عقارات تدمر في قبضة وسطاء معدودين.. أبرزهم "وليد البطمان"


أجبرت ظروف الحرب المواطن التدمري الملقب بـ "أبو مسبحة" على بيع منزله المكون من طابقين بمبلغ لا يتجاوز الـ 7 آلاف دولار رغم أن المنزل الواقع وسط المدينة كان يساوي أكثر من 50 ألف دولار قبل دخول تنظيم "الدولة الإسلامية" إليها عام 2015. وكان حلم الرجل الستيني أن يترك لأولاده بيتاً يؤوون إليه ولكن هذا الحلم تلاشى وبات بعيد المنال بعد أن دمر النظام بيوت المدنيين وجزءاً من منزله.

 وقصة "أبو مسبحة" هي مثال عن حال المدينة التي شهدت معارك طاحنة خلال السنوات الماضية ولم تعد سوقاً للعقارات في ظل وجود ما لا يزيد عن 450 عائلة من أهلها فقط، فيما نزح الأكثرية نحو حمص وريف إدلب وتركيا ومخيم الركبان، وباتت أملاك المدينة العقارية محكومة من قبل قلة من السماسرة الموالين للنظام وممن يعملون لصالح المليشيات الإيرانية المسيطرة على المدينة في ظل مشروعها الإستيطاني المعروف بـ /فجر3 الذي يهدف لافتتاح طريق بين إيران والعراق مروراً بسوريا وصولاً إلى الضاحية الجنوبية في بيروت. ونظراً لمعارضة الدول الغربية للتواجد الإيراني في سوريا كان لزاماً عليهم شراء العقارات لتثبيت موطئ قدم لهم في الأراضي السورية مستقبلاً-وفق ناشطين-.

وروى الناشط "أحمد الخلف" لـ"اقتصاد" أن حركة البيع والشراء للعقارات تكاد تكون معدومة ولا يوجد إقبال عليها في مدينة تدمر وإذا حصلت عمليات بيع أو شراء فهي تتم عن طريق وسطاء معدودين ومنهم "وليد البطمان" وهو أحد أبناء المدينة المتنفذين والمرتبطين بالنظام والمليشيات الإيرانية، ويكون الشراء عادة بأسعار بخسة لأن أكثر الناس-كما يقول- بحاجة ماسة للمال في ظروف النزوح أو اللجوء فيقومون بتسليمه طابو العقار سواء كان منزلاً أو محلاً ويسلمهم المبلغ المتفق عليه وهو غالباً ما يكون دون ربع السعر الحقيقي.

 ولفت المصدر إلى أن البيع لغير "البطمان" أشبه ما يكون بالمعجزة بالنسبة للمتواجدين خارج سوريا لأن بائع العقار يحتاج حينها لموعد في القنصلية ثم تقوم القنصلية بطلب موافقة أمنية وأغلب المتواجدين في تركيا يتخوفون من ذلك وبالتالي فالموافقة غير مضمونة، وربما يُطلب منهم الحضور إلى سوريا لتثبيت ملكياتهم وهو أمر محفوف بمخاطر الإعتقال لأن النظام ببساطة يعدهم خارجين عن طاعته.

وترفض قوات الأسد بشكل قاطع عودة المهجرين من أهالي مدينة تدمر لغاية الآن على الرغم من الظروف الإنسانية والمعيشية التي يمرون بها خلال نزوحهم في مخيم الركبان على الحدود العراقية السورية أو في الشمال السوري المحرر أو دول اللجوء كافة وحتى بالنسبة لمن هم في مناطق سيطرة الأسد في كل من حمص ودمشق، باستثناء كبار السن وبعض من عادوا تحت ضغط التهديد والوعيد، وهؤلاء يمثلون الموظفين في قطاع الخدمات، ممن يحتاج إليهم النظام ومرتزقته للإشراف على قطاعات الماء والكهرباء وسواها.

وأشار الخلف إلى أن تدمر تخلو الىوم من أي أعمال إنشائية جديدة وكل ما يجري مجرد ترميم للمنازل المتضررة بفعل المعارك والقصف، لافتاً إلى أن أكثر من 85% من منازل المدنيين في المدينة طالها الحرق من الداخل والخارج نتيجة حقد الميلشيات الإيرانية على سكان المدينة.

ونوّه المصدر إلى أن النظام أعاد الكهرباء والماء إلى مركز المدينة قرب جامع الساحة الكبير وهذا ما يفسر تواجد أغلب سكان تدمر حالياً في تلك المنطقة، ورغم أن النظام يزعم من خلال وسائل إعلامه بأنه يجري أعمال صيانة ونظافة وإزالة للسواتر في منطقة المتحف وبعض المدارس إلا أن الوضع هناك لا زال على حاله منذ سنوات.

 وأكد محدثنا أن أسعار العقارات والايجارات زادت مع بداية الثورة والنزوح من المدن إلى تدمر حيث كانت المدينة تضم أكثر من ٥٠ ألف نازح من مركز مدينة حمص وما حولها ولكن هذه الأسعار تراجعت بعد دخول تنظيم الدولة في 2015 حيث تعرضت المدينة لحملة قصف همجية أثرت على البنية التحتية والكثير من المنازل تهدم أو تصدع وبعضها أصبح أثراً بعد عين، وبعد استيلاء قوات النظام والإحتلال الروسي على المدينة لم تهتم هذه القوات بإزالة الألغام في مدينة تدمر عبر تفكيكها، بل عبر تفجيرها، وهو ما أدى إلى إحداث أضرار كبيرة في بيوت المدنيين، التي كانت قد تعرضت أصلاً إلى قصف وحشي من طائرات النظام والطائرات الروسية، وما لم يتهدم من هذه المنازل أحرقه شبيحة النظام بعد نهب محتوياته من أثاث وغيره وحتى أسلاك الكهرباء لم تسلم من شرهم وبالتالي تراجعت حركة بيع وشراء العقارات في تدمر.

ترك تعليق

التعليق