كيف تأثرت أسواق ريف حلب بالتصعيد العسكري في إدلب؟


تعيش أسواق أرياف حلب حالة ركود غير مسبوقة، كبدت أصحاب المحال خسائر كبيرة، وذلك على الرغم من استقبال هذه المناطق لأعداد كبيرة من نازحي ريف إدلب.

ويُرجع مراقبون ذلك الركود إلى أسباب عدة، منها القلق الشعبي مما يجري من تصعيد عسكري في إدلب، والأوضاع العسكرية غير المستقرة، ومنها ما هو متعلق بالغلاء جراء تراجع سعر صرف الليرة السورية.

أستاذ الاقتصاد في جامعة حلب الحرة، الدكتور عبدالله حمادة، اعتبر أن وصول أعداد كبيرة من النازحين من إدلب إلى منطقتي عمليات "درع الفرات، وغصن الزيتون"، زاد منسوب القلق الشعبي في هذه المناطق.

وفي حديثه لـ"اقتصاد"، أوضح أن الأوساط الشعبية تشعر بالضيق لعدم مقدرتهم على مساعدة الأعداد الكبيرة من النازحين الذين يصلون المنطقة تباعاً، وانعكس ذلك على حركة الأسواق بشكل مباشر، التي تراجعت بشكل كبير، وباتت مقتصرة على الضروريات فقط.

ومن المعهود أن زيادة السكان في المنطقة من شأنه تحسين الوضع الاقتصادي، لكن هذا لا ينطبق على الحالة التي أمامنا، بحسب حمادة، الذي أوضح قائلاً: "الغالبية العظمى من المهجرين، لا يمتلكون القدرة على الإنفاق أصلاً".

وعن الحلول المتوفرة، يرى حمادة أن الحل يكمن في المشاريع الصغيرة، التي تعتمد على المواد الزراعية المتوفرة بكثرة في المنطقة، كمواد أولية.

وحسب حمادة، فقد أسهم غياب السلطة الموحدة لهذه المناطق في تردي الأوضاع الاقتصادية، وعلّق بقوله: "المجالس المحلية تعمل بشكل فردي، ولا تخطيط فيما بينها لتنفيذ ودعم مثل هذه المشاريع، بينما لا تمتلك الحكومة المؤقتة القدرة على تمويل مثل هذه المشاريع، وكل ذلك انعكس سلباً على حركة الأسواق".

مصدر من أحد المجالس المحلية، حمّل في حديثه لـ"اقتصاد" منظمات المجتمع المدني مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية في أرياف حلب، وقال: "لا زالت أنشطة هذه المنظمات تُوجه دعمها نحو قضايا ثانوية مثل الحوكمة والشفافية والدعم النفسي وما إلى ذلك، بينما الأولى دعم المشاريع الصغيرة".

وأضاف: "في كل اجتماع تعقده المجالس المحلية مع المنظمات، يتم الطلب من الأخيرة التوجه لدعم المشاريع الصغيرة، لكن على ما يبدو هناك قرار من الداعم بعدم القيام بذلك". 

وإلى جانب ما سبق، من عادة أسواق المنطقة الدخول في حالة ركود في أشهر الشتاء، حين يتراجع العمل الزراعي الذي تُشتهر به المنطقة.

وأدى ارتفاع سعر المحروقات، إلى تراجع العمل الزراعي بشكل كبير، حيث تراجعت كثيراً مساحة المزروعات المروية التي تتطلب اليد العاملة، على حساب الزراعات البعلية (القمح، الشعير، العدس، الكمون) التي لا تحتاج إلى اليد العاملة كثيراً.

وكان مدير عام مؤسسة إكثار البذار التابعة للحكومة المؤقتة، المهندس الزراعي معن ناصر، اعتبر في حديث سابق لـ"اقتصاد" أنه لم يعد بمقدور المزارعين تحمل المزيد من الخسائر، نتيجة ارتفاع سعر المحروقات، وتدني سعر صرف الليرة السورية.

وأضاف أن ارتفاع تكاليف الزراعة المروية، أدخل غالبية المزارعين في أزمة، قد توقفهم عن متابعة العمل بالزراعة، محذراً من النتائج الكارثية الناجمة عن انخفاض مساحة الزراعات المروية، وفقدان عدد كبير من الناس لموارد رزقهم وعدم قدرتهم على الصمود لفترة أطول، وكذلك ارتفاع نسبة البطالة، لا سيما وأن المحاصيل المروية توفر فرص عمل لعدد كبير من العاملين.

ترك تعليق

التعليق