فيلم وثائقي عن "مهن لم تهزمها الحرب"


لطالما مثلت المهن والصناعات التراثية إحدى أهم مقومات التراث المادي للشعوب والأمم فهي ترتبط بالعقل والجسد معاً. وكانت هذه المهن والصناعات مصدراً أساسياً من مصادر الدخل الرئيسة سواء على صعيد الفرد -حيث كانت ولا تزال تعمل في هذا النشاط شرائح مختلفة من المجتمع- أو كمصدر للدخل القومي.



 وغيّبت الحرب الدائرة في سوريا منذ سنوات العديد من المهن بينما لا يزال بعضها الآخر يجاهد في البقاء.


 وحول بعض هذه المهن أنجز الصحفيان السوريان "يمان السيد" وأنس تريسي" فيلماً وثائقياً بعنوان "مهن لم تهزمها الحرب"، يسلطان الضوء فيه على 7 مهن لا يزال أصحابها متمسكين بها ويتعاملون معها بعشق وشغف وحميمية.



وأنجز "يمان السيد" الذي ينحدر من مدينة عربين باالغوطة الشرقية العديد من الأفلام الوثائقية خلال السنوات الأخيرة ومنها فيلم بعنوان "طبيات يوم الكيماوي" عن مجرزة الكيماوي في الغوطة 2013 وفيلم "ذاكرة الموت الكيماوي" وفيلم "خلف أسوار الحصار "عن حياة الناس والاختراعات في الغوطة وكيف لجأ الناس إلى الطرق والوسائل البديلة للتكيف مع حياتهم في ظل الحرب والحصار، وفيلم بعنوان "الناي والمقبرة".



 أما "أنس تريسي" الذي ينحدر من مدينة أريحا بريف إدلب فعمل في المجال الإعلامي منذ بداية الثورة بشكل حر مع العديد من القنوات في الفترة ما بين 2012 و2015 كـ "الجزيرة" و"سكاي نيوز" و"سوريا الغد" ووكالة الأناضول وغيرها، واتبع دورة بعنوان "مهارات المراسل التلفزيوني" في مركز الدوحة الإعلامي قبل أن يتحول إلى معهد، ونال المركز الأول فيها، ودورة في معهد صحافة الحرب والسلام IWPR.



ولفت "يمان السيد" في حديث لـ"اقتصاد" إلى أن فيلمه المشترك مع "أنس تريسي"، وهو من إنتاج قناة "أورينت"، يحكي عن المهن التي قاوم شيوخها وأربابها الحرب، ولا زالوا متمسكين بها، كالزجاج والفخار والصابون والحدادة العربية القديمة التي لا تدخلها الآلات أو الأساليب الحديثة في الحدادة، بل تعتمد على المطرقة والأدوات البسيطة، وكذلك مهنة النول الخشبي القديم في أريحا ومهنة النجارة العربية القديمة في شمال حلب وتحديداً الباب، والنحت على الخشب ومهنة الفسيفساء التي يسميها ممارسوها "كعب ابليس" ويتم من خلالها رص قطع صغيرة من الفسيفساء وتصميم لوحات لوجوه أو مشاهد من الطبيعة والبيئة، واختصت بهذه المهنة مدينة كفر نبل بريف إدلب، والفخار الذي اختصت به أرمناز.



وتدخل "أنس تريسي" في الحديث ليشير إلى أن فيلم "مهن لم تهزمها الحرب" تضمن لقاءات مع مختصين في كل مهنة من المهن التي تم رصدها ولقاءات مع باحثين مطلعين على تاريخ هذه المهن وتم التركيز على أوائل من عملوا في كل مهنة ونبذة تاريخية عنها كالزجاج الذي يعود تاريخ صناعته إلى مئات السنين واختصت به مدينة أرمناز بريف إدلب نتيجة وجود الطبيعة المناسبة كالأرض ونبتة "القلة" التي يصنّع منها الزجاج.



وروى "يمان السيد" أن فريق الفيلم قام بجولة إلى مناطق الشمال السوري ولمسوا -كما يقول- مدى تعلق أصحاب هذه المهن بمهنهم مشيراً إلى أن أحد الحرفيين باح لفريق الفلم أنه يحب مهنته أكثر من زوجته، وقال حرفي آخر أنه عندما يريد أن يرتاح فإنه يعمل في مهنته، ونوّه محدثنا إلى أن هناك تعلقاً كبيراً لأصحاب المهن القديمة بها، رغم أنها لم تعد تشكل مصدر رزق لهم بفعل ظروف الحرب وانقطاع سبل التصدير إلى الخليج ودول الجوار وحتى أوروبا، ورغم ذلك فهم مستمرون بحبهم وإخلاصهم لهذه المهن التي تمثل بالنسبة لهم-حسب قوله- بمثابة الأمانة التي يجب أن تستمر ويتم المحافظة عليها عبر الأجيال.




وبدوره كشف "أنس تريسي" أن ظروف إنجاز الفيلم الذي امتد على مدى 53 دقيقة كانت صعبة ومنها الظروف الأمنية وخطر التعرض للقصف أثناء التنقل من مكان إلى آخر أو أثناء التصوير علاوة على ظروف التوتر التي تشهدها بعض المناطق بين الفينة والأخرى، ورغم ذلك -كما يقول – تحمّل فريق الفيلم كل الضغوطات لينقلوا للعالم مدى تعلق الحرفيين السوريين بمهنهم رغم ظروف الحرب وكم هناك وفاء لمهنهم التي حملتهم يوماً ما، وهم الآن مدعوون لحملها.




ترك تعليق

التعليق