هل تسهم "المنطقة الآمنة" في خفض إيجارات البيوت والمحال التجارية في المناطق المحررة؟


في الآونة الأخيرة ارتفعت بصورة هائلة، إيجارات البيوت والمحلات في إدلب، ومناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، وفي "المحرر" بشكل عام. وينظر كثير من سكان تلك المناطق، بنظرة تفاؤل، حيال مشروع المنطقة الآمنة التي تنوي تركيا إنشائها في شمال شرق سوريا، علّها تُسهم في انخفاض أسعار وإيجارات البيوت والمحلات، بعد أن وصلت إلى مستويات خيالية في ظل موجات التهجير المتتالية من جنوبي إدلب وشمالي حماة.

"اقتصاد" أجرى عدة لقاءات مع سكان في إدلب، للنقاش معهم حول هذه الفكرة المتداولة بصورة ملحوظة، خاصة في الشارع الإدلبي. وكانت البداية مع المهندس المدني "صهيب"، الذي قال إن الغلاء في أسعار الإيجارات يرجع إلى عدة أسباب، أبرزها، زيادة عدد السكان في مناطق لم تكن مهيئة لاستقبال هكذا أعداد من الناس، إلى جانب، جشع واستغلال بعض أصحاب العقارات للمهجّرين، بهدف الربح الزائد.

وتابع "صهيب": "تركيا صرحت بأنها ستقوم بإنشاء وتجهيز بيوت لإيواء الناس المهجّرة الموجودة في تركيا وبعض دول الجوار لتأمين عودتهم إلى المنطقة الآمنة، مع خدمات كاملة من كهرباء وماء واتصالات وغيرها".

ويعتقد الأخير أن ذهاب الناس المُهجّرة إلى مناطق "نبع السلام" سيكون متاحاً إن كان هنالك بيوت فارغة، لأن عصابات "pyd" و"pkk" سترحل وتترك مكانها منازلاً ومساحات واسعة، لأصحاب الأرض، التي احتلتها منذ سنوات، حسب وصفه.

بدوره أكد الأستاذ "عماد المهباني"، مدير الشركة السورية الخاصة بالمقاولات، في تصريحات لـ "اقتصاد"، أن هنالك مؤشرات كبيرة تفيد بأن الأسعار سترتفع بدل أن تنخفض، وهنالك سببين رئيسين لذلك هما، الأول، أن تركيا مع الدول الأوروبية، سيعيدون ما يقارب 3 ملايين و600 ألف لاجئاً سورياً لديهم –حسب وصفه-، وبهذه الحالة يكون الطلب على البيوت والمحال التجارية كبير جداً لأن سوريا باتت اليوم منقمسة إلى قسمين، الأول بالمحرر والثاني عند النظام، ومناطق "المحرر" أصغر من مناطق النظام والعدد الموجود بـ "المحرر" 4 ملايين، وإذا عاد 3 ملايين و600 ألف لاجئ من تركيا وأوروبا، سيصبح الرقم ما يقارب 8 ملايين، أي ما يقارب عدد سكان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام حالياً.

أما السبب الثاني، والكلام لـ "عماد المهباني"، فهو أن أغلب الناس التي هُجّرت منذ سنوات إلى إدلب والباب وجرابلس وغيرها من المناطق، باتوا في استقرار شبه جزئي، ولديهم أعمال وبيوت، "وأعتقد أن الكثير منهم لن يذهب لمكان آخر".

وتمنى "المهباني" أن تتوسع المناطق بعد عملية "نبع السلام"، وتصبح المعيشة أرخص من جميع النواحي، لأن الناس أصابها نوع من اليأس بعد ارتفاع أسعار كل شيء من طعام وإيجارات بيوت وغيرها، وعدا عن ذلك، قلة فرص العمل.

ورأى محللون أن العملية العسكرية التي تقوم بها تركيا في شرق الفرات، تهدف إلى إنشاء "ممر سلام" ومنطقة آمنة يعود إليها المهجرون من كافة المحافظات، وأيضاً تخفيف الضغط عن تركيا التي تستقبل 3.5 مليون لاجئ سوري.

وفي استطلاع قام به "اقتصاد"، في أوساط بعض من تحدثنا إليهم بخصوص الطرح آنف التفصيل، قال لنا "أبو خالد"، وهو أحد مهجّري مدينة حمص، إنه يفضّل العودة إلى مدينته حتى لو وصل سعر إيجار المنزل إلى 100 ألف ليرة سورية شهرياً، لأنه "لا مكان بالعالم يعوض الإنسان عما نشأ وترعرع فيه"، وعقّب: "لكن الأمر يبدو أصعب من ذلك"، وأكد أنه إذا انتهت العملية (يقصد العملية العسكرية التركية)، بخير وسلام، وتمت السيطرة على تلك المناطق، سيفكر ملياً بالذهاب إلى هناك والبحث عن منزل وعمل جديد إذا كان ذلك متوفراً.

وفي نفس السياق، أضاف "لؤي"، صاحب مكتب عقاري ومهجّر من مدينة حلب، أن تحرير المناطق الخاضعة لقوات "قسد" سيُسهم كثيراً في انخفاض الأسعار، حسب وصفه، لأنها وصلت إلى حد غير معقول، مثلاً المحال التجارية في إدلب يصل سعر إيجارها الشهري إلى 300 دولار أي ما يعادل 194 ألف ليرة سورية، وحتى البيوت وصل إيجار البيت الفارغ شهرياً إلى 50 ألف ليرة شهرياً، والجميع يعرف ضعف إدلب من الناحية الاقتصادية، وحتى في مناطق الباب وجرابلس وإعزاز وغيرها، أصبحت أسعار إيجارات البيوت فيها، أضعاف نظيرتها في مدينة إدلب، لأنها مناطق آمنة.

وعبّر الكثير ممن تحدثنا معهم، ممن ينحدرون من مناطق بشمال شرق سوريا، عن تفاؤلهم بتحرير تلك المناطق من "عصابات الأحزاب الانفصالية" التي هجّرتهم من مناطقهم لعدة سنوات، وقال بعضهم إنهم "ينتظرون بالدقيقة" عودتهم سالمين إلى بيوتهم ومدنهم.

ترك تعليق

التعليق