مازوت "كردستان العراق" بديل عن مازوت "الحرّاقات"، بريف حلب


يعاني سكان ريف حلب الشمالي والشرقي، ومنذ عدّة أسابيع، صعوبة بالغة في تأمين مادة المازوت المخصصة للتدفئة في فصل الشتاء، نتيجةً لانقطاع واردات النفط الخام القادم من مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية - قسد"، مما دفع بالمجالس المحلية هناك إلى تدارك الوضع والبحث عن بدائل مناسبة لحلِّ الأزمة.

في هذا الشأن قال "عبد خليل" رئيس المجلس المحلي في مدينة "جرابلس"، في تصريح خاص لـ"اقتصاد" إنّه تمّ استيراد مادة المازوت من إقليم "كردستان العراق"، وذلك عن طريق شركة تركية خاصة، تتولى مهمة نقله وإدخال شحناته المُتفق عليها من خلال معبر "جرابلس" الحدودي مع تركيا، مرجعاً السبب وراء ذلك إلى انقطاع مازوت الحراقات الذي كان يدخل إلى "درع الفرات" من مناطق أخرى، في إشارة ضمنية منه إلى المناطق الخاضعة لسيطرة "قسد".

وأضاف أنّ "كميات توريد مادة المازوت المستورد من العراق غير محدودة"، وسيستمرون فيها، وقد جرى تحديد سعر بيعه إلى القطاع العام بـ 3.15 ليرة تركية لليتر الواحد، بينما سيقوم "محلي جرابلس" بتزويد أفران المدينة وريفها بحاجتها من هذه المادة وبسعر مدعوم يقدّر بثلاث ليرات تركية.

وبحسب "خليل" فإنّ "محلي جرابلس" فتح باب التسجيل أمام التجّار وأصحاب محطات الوقود "الكازيات" الراغبين بشراء هذه المادة بكميات كبيرة من أجل العمل على تزويدهم بها عن طريقه.

ماذا عن أسعار المازوت؟

وحول أسعار المازوت في ريف حلب المحرر، أوضح "أبو علي السراوي" وهو تاجر محروقات يقيم في مدينة "الباب"، أنّ سعر الليتر الواحد من المازوت المحلي المكرر يتراوح في الوقت الراهن بين 450 و500 ليرة سورية، والبرميل سعة 220 ليتر بين 100 و110 آلاف ليرة سورية، وذلك تبعاً لجودته وكمياته المتوفرة في السوق.

وأردف: "يُباع الليتر الواحد من المازوت القادم من (كوردستان العراق) في محطات الوقود الخاصة، بسعر3.25 ليرة تركية، وهذه القيمة يتم تقدريها بالسعر المحلي وفقاً لسعر صرف الليرة السورية، في وقتٍ ما تزال فيه الأجور والمعاملات التجارية بالمناطق المحررة مرتبطة بالعملة المحلية".

ويمتاز المازوت العراقي –كما يقول السراوي لـ "اقتصاد"- بأنه خفيف، وهو جيدٌ في حال استخدم للآليات الحديثة، لكنه سريع الاحتراق إذا ما استخدم للتدفئة، مما يعني استهلاكاً أكثر منه لتأمين الدفء؛ وبالتالي فهو غير اقتصادي ومكلف بالنسبة لغالبية أهالي المنطقة.

ونوّه كذلك إلى أنّ المازوت الأوربي بديل آخر لمازوت "الحراقات" في أسواق ريف حلب المحرر، وهو متوفر دائماً، لكن أسعاره مرتبطة بسعر صرف الدولار، ويصل سعر الليتر منه حالياً إلى 650 ليرة سورية، ما يجعله صعب المنال وخارج حسابات الأسر التي أنهكها النزوح وانتشار البطالة وقلة فرص العمل.

آثار سلبية

من جانب آخر يرى "محمد أبو رباح" وهو تاجر محروقات آخر يقطن في مدينة "أعزاز"، أنّ معضلة المازوت لا يبدو أنّه من الممكن حلها في المدى المنظور، ولا سيما بعد الضربات الجوية الروسية الأخيرة التي استهدفت أبرز حراقات تكرير النفط في أنحاء متفرقة من ريف حلب المحرر.
وأضاف لـ"اقتصاد" قائلاً: "ترك انخفاض كميات المازوت الواردة إلى ريف حلب الشمالي، آثاراً سلبية على مفاصل الحياة العامة التجارية والصناعية في المنطقة، الأمر الذي ألحق أضراراً جسيمة بالكثير من أصحاب المعامل والورش والتجّار الذين اضطروا إمّا إلى التوقف عن مزاولة نشاطهم لبعض الوقت، أو أنّهم قلصوا من ساعات العمل لتنحصر باستكمال التزامات (طلبيات) قديمة مترتبة عليهم".

واستدرك بالقول: "أثر نقص وارتفاع سعر المازوت سلباً على شريحة واسعة من الأهالي وخصوصاً النازحين الذين بالكاد يستطيعون توفير قوت يومهم، حيث زاد من إيجارات السكن وأجور خدمات النقل والكهرباء، بالإضافة إلى أنّه رفع من أسعار الخبز والمواد الغذائية الرئيسية، في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية".

وتشهد مناطق متفرقة في الشمال السوري ومنذ حوالي 40 يوماً نقصاً كبيراً في مادة المازوت، نظراً لعدم توفر مادة "الفيول" التي كان يتم الحصول عليها من مناطق سيطرة "قسد"، ومن ثمّ يتم تكريرها وإعادة بيعها في أسواق المنطقة، وما زاد الطين بِلِّة، قبل أيام، قيام طائرات- رُجِح أنّها روسية- بقصف "حراقات" تكرير نفط بدائية تقع في قريتي "ترحين" بريف مدينة "الباب"، و"الكوسا" جنوبي "جرابلس"، بأكثر من 10 غارات جوية، الأمر الذي أدّى إلى تدمير عددٍ كبير من الحراقات ومقتل خمسة عمال.

ترك تعليق

التعليق