دمشق قبل تنفيذ "سيزر": لا معيشة أقسى مما هو موجود، فكيف سيكون الآتي؟


لا تتناول "سعاد" لحم الغنم إلا في عيد الأضحى، وكذلك المئات من سكان العاصمة دمشق الذين سئموا من الحياة الشاقة بكل معنى الكلمة في عاصمة النظام.

تختار سعاد أسوأ نوعية سمنة بغية تخفيف النفقات اليومية. تتعب يومياً وهي تتجول بين متاجر الخضار لشراء أرخص أصناف الخضراوات. بينما تمتنع تماماً عن شراء الفاكهة لأنها باهظة الثمن وراتب زوجها الموظف الذي لا يتجاوز 60 ألف ليرة (66 دولار) لا يكفي لشراء الخبز والخضار وأجرة المواصلات.

ليست سعاد وحدها من يعيش هذه الحياة في دمشق. تقول "منال" وهي سيدة أخرى تعيش في العاصمة إنها مضطرة للاعتماد على طبخة واحدة كل ثلاثة أو أربعة أيام. حاربت منال لحم الغنم والفاكهة عدا الحمضيات كونها أرخص ثمناً. لم تمتنع عنها بسبب حمية صحية أو عدم الرغبة في تناولها، بل لأن "الأسعار لم تعد طبيعية وتقليص النفقات غدا واجباً إجبارياً لمعظم سكان العاصمة"، حسبما تخبرنا منال.

يروي "عدنان"، وهو خمسيني يعيش في العاصمة، أن دمشق لم تشهد أياماً كهذه حتى في ثمانينات القرن الماضي أيام الحصار الاقتصادي الذي أطبق على سوريا.

"كموظفين؛ لم تعد رواتبنا تكفينا أكثر من 5 أيام"، يقول عدنان. سلاح المقاطعة كان حاسماً. وأغلب المواد التي كان المواطن السوري يعتبرها ضرورية غدت اليوم، وفي ظل غلاء معيشي لا يرحم؛ مجرد مواد ترفيهية يمكن الاستغناء عنها.

عندما يشتري عدنان لحم الدجاج يلجأ لشراء القطع الأرخص من جسم الدجاجة مثال الجوانح والقوانص والرقبة. وتقليص الكمية معادلة هامة وناجحة -كما يؤكد- وذلك لتفادي ذل الحاجة والاقتراض قبل نهاية الشهر.

كغيره من السكان يحاول "سعيد" تخفيض نسبة المازوت النازل إلى المدفأة على قدر الإمكان. فالليتر الذي كان يستخدم للحصول على ساعتين أو ثلاث من الدفء بات يمتد لعدد مضاعف من الساعات. بتهكم وسخرية مُرّة، يعلّق سعيد: "لو أعلم أن تلاوة القرآن على المازوت يزيد من كميته؛ لتلوت عليه كل يوم سورة البقرة!".

حصل السكان على مخصصات من المازوت لا تكفي لأسبوعين أو ثلاثة. يقول سعيد: "ماذا تفعل 100 ليتر في مواجهة شتاء بارد وقاسي؟".

لمواصلة الحصول على الدفء يلجأ بعض السكان إلى السوق السوداء حيث يشترون المازوت بأسعار مضاعفة عن سعر البطاقة الذكية الذي لا يتجاوز 200 ليرة.

بينما يعتمد سكان على الحطب كوسيلة للتدفئة.

تحاول "غادة" الاستفادة لأكبر قدر ممكن من ساعتي الكهرباء التي تعمل بعد كل 4 ساعات من الانقطاع. في هاتين الساعتين تعتمد على مدفأة الكهرباء بينما تلجأ إلى مدفأة المازوت ذات الشعلة الضئيلة بسبب تخفيف ضخ المازوت إليها خلال ساعات الليل المتبقية. أما في النهار فـ "تشغيل المدفأة ليس سوى نوعاً من الترف!"، تقول غادة.

الحصول على مادة الغاز بات كالحلم المستحيل بالنسبة لسكان مقيدين بقيود ندرة المواد الأساسية، كسكان العاصمة.

ينبغي الوقوف في طابور طويل. والانتظار والانتظار ثم الانتظار.. وإلا فعلى من يصاب بالملل التوجه -كالعادة- إلى السوق السوداء لشراء جرة واحدة بـ 10 آلاف ليرة و"بمنية كبيرة"، كما يتندر أحد السكان.


ترك تعليق

التعليق