قطاف زيتون درعا يبدأ، وتوقعات بانخفاض كبير في الإنتاج.. ما الأسباب؟


بدأت في محافظة درعا، عمليات قطاف الزيتون لهذا العام، وسط توقعات بانخفاض الإنتاج كماً ونوعاً، بسبب الظروف الصعبة، التي شهدتها المحافظة طيلة السنوات الماضية.

وتشير مصادر محلية، إلى أن الأمطار التي هطلت يومي 15 و16 و 23 من شهر تشرين أول الحالي، شجعت الفلاحين وأصحاب حقول الزيتون، على البدء بعمليات القطاف، بعد أن عملت الأمطار، على تنظيف الأوراق والثمار من الأتربة والغبار العالق بها، وهو ما كان ينتظره أصحاب الحقول في حوران، للبدء بعمليات القطاف.
 
مصادر في المحافظة، توقعت أن يشهد هذا العام تراجعاً ملحوظاً في كميات الثمار والزيت، وذلك بسبب خروج ملايين الأشجار المثمرة من عمليات الإنتاج خلال السنوات الماضية، نتيجة الاحتطاب، واليباس لعدم تمكن أصحاب الحقول من العناية بها، لقربها من جبهات القتال إضافة لتعرضها لعمليات قطع، وحرق ممنهجة على أيدي قوات النظام، بحجة اختباء الثوار فيها، الأمر الذي أسفر عن إبادة كم كبير من الأشجار، في مناطق عديدة في المحافظة.

وأضافت تلك المصادر، أن المحافظة خسرت خلال الحرب، أكثر من مليون و500 ألف شجرة، في طور الإثمار، من أصل نحو 6 مليون شجرة، مشيرة إلى أن الإنتاج تراجع من أكثر من 70 ألف طن، من الثمار و10 آلاف طن من الزيت في العام 2010، إلى نحو 22 ألف طن من الثمار، و3 آلاف طن من الزيت في العام الماضي، ومثلها كما يتوقع في العام الحالي.

وأكدت مصادر زراعية خبيرة أن هذا الفاقد في عدد الأشجار، وفي كميات الإنتاج، يحتاج إلى ما بين 5 و7 سنوات على الأقل، حتى تستطيع الأشجار المزروعة حديثاً تعويضه.

وبهذا الصدد يقول "قاسم. خ"، 46 عاماً، وهو موظف، إنه لن يستطيع تأمين مؤونة أسرته من ثمار الزيتون والزيت هذا الموسم، بعد أن كان يملك حقلاً يضم أكثر من خمسين شجرة، تنتج سنوياً نحو 8 تنكات من الزيت، إضافة إلى حاجة أسرته من ثمار المائدة.

ولفت إلى أن برميلاً متفجراً أسقطته طائرات النظام على حقله في المعارك الأخيرة، تسبب بتقطيع وحرق نحو أربعين شجرة زيتون، وإلحاق أضرار كبيرة بمنزله.

وأشار إلى أن شراء زيت الزيتون للاستهلاك المنزلي، أضاف هموماً ونفقات جديدة على كاهله، موضحاً أن دخله المتواضع جداً (40 ألف ليرة سورية) لن يستطيع أن يؤمن هذه النفقات.

فيما أكد "سالم الهزاع"، 49 عاماً، وهو من ريف درعا الأوسط، أنه وبسبب حاجته للمال من أجل الإنفاق على أسرته، اضطر إلى قطع مئات الأشجار من حقله، لبيعها حطباً ولاستخدامها في عمليات الطهو والتدفئة، مشيراً إلى أن إنتاجه من زيت الزيتون، كان يتجاوز الـ 40 تنكة سنوياً، يستهلك منها حاجته ويبيع الباقي.

ولفت إلى أن إنتاج حقله الآن، بالكاد يكفي مؤونته، وأحياناً يضطر لاستلاف تنكة أو اثنتين من جيرانه، على الموسم الجديد، لأنه لا يملك ثمنهما.

ويقول "أبو عبد الله"، 62 عاماً، وهو مدرس متقاعد: "الحرب غيرت كل شيء في حياتنا، بما فيها طقوس قطاف الزيتون، والتحضيرات له"، مشيراً إلى أن الحقول كانت في السابق تمتلئ بالناس، صغاراً وكباراً، وتتعالى خلال عمليات القطاف، المواويل وأهازيج الفرح، وتبادل الأحاديث الودية.
 
وأردف قائلاً: "أما الآن بالكاد تسمع صوتاً غير أصوات حفيف الأشجار، وأدوات القطاف"، لافتاً إلى أن الفرح أصبح طقساً في غير مكانه، والكل مشغول بهمومه، فالحرب غيبت الطقوس الجميلة، وغيرت النفوس، والكل بات يستعجل لانجاز عمله بأقصر وقت ممكن، "خوفاً من المجهول"، في إشارة  إلى الوضع الأمني الهش الذي تعيشه المحافظة جراء الانفلات الأمني.

قطاف الزيتون، الذي يدخل في إطار الأعمال الموسمية، يؤمن في كل عام، عشرات فرص العمل، لطالبي العمل من الشباب، والنساء، في المحافظة.
 
ويقول "ساجد. ص"، وهو طالب جامعي: "في ظل انحسار فرص العمل وارتفاع نسب البطالة، التي يعاني منها أهالي درعا، يحاول عشرات الشباب العمل في الأعمال الزراعية الموسمية، بهدف تأمين احتياجاتهم الخاصة على الأقل"، مشيراً إلى أنه مع مجموعة من أقرانه، شكلوا ورشة تتكون من نحو 12 شخصاً، للعمل في الأعمال الزراعية المختلفة.
 
وأضاف أن الورشة تعمل في جميع الأعمال الزراعية الموسمية، وحسب موسم كل محصول، ومن ضمنها قطاف الزيتون، موضحاً أن العامل يتقاضى يومياً ما بين 2000 و2500 ليرة سورية مقابل 8 ساعات عمل.

وحول أجور العصر، أشار صاحب إحدى المعاصر إلى أن المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة، التابع للنظام، حدد أجرة عصر الكغ من ثمار الزيتون بـ 17 ليرة سورية، للكميات التي تزيد عن 500 كغ، و20 ليرة سورية للكميات التي تنقص عن ذلك.

وأوضح أن أجرة نقل الكغ من ثمار الزيتون إلى المعصرة، تزداد وتنقص حسب بعد المنطقة عن المعصرة أو قربها منها، وهي تتراوح ما بين 20 و25 ليرة للكغ الواحد.

وحول إنتاج ثمار الزيتون من الزيت ونسبة العصير، قال إن كل 75 كغ من ثمار الزيتون، تنتج "تنكة" زيت زنة 16 كغ في بعض الحقول، فيما بعضها يحتاج إلى أكثر من 120كغ لإنتاج "تنكة" حيث يعود ذلك للعناية ونوعية الزيتون.

وتتراوح أسعار الكغ من ثمار الزيتون الخاصة بالتخليل، ما بين 350 ليرة سورية للزيتون الأخضر، و500 ليرة سورية للأسود، أما سعر "تنكة" زيت الزيتون سعة 16 كغ فيصل إلى نحو 25 ألف ليرة سورية.

ترك تعليق

التعليق