في إدلب.. محلات كثيرة تغلق، تحت وطأة ارتفاع الإيجارات


لا يزال الشاب "أمين" يبحث عن محل للإيجار وباب للرزق بعد تهجيره من الغوطة الشرقية إلى مدينة إدلب. وكانت المفاجأة بالنسبة لـ "أمين" أن إيجارات المحلات التجارية مرتفع جداً مما يجعله عاجزاً عن فتح محل للعيش منه.

وتشهد مدينة إدلب في الأشهر الأخيرة ارتفاعاً كبيراً في إيجارات المحلات والتي وصلت إلى 200 دولار وما فوق، شهرياً، أي ما يقارب 118 ألف ليرة للشهر الواحد، كحد أدنى لاستئجار محل في منطقة متواضعة في أسواق مدينة إدلب.

وأكد "أمين" لـ "اقتصاد"، أنه منذ بداية رحلة البحث لم يجد محلاً بإيجار أدنى من 200 دولار في المدينة، وهذه الأسعار لا تناسبه، نظراً لما رآه من محال تُغلق بعد الافتتاح بأشهر قليلة، بسبب ضعف البيع وغلاء الإيجارات.

ويعمل "أمين" في بيع ألبسة الأطفال الجاهزة، وبعد دراسة موسعة قام بها عن موضوع الإيجار وغلائه وقلة البيع، وسؤاله لبعض أصدقائه عن حركة البيع والشراء، قرر أن يفتتح بسطه صغيرة على زاوية إحدى المحال التجارية في الشارع، كي يسترزق ويوفّر إيجار المحل. لكنه فُوجئ بأن صاحب المحل طلب منه مبلغ 50 ألف ليرة أي ما يقارب 85 دولار أمريكي، كي يسمح له بفرش بسطة صغيرة ليقتات منها. ولم يعد لديه سوى هذا الحل في ظل الأوضاع الراهنة.

وفي حديث مع صاحب مكتب عقاري داخل أسواق إدلب، أكد "أبو هشام" أن أسواق اليوم تشهد طلباً كبيراً على المحال التجارية بعد حركة النزوح التي شهدتها المحافظة، مما جعل أصحاب المحلات يؤجرون محلاتهم ويعتمدون على الإيجار، بدل العناء وانتظار الزبون، حسب وصفه.

وأضاف أن إيجار المحل الواحد في الشهر يبدأ من 200 دولار أمريكي، ليصل إلى 600 دولار، حسب المساحة والموقع في المدينة.

ووصف "أبو هشام" ارتفاع الأسعار بهذا الشكل، بأنه "جريمة" في حق المستأجر، وقال إن "الطمع أصاب نفوس أصحاب المحال التجارية وأصبحوا يتنافسون فيما بينهم على من يؤجر محله بسعر أكبر للتفاخر بين بعضهم بأن محل كل منهم هو الأفضل".

وتابع أيضاً: "حركة النزوح التي شهدتها المنطقة في الآونة الأخيرة جعلت أسعار إيجارات البيوت تتضاعف أيضاً لتصل إلى 40 ألف ليرة لبيت مؤلف من 3 غرف ومنافعهم للشهر الواحد، بعد أن كانت لا تتعدى الـ 20 ألف ليرة".

وفي ذات السياق قال "محمد"، وهو بائع أحذية، في تصريحات لـ "اقتصاد"، إنه مستأجر لمحل منذ 4 أشهر بقيمة 350 دولار أمريكي للشهر الواحد، ما يعادل 210 آلاف ليرة. وأضاف "محمد" أنه بعد هذه المدة والذي رآه من قلة العمل وخسارته لإيجار المحل، دون تحقيق أي أرباح، قرر تسليم المحل والبحث عن طرق أفضل للرزق.

وعقّب: "منذ 4 أيام لم أبعِ ولا قطعة من المحل وأنا يومياً عليّ دفع مبلغ بقيمة 10 آلاف ليرة بين إيجار المحل وكهرباء وغيرها.. عدا عن ذلك مصروفي الشخصي ومصروف عائلتي".

يجب على "محمد"، وفي أقل تقدير، بيع 5 أزواج من الأحذية، كي يتحسن وضعه قليلاً. واليوم لا يوجد حركة للبيع والشراء تسمح باستمرار "محمد" في عمله داخل المحل المُستأجر.

يقول "محمد" لـ "اقتصاد": "في هذه الحالة أُفضّل الجلوس بالمنزل على أن أظل مستمراً في هذه الخسارة".

بدوره، وجّه "أبو خليل" نداء عبر موقع "اقتصاد" لأصحاب المحلات، بأن "يرحموا الناس في لقمة عيشهم". "أبو خليل"، مستأجر لمحل يسترزق من خلاله، منذ 3 سنوات. تابع حديثه: "لم يعد للناس مكان آخر سوى (المحرر) ومدينة إدلب للعمل بها، فكونوا عوناً لهم في محنتهم، فهم بأمس الحاجة لذلك. دعونا نخفض الإيجار ونخفف الضغط عنهم كي يستطيعوا العيش وتأمين لقمة عيشهم".

 وفي ختام الحديث، قال: "ارحموا الناس يرحمكم الله".

وتشهد إدلب والأرياف المجاورة لها، منذ ثلاثة أشهر، هجوماً شرساً من روسيا وإيران وميليشيات الأسد، مما جعل الناس تعتزل الشراء وتخبئ ما في جيبها لوقت لا يعلمه إلا الله. وهذا الشيء جعل الأسواق تشهد حالات ركود قوية، مما جعل المستأجرين يغلقون محلاتهم ويبحثون عن رزقهم بعيداً عن الأسواق.



ترك تعليق

التعليق