عيد الأضحى في درعا.. قلوب مكلومة، وطقوس منقوصة


بدت التحضيرات والاستعدادات لاستقبال عيد الأضحى في محافظة درعا، في نسخته التاسعة منذ بداية الثورة السورية، والثانية بعد استعادة النظام سيطرته على الجنوب السوري في العام الماضي، خجولة جداً، ينقصها الفرح والشعور بالأمان والاستقرار، رغم توقف الأعمال القتالية وتحسن الوضع الأمني في معظم مناطق المحافظة.

وضع أمني هش لا يشجع على الفرح
 
ويشير عدد من المواطنين إلى هشاشة الوضع الأمني في المحافظة الجنوبية، وسيطرة هاجس الخوف على غالبية السكان، من أن تعود قوات النظام وأجهزته الأمنية إلى سابق عهدها في استخدام القوة المفرطة، بحجة تكريس الأمن، لا سّيما وأن ذرائعها في ذلك باتت متوفرة، في ظل الانفلات الأمني الذي تعيشه المحافظة، وتحولها إلى ساحة للثأر وتصفية الحسابات بين الأطراف المتنازعة على كسب النفوذ.

وعبّر عدد كبير من المواطنين عن استغرابهم من عجز النظام عن ملاحقة الجناة، وإلقاء القبض ولو على واحد منهم، رغم أن معظم عمليات الخطف والاغتيال تقع في مناطق سيطرته، وتستهدف أشخاصاً مقربين منه، الأمر الذي يعزز فرضية وقوف أجهزة النظام خلف هذه العمليات.

ويرى الناشط أبو عمار الدرعاوي، أن الهدف من هذه الأعمال والممارسات اليومية التي تشهدها المحافظة، هو إثارة الفتنة العشائرية في المحافظة من جهة، والتخلص من بعض أزلام النظام الذين تم استهلاك خدماتهم من جهة ثانية، وتوفير الذرائع لتفريغ المحافظة من السلاح المتبقي بيد عناصر الفصائل السابقة من جهة ثالثة.

وضع اقتصادي متردٍ وأسواق شبه فارغة
 
ويقول "أبو عماد"، وهو تاجر، "نعم الأسواق مكتظة ومفتوحة إلى ساعة متأخرة من الليل خلال فترة الاستعداد للعيد، لكن حركة البيع والشراء بطيئة في جميع المناطق".

وعزا ضعف القوة الشرائية في بعض مناطق المحافظة، إلى عدم توفر السيولة المالية لدى الأهالي، بعد ما حل بهم من أعمال سرقة وتخريب وتعفيش، خلال سيطرة نظام الأسد على المنطقة الجنوبية في النصف الثاني من العام الماضي، إضافة لعدم توفر فرص عمل وإنتاج مستمرة في هذه الظروف التي تمر بها البلاد.

وقال: "إن حل الفصائل المسلحة بعد التسويات الأخيرة، وتوقف عمل المنظمات الإنسانية والاغاثية في الجنوب السوري، إضافة إلى تراجع الحوالات الخارجية، وعدم موافقة النظام على إعادة الموظفين المفصولين إلى عملهم، كل ذلك أفقد الكثير من الأهالي مصادر رزقهم، وبالتالي أثر بشكل سلبي ومباشر على حركة البيع والشراء، التي كانت أكثر نشاطاً في الأعوام السابقة".

وأضاف أن معظم مشتريات العيد، تتركز بشكل كبير على ألبسة الأطفال، وألعابهم، إضافة إلى شراء الحلويات الشعبية الرخيصة.

ولفت إلى أن ما يميز عيد الأضحى هذا العام، هو عدم الإقبال على شراء الأضاحي، بسبب ارتفاع الأسعار وعدم توفر السيولة المالية بين أيدي الناس، لافتاً إلى أن من يقدم الأضاحي هم الميسورون، أصحاب الدخول الجيدة ومصادر الرزق الثابتة، كالتجار، وأصحاب الفعاليات الاقتصادية.

وأضاف أن المدارس باتت على الأبواب والتحضير لها يحتاج أيضاً إلى توفير مبالغ كبيرة لتأمين المستلزمات المدرسية للطلاب الأمر الذي يضيف عبئاً آخر يقتضي ضرورة ضغط الإنفاق إلى حدوده القصوى، حسب وصفه.
 
وتقول الثلاثينية (أم عروة) وهي موظفة، "العين بصيرة واليد قصيرة"، وتضيف: "همي الوحيد هو إدخال الفرحة إلى نفوس أطفالي في العيد مهما بلغ الثمن".

وأضافت: "صحيح أن الإمكانيات المادية ضعيفة، لكن هذا لا يعفينا من شراء بعض الملابس للأطفال"، لافتة إلى أنها اشترت لكل طفل من طفليها بنطلون وكنزة صيفية وصندل بمبلغ 7500 لكل واحد.

وأشارت إلى أنها دفعت نصف المبلغ، فيما أجلت دفع النصف الثاني إلى الشهر القادم، كون صاحب المحل من أقاربها.

وتقول "سميرة الحسين"، 50 عاماً، وهي معلمة سابقة، "نحاول الاقتراب من الفرح في العيد بالتناسي المؤقت، والتعالي على الجراح، لكن كلما اقتربنا منه يبعد عنا. ففي العيد تحضر الذكريات الحزينة وتغيب اللمات الجميلة".
 
وتضيف متسائلة: "كيف لي أن أفرح وأسرتي مشتتة في أصقاع العالم؟.. كيف لي أن افرح ووطني جريح، تحتله طغمة ظالمة؟"، وأردفت: "أكذب إذا قلت إن العيد يجلب الفرح في هذه الظروف التي تعيشها البلاد".
 
وقالت: "لم يعد العيد في بلادنا مناسبة فرح، بل هو مناسبة دينية، بتنا ملزمين بممارسة الحد الأدنى من طقوسها، لا سيما ما يتعلق منها بزيارة الموتى في المقابر، وصلة الأرحام"، مشيرة إلى أنه "منذ أن استخدم نظام الأسد القتل بحق شبابنا وأطفالنا، ودمر بيوتنا واعتقل رجالنا، نسينا الفرح في كل المناسبات ومنها الأعياد".


ترك تعليق

التعليق