المراكز التعليمية السورية في مصر.. للتعليم أم للتجارة؟!


بحسب مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في مصر، يُقدّر عدد السوريين المسجلين فيها بقرابة 133 ألف طالب لجوء، ويصل العدد الفعلي للسوريين إلى أضعاف هذا الرقم من غير المسجلين بالمفوضية، ووفقاً لأرقام حكومية مصرية يبلغ عدد الطلاب السوريين المسجلين في نظام التعليم العام قرابة 32 ألف طالب.

مع هذا العدد الكبير للطلبة السوريين ومنذ عام 2012 انتشرت مراكز تعليمية سورية في المدن التي يقيم فيها سوريون، ومعظمها بدأ بأقساط رمزية بوجود دعم لهذه المراكز من مفوضية اللاجئين والمنظمات الدولية الشريكة لها. ولكن مع تراجع الدعم المقدم للمفوضية من الدول المانحة، تراجع دعم المراكز التعليمية السورية، حتى بات شبه معدوم.

يستطلع "اقتصاد" في هذا التقرير رسوم تسجيل الطلبة السوريين، وأبرز العقبات التي يعانونها في تسجيل أبنائهم.

متوسط رسوم التسجيل للطالب الواحد في المراكز السورية

لمعرفة رسوم تسجيل الطلبة السوريين في هذه المراكز، التقى "اقتصاد" بالأستاذ "غسان"، وهو مدرس سوري بمركز تعليمي في مدينة السادس من أكتوبر. وقد حدثنا قائلاً: "شهد هذا العام ارتفاعاً برسوم التسجيل وصل للضعف في معظم هذه المراكز، وهو بالمتوسط في مدينة أكتوبر وباقي المدن التي يقطنها سوريون قرابة 7500 جنيه مصري في العام الدراسي الواحد أي ما يعادل 500 دولار أمريكي، وبالتالي العائلة التي لديها ثلاثة أطفال أو أكثر تواجه صعوبة كبيرة في تأمين هذه المبالغ، بالنظر إلى متوسط الأجور للعامل السوري في مصر والتي تتراوح بين 2500 و 3000 جنيه مصري شهرياً، مما يعني أن معيل هذه الأسرة يجب عليه اقتطاع أكثر من نصف دخله السنوي لرسوم التسجيل، عدا عن اللوازم المدرسية لهم وإيجار المنزل وأساسيات المعيشة".

ويكمل غسان: "مفوضية اللاجئين في مصر تقدم دعماً سنوياً للمسجلين لديها قيمته 2000 جنيه، موزعة على الفصلين الدراسيين، وهي بالكاد تكفي ثمن المستلزمات المدرسية، والحالات الأصعب هي للأطفال الأيتام الذين لا معيل لهم، وللأسر التي لديها أكثر من طفل في سن الدراسة".

حالات تسرب من الدراسة بسبب ارتفاع الأقساط المدرسية

كذلك التقى "اقتصاد" بعدد من السوريين المقيمين في مصر لاستطلاع تجاربهم في هذا الجانب، ومنهم "أبو ناظم"، وقد حدثنا قائلاً: "لدي خمسة أطفال، ثلاثة في المرحلة الابتدائية، واثنين بالإعدادية، ومجموع ما يتوجب علي دفعه في المراكز السورية لتعليمهم يصل إلى قرابة 35 ألف جنيه مصري، علماً أنني أعمل في مطعم سوري، وهذا المبلغ يعادل ما أتقاضاه من أجر طوال العام، وفي حال سجلتهم جميعاً لن أتمكن من دفع أجرة منزلي، ولا تحمل مصاريف معيشة عائلتي، وأجد نفسي الآن مضطراً لإخراج اثنين منهم من التعليم لأتمكن من تسجيل البقية".

ولدى سؤالنا له: "لماذا لا تسجلهم بالمدارس الحكومية فهي مجانية للسوريين كما المصريين؟"، أجابنا: "صحيح هي مجانية ولكن معظم المدارس المصرية يعتمد الطلبة فيها على الدروس الخصوصية بعد انتهاء الدوام الدراسي وهذا يعني أنني سأدفع تكاليف سنوية لهذه الدروس تعادل الأقساط التي تطلبها المراكز السورية".

كما التقى "اقتصاد" بالسيدة "بسمة"، وهي ربة منزل تقيم في مدينة نصر، وقد حدثتنا: "لدى ابنتي طفلين أيتام، استشهد والدهم في سوريا، ويقيمون معنا في ذات المنزل، ولا يوجد معيل إلا زوجي، ولدى بحثي عن مدارس لتسجيلهم وجدت مركزين سوريين في مدينة نصر، رسم التسجيل للطفل الواحد 7500 جنيه وهو مبلغ لا نستطيع تأمينه، وللأسف لا توجد أية مراكز سورية بأسعار مخفضة في المدينة التي نقيم فيها".

وتكمل السيدة "بسمة": "أمام هذه التكاليف الكبيرة حاولت تسجيلهم في المدارس الحكومية، ولكن لأنهم دخلوا بشكل غير شرعي عبر السودان ولم يحصلوا بعد على الإقامة لم تقبل المدرسة المصرية تسجيلهم إلى حين حصولهم على إقامة، وهذا يعني أنهم لن يلتحقوا بالمدرسة خلال الفصل الأول، على اعتبار أن إقاماتهم على الكرت الأصفر ستحتاج أكثر من ثلاثة أِشهر، للحصول عليها".

وللحديث عن هذا الموضوع التقى "اقتصاد" بالمحامي المصري المطلع على الشأن السوري في مصر، عصام حامد، والذي حدثنا: "مع تراجع الدعم المقدمة لمفوضية اللاجئين وشركائها، تقلّص الدعم المقدم للمراكز التعليمية السورية لتبدأ برفع أقساطها السنوية لتغطية تكاليف وأجور المكان، ورواتب المدرسين والإداريين، وتجهيزات المدرسة. كذلك ظهرت مراكز عديدة استغلت هذا الوضع لترفع أقساطها السنوية لتصل في بعض الأحيان إلى 20 ألف جنيه أو أكثر للطالب الواحد".

ويكمل حامد: "الطلبة السوريون المسجلون في هذه المراكز مقيدون لدى الإدارات التعليمية المصرية، ويدرسون المناهج المصرية في المراكز التي تشرف الإدارات التعليمية عليها، ويلجأ الأهالي إلى تسجيل أبنائهم في مراكز تعليمية سورية حتى يتعلموا مع أبناء بلدهم كتعويض عن حالة الغربة ولسهولة الاندماج وجودة التعليم".

ويختم حامد بالقول: "أمام ارتفاع الأسعار الكبير هذا العام في معظم هذه المراكز أدعو أخوتنا السوريين إلى تسجيل أبنائهم في المدراس المصرية الحكومية الرسمية فالتسجيل فيها مجاني، وكذلك أدعو مالكي هذه المراكز إلى مراعاة ظروف أبناء بلدهم الصعبة، وتخفيض أقساطهم السنوية وبخاصة في حالة وجود أكثر من أخ مسجلين بذات المركز التعليمي، كذلك يوجد مراكز قليلة في أكتوبر (ضاحية قرب القاهرة) التسجيل فيها للطالب الواحد لا يتعدى 3500 جنيه مصري سنوياً، أنصح الأهالي بتسجيل أبنائهم فيها".



ترك تعليق

التعليق