على حساب "الدفاع الوطني".. "الثوري الإيراني" يرفع الرواتب في البوكمال


عمّمت ميليشيا الحرس الثوري الإيراني بمدينة البوكمال في محافظة دير الزور – شرق سوريا، قبل أيام، قراراً برفع رواتب عناصرها وتوزيع منح مالية ومكافآت كبيرة دورية، حيث أصبحت الرواتب بين 150 و 200 دولار أمريكي بعد أن كانت في حدود الـ 100 دولار، كما قدّمت 50 ألف ليرة سورية كـ "هدية" لكل عنصر.

وبدأت مطامع إيران في محافظة دير الزور تتحقّق في أواخر العام 2017 عندما سيطرت قوات نظام الأسد على مدينة البوكمال بعد معارك ضارية ضد "تنظيم الدولة" بدعم جوي من الطيران الروسي. وتُعتبر مدينة دير الزور وريفها ذات أهمية قصوى لإيران كونها صلة الوصل بين ميليشياتها المُنتشرة في العراق وسوريا، ولضمان وصول إمداداتها العسكرية عن طريق معبر "البوكمال- القائم"، وتمكين الممر البري إلى البحر الأبيض المتوسط ولبنان من خلال العراق وسوريا.

مصادر شعبية في مدينة البوكمال رفضت الكشف عن هويتها لدواعٍ أمنية أكّدت لـ "اقتصاد" أنّه منذ مطلع الشهر الحالي تشهد ميليشيا الدفاع الوطني التي يقودها تاجر المخدرات والذهب والمهربات "فراس جهام" الملقب بـ "فراس العراقية"، انشقاقات متتالية من عناصرها، باتجاه ميليشيات الحرس الثوري الإيراني، مدفوعين برغبتهم في تحصيل رواتب شهرية ثابتة، حيث أنّهم لم يتقاضوا رواتبهم في الدفاع الوطني منذ شهور عديدة.

ولم تُقلّل المصادر من أهمّية المغريات الأمنية كونها تمنع نظام الأسد من ملاحقتهم أو اعتقالهم أو زجّهم بالمعارك في أوقات قريبة، مُشيرةً أنّ النظام وجّه بلاغات تجنيد ومراجعة الفروع الأمنية للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ١٨ و٣٠ عاماً، لا سيما بعد مرسوم "بشار الأسد" الأخير الذي شمل تعديلات في قوانين التأجيل الدراسي.

تُعدّ الميليشيات الإيرانية في شرق محافظة ديرالزور هي الحاكم الفعلي للمنطقة، إذ تهيمن على مفاصل القرار، ولها في مدينة البوكمال لوحدها 13 موقعاً عسكرياً، وتتخذ من مناطق شرق الباغوز مقرات رئيسية لها، وتمكّنت خلال فترة الرخاء التي عاشتها من فتح عدّة مراكز للانتساب، كما أنشأت العديد من المزارات الشيعية أولها في آذار من العام الماضي تحت مُسمّى "دموع الحسين" بمنطقة عين قورية أثناء زيارة "اللواء محمد الباقري" قائد القوات المسلحة الإيرانية ومستشارين عسكريين مُرافقين له، وبتنفيذ من هيئة مزارات آل البيت المموّلة إيرانياً.

بالعودة إلى مصادرنا فإنّ اتّفاق مُسبق بين نظام الأسد وإيران في عام 2017 أفضى إلى سيطرة الأخيرة على كامل مدينة البوكمال وريف دير الزور الشرقي الغني بالموارد الطبيعية، وتعمد إيران إلى زج عناصر الدفاع الوطني في جبهات المعارك خارج المحافظة، لا سيما من هم خارج الانتماء الشيعي الذي تعتبره المعيار الأول والأخير لقبول الانتساب.

ووفقاً للمصادر فإنّ حال مدينة الميادين لا يختلف عن مدينة البوكمال وتشهد ذات السيناريو من حيث الانتشار والتشييع والرواتب والمساعدات والسيطرة على المساجد والأبرز تجنيد الأطفال بإغراءات ومساعدات غذائية.

كما انسحاب الفيلق الخامس المدعوم روسياً من المنطقة في الشهر الرابع من هذا العام، تاركاً الدفاع الوطني والحرس الثوري في مواجهة شبه محسومة للأخير، فرض على الشباب الانضمام للأقوى والأغنى، إذ أنّ الاشتباكات حينها تعدّت السلاح الخفيف وأوقعت قتلى وجرحى للطرفين وتبادل في خطف العناصر.

وتحتاج العائلة الواحدة في مدينة البوكمال ومحيطها إلى مبلغ بين 200 إلى 300 دولار أمريكي شهرياً، ويبلغ سعر ليتر المازوت الواحد بحدوده الدنيا 160 ليرة سورية، وكيلو لحم البقر 4500 ليرة، وكيلو الدجاج 2000 والبندورة - الخيار - البصل - الباذنجان 400 ليرة، والسكر 325، وكيلو الأرز 600 ليرة، و1000 ليتر مياه شرب بـ 2000 ليرة سورية.

وتتقاسم السيطرة هناك، ميليشيات الحرس الثوري الإيراني المتمثلة بـ "حزب الله اللبناني وحركة النجباء والإمام علي والفاطميون وفيلق القدس وأبو الفضل العباس وحيدريون". وتعيش المنطقة تفاصيل عديدة تبدأ بتسهيل الانتساب وتقديم المغريات باستغلال واضح للأوضاع المادية المتردية التي يعيشها الأهالي وحاجتهم للسلال الغذائية والمساعدات، وتصل لشراء العقارات عبر سماسرة يدفعون ثمنها أكثر مما تستحق، بينما تحضر الفروع الأمنية التابعة لنظام الأسد بشكل شكلي لا أكثر.

ترك تعليق

التعليق