حلويات العيد.. معانٍ ثقافية واجتماعية للسوريين في أوروبا


اعتمد أغلب السوريين الذين يعيشون في أوروبا، خلال فترة العيد، على تقديم الحلويات الغربية المتوافرة في المحال التجارية، بينما قلة قليلة، أبت إلا أن تستذكر طقوس هذا العيد في بلدها، وقررت أن تصنع حلوياتها بأيديها وعلى الطريقة السورية.

يقول "أيهم" المقيم وأسرته في فرنسا منذ عامين، أنه ما شجع أسرته على صنع الحلويات المعتادة في فترة العيد في سوريا، هو عدم شعورهم بطقوس رمضان كما يجب، ومن ناحية أخرى، من أجل جعل الأولاد يشعرون بأن هذا اليوم مختلف عن سواه، وذلك من خلال طقوس صنع بعض أصناف الحلوى البسيطة، كالمعمول والكعك.

ويتابع أن هذا العيد هو الأول لأسرته في فرنسا، بعد أن لحقوا به منذ نحو العام، وبالتالي لا يريد أن يشعروا باختلاف كبير عن طقوس العيد في سوريا، لكنه يقول أنه منذ الأمس، الذي تصادف أول أيام العيد، أحس بخيبة أمل، كونه انتهى من صنع الحلويات ووضعها في مظهر احتفالي على الطاولة بانتظار المعايدين، إلا أنه لم يزره أحد، بما فيهم من السوريون المقيمون في نفس المدينة.
 
وعلى خلافه، فإن باقي السوريين المقيمين في أوروبا منذ عدة سنوات، حسم الكثير أمرهم وتأقلموا مع ظروف عيد لم يعد فيها من طقوس حقيقية سوى صلاة العيد.. لذلك يرى "محمد" المقيم في فرنسا كذلك مع أسرته، أنه اصطحب أولاده الصغار معه إلى الصلاة لكي يسمعوا تكبيرات العيد، وانتهى العيد بعدها بالنسبة لهم.. أما فيما يخص الحلويات، فهو يقول بأنه اشترى بعض أصناف الكاتو والبسكويت المتوافرة بكثرة في المحال التجارية، والتي بالأساس متوافرة دائماً في المنزل، دون أن يكون هناك مناسبة عيد.

حلويات العيد والهوية الثقافية

في ألمانيا، يبدو الأمر مختلفاً بعض الشيء، بسبب وجود جالية سورية كبيرة هناك، قد تحتوي العديد من أفراد العائلة الكبيرة، ومع ذلك يقول "عدنان"، إن طبيعة الحياة هنا، ويقصد في ألمانيا، مختلفة كثيراً عنها في سوريا، إذ أن الطفل سابقاً في بلدنا، كان يشعر بالفعل بالتميز خلال العيد، لأنه كان يحصل على أشياء لم يكن يحصل عليها طوال أيام السنة، كاللباس الجديد والنقود والحلويات المتعددة، ومدن الألعاب والملاهي، بينما في أوروبا، فإن هذه الأمور متوافرة باستمرار، بالإضافة إلى أن شراء اللباس الجديد، من الأشياء التي لم تعد تثير اهتمام الطفل، ناهيك عن العلاقات الاجتماعية التي لم تعد تعني له شيئاً، ولا يرى فيها مستجداً في حياته.

ويرى "عدنان"، أن الالتزام بصنع حلويات خاصة بالعيد، هو من الطقوس الجميلة، والتي تشعر الطفل والأسرة، بأنهم مقبلون على يوم مميز، لذلك يتابع، بأن أولاده في ليلة وقفة العيد، تحلقوا حول زوجته وهي تصنع الحلويات، وكانوا يوجهون لها الأسئلة الكثيرة، وبعضهم راح يساعدها، وينتظر الانتهاء منها من أجل تذوق طعمها.

وفي النهاية، يقول "عدنان"، إن الأهل أمام مهمة كبيرة، ويتحملون مسؤولية أن يحافظوا على هويتهم وهوية أبنائهم بكل الطرق، سواء بالحلويات أو غيرها.. لأنه من السهل جداً أن يفقد الطفل هنا لغته وثقافته وكل شيء، بسبب سطوة الدولة على تربية الأطفال.

حلويات العيد والتنافس الثقافي

هناك قسم كبير من السوريين في أوروبا ممن اختلطوا مع محيطهم الذي ليس بالضرورة أن يكون سورياً، وإنما عربياً أو أجنبياً..
ويقول "نعيم" المقيم في فرنسا منذ نحو خمس سنوات، أنه حيث يقطن لا يوجد سوى عائلة سورية أخرى معه، لذلك اضطر لأن يختلط مع محيطه من الجاليات العربية من الجزائريين والمغاربة وحتى من الدول الأفريقية المسلمة غير الناطقة بالعربية، بالإضافة إلى علاقته ببعض الفرنسيين.
 
ويضيف، أنه في كل عيد يتنافس الجميع على صناعة حلوياته المحلية ويراهن على أنها ألذ من الأخرى، مشيراً إلى أن هذا الجو من التنافس، أعطى ليوم العيد بعداً مختلفاً بالنسبة لزوجته التي أصبحت أمام تحدٍ، جعلها تصنع حلويات جديدة لم تكن تصنعها في سوريا.

ويقول "نعيم"، أنه لا يدعي بأنه استطاع أن يوفر طقوس عيد حميمية بالنسبة لأولاده، ولكنه بالحد الأدنى استطاع أن يوصل لهم فكرة بأن هذا اليوم مميز، وهو الوحيد الذي يتذوقون فيه حلويات من ثقافات مختلفة..

ويرى أخيراً.. أن الحلويات، إذا حافظت على مذاقها الحلو، لذيذة، مهما كانت الثقافة التي تصنعها.

ترك تعليق

التعليق