"القرى التي كان أصحابها الأصليون من العرب هي القرى التي تلي مدينة القامشلي نحو حدود العراق"، معطياً بذلك مثالاً، قرى الجوادية والقحطانية ومعبدة والمالكية. أما العشائر، فكانت كثيرة أبرزها الشرابين وطي وشمر وعدوان وبني سبعة. في حين أن الأراضي التي نُقلت القبيلة للعيش عليها تعود ملكيتها بالأصل لها للدولة، أي أن أصحاب الأرض كانوا يملكون مساحات بسيطة وتوسعوا على حساب الأراضي الحكومية، وحين عزمت الحكومة على تهجير القبيلة استعادت أراضي الدولة لتوطين العشيرة فيها.

المصدر أشار إلى دعم حكومة النظام في ذلك الحين لأبناء القبيلة المهجرين فترة التهجير، لتثبيتهم في ظل الحساسيات التي اندلعت مع عرب المنطقة، لتأمين استقرارهم وإزالة فكرة العودة لديهم. ولو كانت حكومة النظام تخلت عن أبناء القبيلة فور تهجيرهم لكانت القبيلة عادت إلى أراضيها خلال سنة واحدة.


مواد ذات صلة:

ترك تعليق

التعليق