لضمان المدخرات.. نشاط واسع في سوق عقارات السويداء


يتغير واقع العقارات في سوريا منذ العام 2011، ترتفع أسعارها وتنخفض وفقاً للعرض والطلب وتحت تأثير تأرجح قيمة العملة المحلية "الليرة السورية" أمام العملات الصعبة وغياب القانون الناظم، ونادراً ما يتّزن السوق بحيث تعود أسعار العقارات إلى ما قبل سنوات الحرب قياساً بسعر صرف الدولار الأمريكي.

في محافظة السويداء، جنوب سوريا، تشهد حركة سوق العقارات تحركاً بسيطاً مقارنةً بالسنوات الأربع الأخيرة المُصابة بركود شبه تام، حيث ولخصوصية المنطقة نزح إليها أكثر من 400 ألف سوري من كافة المحافظات هرباً من العنف والقصف والعمليات الأمنية الصادرة عن ميليشيات نظام الأسد، وجراء تكبّد النازحين مبالغ مرتفعة جداً لقاء إيجارات المنازل ازدادت عمليات شرائهم للعقارات، الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع كبير في الأسعار المتعارف عليها بالمحافظة، وتوسّع المساحات العمرانية على حساب مساحات الزراعة، إذ أنّ الكثيرون من أبنائها نتيجةً للحاجة في ظل فقدان سوق العمل استثمروا كلّ مترٍ يملكونه للبناء.

السيد "رياض أ" مستثمر في القطاع العقاري بمدينة "شهبا" قال لـ "اقتصاد" إنّ عمليات الشراء الحالية لا تقتصر على النازحين فقط، إنّما على أبناء المحافظة أيضاً، ومنهم المغتربون في الخليج العربي ودول أمريكا اللاتينية، منوّهاً أنّ سعر متر الأرض الواحد في مراكز مدن المحافظة "السويداء - المزرعة - شهبا" بقي مستقراً في حدوده العليا عند 25 ألف ليرة سورية لأكثر من عشر سنوات قبل العام 2011، ليرتفع في 2012 متجاوزاً 150 ألف ليرة سورية نتيجة ازدياد الطلب من قبل الوافدين، فشهدت المحافظة نهضةً عمرانيةً كبيرة استثمر خلالها أبناؤها كُلّ مساحة يستطيعون التخلي عنها من أراضيهم الزراعية، مما أدّى بعد فترة إلى زيادة آلاف الشقق غير الشاغرة، لينخفض السعر مُجدّداً بشكلٍ لافتٍ مسجلاً بين 80 ألف و 120 ألف للمتر الواحد، لا سيما مع عودة الكثير من الوافدين إلى ديارهم أو تغيير مكان استقرارهم.

"اقتصاد" رصد أسعار السوق، حيث عُرض مُوخّراً منزل بمساحة 120 متر وسط مدينة السويداء بمبلغ 13 مليون ليرة سورية، ومحل تجاري مساحة 55 متر في ذات المنطقة بمبلغ 8 مليون ليرة، ومنزل مساحة 145 متر في مدينة المزرعة بمبلغ 12 مليون ليرة، وأرض زراعية مساحة 1000 متر بالقرب من مدينة شهبا بمبلغ 45 مليون ليرة سورية.

أبناء محافظة السويداء يعتبرون الزراعة جزءاً من تاريخهم وتراثهم، وكان بيع الأرض في سنوات ما قبل الحرب يُعدّ نشاطاً نادراً و"عملاً ناقصاً" في نظرة مجتمعها المحلّي.

السيدة "فداء" تشعر بالندم لبيعها منذ ستة شهور أرضاً زراعيةً في أطراف مدينة المزرعة مساحتها 500 متر بمبلغ 8 مليون ليرة، بسبب عرضها حالياً من التاجر بأكثر من 20 مليون ليرة سورية وفقاً لما قالته لـ "اقتصاد".

وأشارت أنّها باعت أرضها جراء حاجتها الماسة لتأمين أبسط متطلبات الحياة والمستلزمات المعيشية، حالها حال الكثيرين من جيرانها الذين باعوا أراضيهم نتيجةً للعوز.

وتؤكد أنّ انخفاض قيمة الليرة حالياً والمخاوف من فقدان قيمتها بشكلٍ أكبر وانهيار موارد نظام الأسد، إضافةً لرغبة الناس المقتدرين بالدرجة الأولى في تأمين وضمان مدخراتهم والحفاظ على أرصدتهم، تُعد أهم أسباب الاقبال على شراء العقارات إن كانت "أراضٍ أو منازل"، لا سيما وأنّ أعمدة النظام المالية بدأت تتهاوى.

وأشارت السيدة "فداء"، أنها بالرغم من امتلاكها أرضاً في السابق، إلّا أنّها كانت عاجزةً عن إعمارها بسبب الارتفاع الحاد في أسعار مواد وكسوة البناء، لافتةً أنّ الحظ لم يسعفها في الماضي وعلى ما يبدو سيكون عاثراً في المستقبل للأسباب ذاتها.

الأرقام الأخيرة الرسمية الصادرة عن نظام الأسد تُنبئ بتردّي الواقع الزراعي في محافظة السويداء، حيث تراجعت المساحات المزروعة من 14 ألف هكتار إلى تسعة آلاف هكتار، ووفقاً لمصادر "اقتصاد" تراجعت المساحات القابلة للحصاد من محصول القمح والشعير أكثر من 60%، والحمص أكثر من 80%.

يُذكر أنّ سعر صرف الدولار الأمريكي بلغ نحو 700 ليرة سورية قبل أسبوعين، وسجّل انخفاضاً لاحقاً حتى 600 ليرة، ليعود مجدداً إلى ارتفاعٍ تدريجيٍ ناعم مع أنباء متواترة بتأكيد تجاوزه 1000 ليرة سورية في مطلع العام القادم.

ترك تعليق

التعليق