لكل عائلة "مغارة".. في بلدات بريف إدلب الجنوبي وحماة الشمالي


مع استمرار الحملة العسكرية التي تشنها آلة القتل الأسدية الروسية منذ نحو عشرة أيام على ريفي إدلب الجنوبي وحماة الغربي، لجأ بعض السكان إلى "الكهوف، والمغارات" للاحتماء فيها من القصف والغارات التي تطال المنازل السكنية والمرافق الحيوية، لتكون الملاذ الآمن والوحيد لهم في ظل تلك التطورات.

ولا يلجأ عموم الأهالي إلى تلك "المغارات" إلا في حال اشتداد القصف فقط، وتكون الإقامة فيها لبضع ساعات كونها غير مخدمة ولا تصلح للإقامة الطويلة فيها بسبب عدد من المشاكل التي تعانيها ومن أبرزها شدة الرطوبة وانعدام التهوية.

ومنذ العام 2012، وعندما بدأت قوات النظام باستهداف القرى والبلدات في الشمال السوري، بدأت ظاهرة حفر "المغارة" خاصة في المناطق ذات الطبيعة الصخرية، وكان الأهالي قبل حفر تلك المغارات يتجمعون ضمن "قبوٍ" أو طابق أرضي في أحد المباني السكنية، إلا أن شدة القصف والاستهداف المباشر لتجمعاتهم دفعتهم للتفكير بحفر "المغارات".


الناشط الإعلامي "أحمد أبو محمد" من سكان الريف الإدلبي قال: "لجأت كل عائلة في قرى ريف إدلب الجنوبي إلى حفر (مغارة) صغيرة تحت منزلها تتسع لحوالي 10 أشخاص بعمق 5 أمتار وارتفاع مترين ونصف تقريباً، وفي بعض المناطق الصخرية والتلال والجروف الصخرية قام بعض الأشخاص بحفر (مغارة) واسعة أشبه بمنزل صغير فوق الأرض ولكنه يقع ضمن تلك الكتل الصخرية".

وأضاف، أن نسبة انتشار "المغارات" تحت المنازل وفي الجروف الصخرية في قرى ريف إدلب الجنوبي تصل لحدود 80%، يحتمي بداخلها من بقي من المدنيين الذين فضلوا عدم النزوح عن قراهم وبلداتهم.

وعلى الرغم من وجود تلك "المغارات" إلا أن نسبة النزوح من منطقة ريف إدلب الجنوبي كانت كبيرة جداً خاصة خلال الأيام القليلة الماضية، في حين ذكر مصدر إغاثي أن أعداد النازحين من عموم جنوبي إدلب وصل إلى أكثر من 100 ألف نازح إلى المخيمات القريبة من الحدود التركية.


بدورها أشارت الأمم المتحدة إلى أن تزايد الأعمال القتالية أدى إلى موجات نزوح واسعة النطاق، من شمال حماة وجنوب إدلب، مقدرة أعداد النازحين في الشمال الغربي منذ سبتمبر/أيلول 2018 بحوالي 323 ألف شخص، بحسب ما نقلته وكالة الأناضول الإخبارية.

وأرجع "أبو محمد" سبب موجات النزوح إلى كون تلك المغارات لا تنفع للإقامة لمدة طويلة فيها لأنها بالأصل غير مجهزة للإقامة الدائمة بنسبة 100% واستخدامها يكون لساعات فقط خاصة أثناء الغارات والقصف، لافتاً إلى ما نسبته 20% فقط من تلك المغارات مجهزة للإقامة فيها لفترة أطول.

وأشار في سياق حديثه، إلى الخَشية من تهدم تلك المغارات فوق رؤوس قاطنيها في حال الاستهداف المباشر بالصواريخ الارتجاجية أو بالصواريخ الفراغية، لذلك يفضل كثيرون النزوح صوب مناطق أكثر أمناً، مضيفاً أن المغارات المتواجدة في السفوح الجبلية والصخرية تعد أكثر أمناً من المتواجدة تحت المنازل في المناطق المستوية.


ويعمل في حفر "المغارة" ورش مأجورة مختصة بحفر الصخر، ويصل سعر المتر المكعب الصخري المراد حفره إلى حدود 3000 ليرة سورية وفي بعض الأحيان يصل إلى حدود 4000 ليرة ويختلف السعر باختلاف "قساوة" الصخر.

ولا يقتصر الأمر على اتخاذ "المغارات" أماكن إقامة مؤقتة من قبل المدنيين، بل امتد للاستفادة منها في إقامة مشاريع طبية كبيرة إن كان تحت الأرض أو في الجروف الصخرية، ومنها على سبيل المثال "مشفى اللطامنة" بريف حماة الشمالي الذي تم إنشاؤه في جرف صخري ضخم بعد أن تم قص واجهة الجرف ومن ثم الدخول بمستوى الأرض، إضافة لمشفى "المغارة" أو مشفى مدينة كفرزيتا بريف حماة الشمالي أيضاً والذي أقيم بمعدات كاملة ضمن جرف صخري ضخم.

كما أن كثيراً من العائلات في مدينة "اللطامنة" قامت بحفر "المغارات" وتجهيزها بشكل يصلح للسكن بشكل دائم، بعد أن تدمرت منازلهم بشكل كامل بسبب القصف والخروقات المستمرة عليها من مدفعية وطيران قوات النظام.

ومن أهم المشاكل التي يعاني منها قاطنو "المغارة" إضافة للرطوبة الزائدة هو عدم جاهزيتها للطبخ أو للاستحمام، يضاف إلى ذلك عدم احتوائها على "دورات مياه"، ولا تصلح سوى للجلوس فيها لبضع ساعات، في حين أن المشافي التي تم انشاؤها تحت الأرض تم تجهيزها بشفاطات هوائية لسحب الرطوبة.

ترك تعليق

التعليق