من قصص الفقر في إدلب


"كل يوم أذهب وأبحث في القمامة عن الكرتون والبلاستيك، وأجمعها وأضعها في البيت استعداداً لفصل الشتاء.. لأن مادة المازوت غير متوفرة وإذا توفرت ليس لدي المال لأشتريها بسبب غلاء ثمنها"، هكذا بدأ "أبو صالح"، 53 عاماً، القاطن في مدينة إدلب، حديثه لـ "اقتصاد"، مع قدوم فصل الشتاء الذي ترافق مع ارتفاع في الأسعار بشكل غير مسبوق، وانعدام شبه كامل لمادة المازوت.

يتابع: "اليوم نحن في إدلب نعيش كارثة حقيقية في كل شيء، وأنا أعمل على بسطة صغيرة أبيع فيها البليلة (الذرة) ولدي 4 أولاد وبالكاد أستطيع تأمين المعيشة اليومية. كل شيء في إدلب غالي الثمن إلا الإنسان".

ويستطرد "أبو صالح" في سرد قصته لنا: "بدأت البحث عن الكرتون والبلاستيك وأكياس النايلون بغرض التدفئة لأنه لا يوجد مازوت وحتى جرة الغاز أصبح سعرها 6800 ليرة سورية، وإذا أردت التدفئة عليها لا يوجد لدي مدفأة خاصة بالغاز بسبب سعرها المرتفع الذي يصل إلى 50 دولار أميريكي أي ما يقارب 35 ألف ليرة سورية، وبالكاد أستطيع تحصيل جرة بالشهر للطبخ، وحتى الحطب اليوم يصل سعر الواحد كغ إلى 100 ليرة سورية أو أكثر ولا أقوى على شرائه بسبب قلة مدخولي الذي لا يتعدى باليوم الواحد 1000 ليرة سورية".

وأضاف "أبو صالح": "نحن اليوم في إدلب بخطر كبير من تفشي الجوع والفقر وقلة العمل وارتفاع كبير بسعر الدولار مقابل الليرة السورية، وأعتقد إن استمر هذا الوضع بالتراجع وتدني الوضع المعيشي وغلاء الأسعار، سيُجبر العاطلون عن العمل على التفكير ملياً بأمور سلبية تسيء للمجتمع"، حسب وصفه.

"اقتصاد" تحدث إلى طفلٍ لا يتعدى عمره الـ 8 سنوات، كان يبحث في حاوية القمامة عن البلاستيك والكرتون للتدفئة، قال لنا: "أنا أبي استشهد ونحن 5 أخوة، ولا يوجد أحد يساعدنا غير رب العالمين. وأنا أجمع مخلفات الناس من بلاستيك وكرتون وآخدها إلى البيت ونتدفئ عليها".

وعقّب الطفل قائلاً: "كل يوم أذهب إلى الحاوية القريبة من المطاعم وأبحث عن شيء نأكله أنا وأخوتي من الأكل الزائد الذي ترميه المطاعم من أرز وبطاطا وغيره".

بدوره أكد "حسن"، شاب مهجر من مدينة حلب، على أن الوضع المعيشي لم يعد يحتمل بكافة أشكاله، "فاليوم كل شيء غالي، وأنا متزوج ولدي طفل واحد وأعمل على بسطه صغيرة في السوق وأتقاضى باليوم الواحد 1500 ليرة سورية".

وتابع الأخير: "نحن اليوم في حرب عالمية علينا والوضع الإقتصادي في إدلب تحت الصفر، وأبسط مقومات الحياة أصبحت معدومة وحتى مازوت للتدفئة غير متوفر، وإذا توفر سعر الليتر الواحد فوق الـ 500 ليرة سورية، وأنا واحد من الناس ليس لدي القدرة على شراءه أبداً، لأني بالكاد أستطيع تأمين إيجار البيت، وأعيش على الأرز والبرغل أغلب أيام الشهر".

وفي ختام حديثه لـ "اقتصاد" وجّه "حسن" رسالة لكل مسؤول في المناطق المحررة، "الناس تعبت وما بقي في شي نقدر عليه وحتى فرصة عمل جيدة لا توجد لتغطية تكاليف المعشية اليومية التي أصبحت صعبة جداً أو شبه مستحيلة".

 وعقب في الختام: "بدنا حل".

وتشهد المناطق المحررة في شمال غرب سوريا، هذه الأيام، شُحاً في مادة المازوت التي تعد الأهم في فصل الشتاء، ناهيك عن ارتفاع سعر الدولار الأميريكي أمام الليرة السورية والذي تخطى الـ 740 ليرة للدولار الواحد في إدلب ومحيطها.

ترك تعليق

التعليق