مصاريف جديدة يضعها اقتراب فصل الصيف، على كاهل سكان إدلب


"لكل فصل في السنة احتياجاته الخاصة"، يقول "رضوان" أحد سكان إدلب التي تقع تحت سيطرة المعارضة وتعاني من افتقار شبه تام لجميع الخدمات.

 يتابع رضوان: "فصل الصيف القادم على الأبواب له أيضاً لوازم وأشياء ضرورية يجب توفيرها قبل بدء موجة الحر". وهذا ما يضع السكان أمام عبء مادي كبير يتجدد كل سنة مع حلول الفصل الحار، يعود سببها إلى غياب معظم الاحتياجات الأساسية عن المنطقة ما يجعل السكان يقفون وحدهم، وجهاً لوجه، أمام تأمين الضروريات اليومية مثل الكهرباء والمياه وفي بعض الأحيان التخلص من النفايات وتنظيف الطرقات.

غابت الكهرباء عن إدلب عشية المعارك العنيفة التي دارت نهايات العام 2014 حيث سقطت مدن إدلب وأريحا وجسر الشغور في قبضة الثوار. استبدل السكان التيار الكهربائي الحكومي بدءاً من تلك الفترة بمنظومات الطاقة الكهربائية.

 يصف "سليمان" أحد سكان مدينة إدلب هذه العملية بالناجحة لكنها -بحسب رأيه- مكلفة للغاية. يقول لـ "اقتصاد": "مشكلة منظومات الطاقة أنها بحاجة للتجديد سنوياً. فالمدخرات سواء كانت وطنية أو تركية تفقد جودتها مع الاستعمال اليومي. كما أن دارة إيقاف الشحن وأسلاك الكهرباء والرؤوس النحاسية المتصلة بها تتعرض للتعطيل.".

على سليمان اليوم دفع مبلغ 140 دولار لشراء مدخرة (240 آمبير) و25 دولاراً ثمناً للاحتياجات الأخرى. "هذا مكلف جداً مقارنة بحجم الدخل المحدود الذي نحصل عليه في المنطقة".

ليس بعيداً عن مشكلة الكهرباء يحتاج كل منزل في إدلب لعدد من المراوح الخاصة لمواجهة الحر الشديد. انقطاع الكهرباء النظامية ولد مشكلة جديدة. طريقة التهوية القديمة والتي تعتمد على مرواح سقفية أو أرضية عالية الجودة لم تعد تعمل بسبب حاجتها لكهرباء 220 فولط. اليوم يستعمل السكان معدات صينية الصنع ذات جودة منخفضة.

يقول "أسعد" من سكان ريف إدلب لـ "اقتصاد": "كل سنة في مثل هذا التوقيت تنتشر في إدلب مراوح أرضية وحائطية رخيصة الثمن تعمل على 12 فولط. وهي مناسبة لمنظومات الطاقة كونها محدودة المصروف لكنها تتعطل بسرعة لذلك معظم السكان يضطرون لشراء مراوح جديدة كل سنة".

تركيب منظومات الطاقة الشمسية يغري معظم السكان بإكمال التجربة. فالكهرباء باتت حاضرة دائماً مع أشعة الشمس المتوهجة. والمنزل بحاجة لغسالة وبراد وأدوات كهربائية أخرى مثل فرامة اللحمة والخلاط وشفاط المياه (سنطرفيش) والدش. جميع هذه الأدوات معروضة بكثرة في أسواق إدلب وهي مخصصة للعمل على منظومات الطاقة. يتراوح سعر البراد بين 170 وحتى 250 دولار. والغسالة من 60 وحتى 120 دولار. كما يبلغ سعر فرامة اللحمة التي تسخدم أيضاً لفرم الكبة والفلافل 45 دولار. والخلاط بين 8 وحتى 20 دولار. جهاز ضخ المياه يتراوح بين 16 وحتى 30 دولار. أما تكلفة تركيب دش صغير الحجم فلا تقل عن 100 دولار.

لا يشكل تجديد منظومات الكهرباء وشراء الأدوات الكهربائية السبب الوحيد لزيادة أعباء الصيف المادية فهناك المؤونة التي اعتاد السكان على صنعها خلال الصيف. تقول السيدة "ليلى" التي تقيم في ريف إدلب لـ "اقتصاد": "الصيف بالنسبة إلينا نحن النساء هو موسم المؤونة. يبدأ التموين بالفول والبازلاء ثم الملوخية والبامياء. لدينا أيضاً أوراق العنب والكوسا والباذنجان وكلها تحفظ بطرق خاصة لطبخها في الشتاء".

يوفر الصيف -بحسب ليلى- أصنافاً أخرى قابلة للتموين مثل البصل السلموني والثوم. كما تصنع سيدات المنازل معظم أنواع المخللات والمعقود في منتصف الصيف الذي ينتهي بصنع "المكدوس" وهي أكلة شهيرة لا بد منها -كما تؤكد ليلى- وغدت في ظل الحرب وغلاء الأسعار باهظة التكلفة.

يستهلك السكان عادة كميات مضاعفة من المياه في فصل الصيف. فهم يحتاحون للاستحمام أكثر بغية التخلص من الحر الشديد. وهناك احتياحات جديدة مثل سقاية حديقة المنزل والقيام بأعمال التنظيف اليومي للبيت الواسع بعد إزالة السجاد والأثاث الشتوي. طريقة جر المياه بعد عجز الإدارات المحلية عن تشغيل الشبكة الرئيسية، مكلفة للغاية. يضطر السكان الذين يعتمدون على صهاريج المياه لدفع مبلغ يتراوح ببن 600 وحتى 1000 ليرة ثمن 5 براميل.

ترك تعليق

التعليق