الحوالات تتراجع في مناطق درعا.. ومكاتبها غير المرخصة تنشط سراً


شهدت حوالات المغتربين واللاجئين السوريين إلى ذويهم في محافظة درعا تراجعاً ملحوظاً؛ وذلك بالتزامن مع سيطرة قوات النظام على الجنوب السوري، منذ شهر تموز من العام الماضي.

وأشارت مصادر متقاطعة من مناطق درعا، إلى أن معظم المكاتب، التي كانت تعمل في مجال استقبال الحوالات، وتبديل العملة، أغلقت أبوابها وأوقفت أنشطتها؛ خشية الملاحقات الأمنية من قبل سلطات النظام.

وأضافت المصادر أن تلك المكاتب التي كانت منتشرة بالعشرات في المناطق المحررة، تحول بعضها للعمل السري، وأصبحت تمارس أنشطتها في أماكن غير معلنة كالمنازل والشقق السرية.

ويقول "محمد"، 35 عاماً، وهو صراف من ريف درعا الشرقي، إن الحوالات تراجعت بشكل كبير بعد سيطرة النظام على مناطق درعا، وحلّ الجيش السوري الحر، وتوقف عمل المنظمات في الجنوب السوري، لافتاً إلى أن معظم الحوالات التي تصله، باتت تقتصر على بعض الأقارب والأصدقاء المقربين إلى ذويهم فقط.

وأضاف أنه توقف عن هذا العمل لأنه لا يود أن يدخل في (سين وجيم) مع مخابرات النظام، رغم الدخل الجيد الذي يؤمنه العمل في هذا المجال، موضحاً أن متوسط دخله اليومي جراء تصريف العملة والحوالات كان قبل سيطرة النظام على درعا لا يقل عن 7 آلاف ليرة سورية وأحياناً أكثر.

وأشار إلى أنه "على الرغم من أنه لم يتم توقيف، أو اعتقال أي أحد من العاملين في مجال الحوالات حتى الآن، إلا أن حالة من الحذر تسود جميع المناطق؛ خشية أن تتعرض لمداهمات من مخابرات النظام؛ بحثاً عن مكاتب الحوالات والعاملين فيها وتحويل أصحابها إلى المحاكم الاقتصادية".

وقال: "لم يعد بمقدورنا المغامرة بامتلاك مبالغ كبيرة من المال، لهذا السبب"، إضافة إلى أن بعض الأشخاص، الذين كانوا يقدمون الأموال من أجل تشغيلها واستثمارها في الحوالات، مقابل مبالغ شهرية أو نسب من الأرباح، سحبوا أموالهم من المكاتب، ووظفوها في استثمارات جديدة؛ في انتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة من قرارات، تتعلق بممارسي هذه الأنشطة.

ويشير "أبو عمران"، 43 عاماً، وهو صاحب محل موبايلات عمل في استقبال الحوالات، إلى أنه سيحاول الحصول على ترخيص للعمل في هذا المجال، فيما لو استقرت الأمور الأمنية، وسُمح له بممارسة هذه المهنة.

وأشار إلى أن هناك معلومات تؤكد، أنه سيتم الترخيص لمن يرغب للعمل في هذا المجال.

ولفت إلى أن معظم أصحاب المكاتب، التي كانت تنشط في مجال الحوالات وتصريف العملة، وتجارة القطع الأجنبي، هم عبارة عن أصحاب نشاطات تجارية أخرى، اتخذوا من العمل في استقبال الحوالات عملاً آخر مدراً للدخل، مشيراً إلى أن هذا النشاط كان يمارس في محلات الموبايلات، والمكاتب العقارية، ومحلات الألبسة، والأحذية والأعلاف والسمانة والصيدليات وغيرها.

وأكد أن مكاتب الحوالات المرخصة في المحافظة، كانت قليلة جداً وكان معظم نشاطها يقتصر على الزبائن، الذين يعيشون في مناطق سيطرة النظام؛ نظراً للقيود والرقابة الصارمة عليها من قبل السلطات المعنية.

وأضاف صديقه في العمل، ويُدعى "علي"، 40 عاماً، إن العمل في مجال الحوالات في الظروف الراهنة صعب جداً، سيما وأن النظام يقوم بحملة مسعورة لقمع المخالفات، وبدأت يده تطال كل ما يرغب الوصول إليه وأي شخص يريد اعتقاله، موضحاً أن هذا العمل أصبح محفوفاً بمخاطر كبيرة تقود إلى محاكم اقتصادية ومن ثم إلى السجون.

ويؤكد "الحاج عبد القدوس"، 56 عاماً، من ريف درعا الغربي، الذي اعتاد أن يتسلم حوالة شهرية من أقاربه قيمتها 100 دولار، أنه بات يجد صعوبة في استلام حوالته؛ بعد أن توقفت المكاتب العاملة في منطقته عن ممارسة أنشطتها.

وأضاف أنه يضطر للسفر إلى مدينة أخرى لاستلام حوالته، ما يكلفه مبالغ وأجور تنقل إضافية، كان في غنى عنها في السابق.

فيما أكدت" س ، ع"، وهي سيدة خمسينية، أنها أصبحت تستلم حوالتها التي تأتي عن طريق الأردن، عبر أحد سائقي تكاسي الأجرة؛ وذلك لقاء مبلغ رمزي، لافتة أنها لا ترغب في أن يتم تحويل المبلغ عبر مكاتب الحوالات المرخصة، بعد أن أغلقت مكاتب الحوالات في بلدها أبوابها، وذلك كي لا تتعرض لاتهامات وتساؤلات هي في غنى عنها.

يشار إلى أن محافظة درعا، كانت تعج بعشرات مكاتب الصرافة والتحويل غير النظامية، التي ترافق ظهورها مع بدء عمليات اللجوء إلى الأردن وتركيا، حيث كانت تشهد هذه المكاتب وصول مئات الآلاف من الدولارات، كمساعدات إلى الأهل من الأقارب المغتربين واللاجئين لمساعدتهم على العيش، بعد أن توقفت أعمالهم، ودُمّرت مصادر أرزاقهم بسبب الحرب.

ترك تعليق

التعليق