الفوعة.. خيارات النزوح محدودة، وسط بحر من الإشاعات الكاذبة


(نشير إلى أن هذه المادة تم إعدادها قبل الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، في موسكو، برعاية روسية – تركية، مساء يوم الخميس).

بسبب فقره وعجزه عن تأمين مسكن بأجرة تتجاوز 100 دولار (106 آلاف ليرة سورية) لجأ "كمال" لإيواء زوجته وأطفاله الثلاثة في خيمة جماعية للنساء على الحدود السورية-التركية. فظروف قرية "الفوعة"، وهي منطقة قريبة من خطوط الاشتباك شرقي إدلب، جعلت الإقامة فيها خطرة للغاية.

كانت ليلة الثاني من آذار قاسية على سكان البلدة التي يقطنها مهجرون معارضون للنظام من معظم المحافظات السورية. وأدت الغارات الحربية لمقاتلات روسية بصواريخ شديدة الانفجار على أحياء سكنية وسط القرية إلى سقوط 11 شهيداً وعدداً من الجرحى. بينما عاش المئات الذين لا يزالون يقيمون في القرية على الرغم من موجات النزوح المتكررة حالة رعب وقلق لا سيما مع تفشي الإشاعات حول ضربات محتملة.

وقال أحد سكان القرية لـ "اقتصاد": "الجو العام يدعو للقلق فهناك من يبث إشاعات كاذبة لتضليل السكان".

وتابع: "البارحة (الأربعاء) عمّ القلق جميع السكان إثر نبأ تداولته غرف على واتساب حول ضربة مشابهة ستشنها المقاتلات الحربية الروسية على البلدة. وهذا ما جعل معظم السكان يخلونها ليلاً".

وفي ظل أزمة السكن الراهنة وندرة البيوت وارتفاع إيجاراتها تبدو خيارات سكان المنطقة -وهم من السكان الأشد فقراً- محدودة للغاية.

"سعيد" الذي ترك البلدة منذ يومين، قال إنه يقيم حالياً وبشكل مؤقت في منزل أحد أصدقائه بمدينة إدلب.

"علينا حماية الأطفال والنساء لكن ما باليد حيلة"، يقول "سعيد" بينما بدت ملامح الارتباك والتوتر بادية بوضوح على ملامحه وتشنجات يديه.

يتابع سعيد: "الطيران لا يرحم. والحدود أيضاً لا ترحم بسبب غلاء الايجارات لذلك خياراتنا تتراوح بين السكن المؤقت عند معارفنا أو اللجوء إلى المخيمات الجماعية".

يحاول "محمد" مغادرة القرية دون العودة إليها حتى في حال "هدأت الأوضاع"، وذلك بسبب حساسية بلدة الفوعة كون سكانها الأصليين من الشيعة ما يجعل السكان الحاليين عرضة للكثير من الإشاعات والضغوط النفسية.

وجد "محمد" منزلا بـ 100 دولار شهرياً في مدينة الباب بريف حلب الشمالي. يوضح خلال حديث لـ "اقتصاد": "المبلغ كان كبيراً لكن ما يهمني هو إخراج أسرتي من هذا الجو المخيف حقاً".

تعرضت الفوعة لعدة غارات حربية بعد سيطرة النظام على مدينة سراقب في شباط الماضي دون وقوع ضحايا. لكن القصف المكثف -لمدة ساعة تقريباً- الذي جرى بداية آذار كان مختلفاً كما يشير السكان فقد أدى لتدمير حارات كاملة ودفن سكانها تحت الأنقاض.

ويتناقل السكان خرائط لنقاط يخطط النظام أو روسيا لاستهدافها. ولا يوجد أي تأكيد على صحة مثل هذه الخرائط.

ويبدو أن المسألة لا تتجاوز الحرب النفسية التي تستهدف السكان.

ترك تعليق

التعليق