50 مليون ليرة يدفعها أهالي الرحيبة شهرياً.. ثمناً لمياه الشرب


تنفق مدينة "الرحيبة" في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق، ما يقارب 50 مليون ليرة سورية شهرياً، لشراء صهاريج المياه اللازمة في قضاء احتياجات سكانها الرئيسية اليومية، وذلك بحسب ما أكدّه أحد الموظفين الحكوميين العاملين في "وحدة المياه" الخاصة بالمدينة.

وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، في تصريح خاص لـ"اقتصاد"، إنّ مدينة "الرحيبة" تعاني منذ سنوات طويلة من أزمة شديدة في تأمين مصادر مياه الشرب، وقد ازداد الوضع سوءاً خلال أشهر فصل الصيف ليصل دور المياه على الشبكة الرئيسية إلى 50 يوماً وأكثر، ولا تتعدى تغذية الشبكة مدّة 12 ساعة في أفضل حالاتها.

وأضاف: "تراجع منسوب الآبار المغذية لمدينة (الرحيبة) كثيراً عمّا كان عليه قبل عشر سنوات، حتى أنّ بعضها جفّ، الأمر الذي زاد من اعتماد الأهالي على شراء صهاريج (نقلات) مياه الشرب، بما لا يقل عن صهريجين من الماء كل شهر، سعة كل صهريج منهما 5 متر مكعب، بسعر 1000 ليرة سورية للمتر المكعب الواحد، في حين تقدّر تكلفة المتر عن طريق عداد المؤسسة بحوالي 20 ليرة سورية".

وأشار المصدر ذاته إلى أنّ النظام اعتبر مدينة "الرحيبة" وما حولها مناطق ساخنة، فامتنع لخمس سنوات عن القيام بأي مشاريع من شأنها تحسين أو ترميم مصادر مياه الشرب في المدينة، وذلك بالرغم من النقص الشديد الحاصل في مياه الشرب، وقيام "وحدة المياه" بإرسال مئات الكتب والمناشدات للمحافظة و"مؤسسة المياه في ريف دمشق" لحفر آبار جديدة.

وكان لهذا المنع –كما يقول المصدر-آثار سلبية بالغة على مخزون المياه الجوفية في المنطقة، إذ اندفع الأهالي جراء حاجتهم للمياه إلى حفر عشرات الآبار العشوائية التي أُنفِق على حفرها وتجهيزها ما يقارب 200 مليون ليرة سورية، لكنها لم تدم طويلاً وسرعان ما تراجع منسوبها بعد وقتٍ قصير من حفرها.

فوارق كبيرة

وفي الوقت الذي تطالب فيه "وحدة المياه" في مدينة "الرحيبة" الأهالي بدفع 40 مليون ليرة سورية، كبدل مستحقات مالية "فواتير" مترتبة عليهم عن السنوات الفائتة، يشتكي أبناء المدينة من ارتفاع رسوم الجباية التي لا تتناسب مع كميات استهلاكهم من المياه في تلك الفترة.

واشتكى الحاج "أبو جميل" أحد أبناء مدينة "الرحيبة"، من الآلية المتبعة في "وحدة المياه"، لتحصيل قيمة "فواتير" المياه السابقة، وبيّن في حديثه لـ"اقتصاد" قائلاً: "اضطررت إلى دفع مبلغ 6000 ليرة سورية كرسوم مالية متأخرة عن كل دورة مياه من السنة الماضية، وهذا المبلغ يتجاوز كمية استهلاك عائلتي من المياه والتي تتراوح وسطياً بين 12 إلى 15 متراً كل 45 يوماً، أمّا قيمتها بالكاد تتجاوز 500 ليرة سورية عن كل دورة مع احتساب الرسوم الأخرى المفروضة على الفاتورة".

وأضاف: "عند تحصيل الرسوم يدفع المواطن الذي استهلك 15 أو 30 متراً من المياه، مثل ما يدفعه المواطن الذي لا يملك عداداً، وهذا أمر غير عادل فضلاً عن مخالفته للقانون، لذلك لابدّ من محاسبة الموظفين المسؤولين عن قراءة تأشيرات العدادات".

وللحدّ من آثار نقص المياه، يحرص الحاج "أبو جميل" باستمرار على تذكير أفراد عائلته بترشيد استخدامهم للمياه في مختلف الواجبات والأعمال المنزلية اليومية.

حلول ومصادر جديدة

ويجري الآن العمل على حفر بئرين باتجاه الشعبة الغربية من منطقة "الشميس" ذلك أنّ موقع الآبار الحالية كلها مستنزفة، وبالتالي كان لا بدّ -حسب المصدر-من التوجه إلى شعبة جديدة من الجبل بناء على توجيهات الخبراء الجيولوجيين، وعليه فقد تمّ تأسيس مشروع آبار جديد مزود بالكهرباء اللازمة لعمليات الضخ والتشغيل.

ولفّت المصدر إلى وجود مجموعة من العوائق تعترض تنفيذ المشروع الجديد منها: وعورة المنطقة وصعوبة الوصول إلى أماكن الحفر، إذ يتطلب الأمر شق طريق جبلي بطول 480 متر في صخور صوانية قاسية جداً؛ ما يعني مزيداً من الوقت والعمل والمازوت وأجور آليات الحفر.


وقامت بعثة من الإدارة العامة لـ"مؤسسة المياه" في الأيام القليلة الفائتة بإجراء سبر جيولوجي لحفر آبار جديدة في منطقة "الزور"، وذلك في إطار تأمين مصدر مياه رديف لمشروع الجبل.

ويقدّر عدد سكان "الرحيبة" في الوقت الراهن بـ40 ألف نسمة، وتمتلك المدينة منذ العام 1990 مشروعاً وحيداً للتزود بمياه الشرب، يُعرف بـ"الشميس"، ويقع إلى الشمال الغربي منها، وهو عبارة عن 12 بئراً جفَّ منها 7 آبار حتى العام 2016، حيث بدأت غزارتها تتراجع منذ العام 2012، لتصل إلى حوالي 200 متر مكعب، وحينها كان الدور على الشبكة الرئيسية بواقع 7 أيام خلال فصل الشتاء، وفي الصيف 15 يوماً.

ترك تعليق

التعليق