قطايف الدبس.. الحلوى الشعبية الأكثر رواجاً بين أهالي القلمون في الشتاء


تشتهر منطقة "القلمون الشرقي" بريف دمشق، بتنوع أكلاتها الشعبية التي تمتاز ببساطتها؛ ومنها أكلة قطايف الدبس "السيالات" التي يداوم أهالي المنطقة على إعدادها وتناولها طوال أشهر فصل الشتاء الباردة، لسهولة تحضيرها واقتصار مكوناتها على الطحين والماء.

في هذا الشأن، قالت السيدة "أم براء" وهي ربة منزل في 55 من عمرها، من مدينة "الرحيبة"، في تصريح لـ"اقتصاد" إنّ غالبية العائلات في منطقة "القلمون الشرقي"، تواظب على تحضير وتناول حلوى قطايف الدبس "السيالات" خلال فصل الشتاء، نظراً لما تمنحه لجسم الإنسان من طاقة كبيرة ودفء في أوقات البرد، وذلك لارتفاع نسبة السكر فيها، واحتوائها على بعض أنواع المكسرات التي تضفي عليها طعماً خاصاً.

وأضافت: "تعود أصول هذا الصنف من الحلويات إلى عشرات السنين، إذ اعتاد أبناء منطقة (القلمون) على إعداد (السيالات) كطبقٍ فريد يغني الجلسات والسهرات الشتوية، وذلك ضمن طقوسٍ خاصة وأجواء عائلية مميزة؛ فعادةً ما تُبنى سهرات فصل الشتاء على الوعد بأكلة (سيالات) يجتمع عليها عددٌ كبير من الأقارب والأصدقاء".

وأشارت "أم براء" إلى أنّ "السيالات" سهلة الصنع، قليلة التكاليف لأنّ مكوناتها الأساسية تقتصر على الطحين والماء، وقلما نجد ربّة منزل في المنطقة لا تتقن إعدادها وفقاً للطرق التقليدية المتوارثة عن الأجداد.


وعن كيفية إعداد "السيالات" ومحتوياتها، أشارت "أم محمد" وهي مدرسة متقاعدة من مدينة "جيرود" المجاورة، إلى أنّها تُصنع من مواد قليلة التكاليف وبسيطة للغاية؛ فهي تقوم على الطحين (سعر الكيلو 500 ليرة سورية) والماء فقط، حيث يخلطان جيداً ليُكوِنا معاً مزيجاً سائلاً متجانساً، بعدها يُصبّ المزيج بمقدار معين على قطعة معدنية ساخنة "صاج" أو في مقلاة "تيفال"، فتسيل وتأخذ شكلاً دائرياً متماسكاً، ثمّ تترك وتقلب على الوجهين حتى تنضج، وتُنزع بعدها عن طريق مقشط معدني.


وأوضحت "أم محمد" لـ"اقتصاد" قائلة "تدهن (السيالات) ببعض الزبدة أو السمن العربي قبل أن تبرد، ثمّ توضع على شكل طبقات في صحون التقديم، إمّا كما هيّ أو عبر لفّها على شكل مبروم، ثمّ تُؤكل بعد أن يُصب عليها دبس العنب أو التمر مع إضافة بعض الطحينة (سعر الكيلو 3300 ليرة سورية) وجوز الهند (سعر الأوقية 700 ليرة سورية)، إليها، وهو ما يُعطيها طعماً ومذاقاً مميزاً".

وبحسب "أم محمد" فإنّ ربّات المنازل في منطقة "القلمون الشرقي" طورنَ من صناعة هذه الحلوى وأصبحن يضعن على السيالات المكسرات وجوز الهند، أو يقمن بلفها ودهنها بالشوكولا أو العسل.


ويشتهر أهالي منطقة "القلمون الشرقي" –كما تقول أم محمد- بصناعة أنواعٍ أخرى من القطايف التي يتم حشوها بالقشطة، أو الشمندور، أو الجوز، ثمّ يتم قليها بالزيت وتغميسها بالقَطْر، إلاّ أنّ "سيالات الدبس" لازالت الحلوى الأكثر شهرة في المنطقة.


من جانبٍ آخر لم يتأثر الإقبال على تناول "السيالات" سلباً بالمخاوف من فيروس "كورونا" أو الإجراءات الاحترازية المفروضة على أهالي منطقة "القلمون الشرقي" للوقاية من هذا الوباء، والسبب في ذلك هو أنّ مكوناتها الرئيسة موجودة في كل بيت تقريباً.

وترى السيدة "هيام" 49 عاماً، وهي أيضاً من مدينة "الرحيبة"، أنّه وفضلاً عن كون "السيالات" أكلة شعبية متوارثة في المنطقة، فهي تشكل في الوقت الراهن الخيار الأنسب للأهالي للاستغناء عن تناول أصناف أخرى من الحلويات المصنعة بالأسواق المحليّة في ظل تزايد التحذيرات الأمنية والصحية من الخروج من المنازل بسبب انتشار فيروس "كورونا".

ووفق "هيام" فإنّ أكلة "السيالات" ترتبط ارتباطاً وثيقاً بدبس العنب "الرحيباني" الذي ما يزال يحافظ على صناعته التقليدية المتوارثة منذ عقود في منطقة "القلمون الشرقي"، لذلك يقبل أبناء المنطقة بشكلٍ كبير على شرائه وتخزينه لتناوله في فصل الشتاء، ويبلغ سعر الكيلو الواحد منه 1700 ليرة سورية.

ترك تعليق

التعليق