رمضان في اللاذقية.. بين رحمة ونقمة وتجارة


يعتبر غالبية الفقراء من سكان مدينة اللاذقية أن قدوم شهر رمضان المبارك رحمة، بينما يعتبره الأغنياء نقمة، أما الموالون لنظام الأسد فهم غير مبالين بقدومه إلا فيما يجنونه من أرباح.

تقطن السيدة أم أحمد في حي السكنتوري ضمن مدينة اللاذقية، لديها أربعة أطفال تتراوح أعمارهم بين السابعة والخامسة عشرة، ترى أن شهر رمضان المبارك سيخفف عنها مصاريف الحياة اليومية، حيث تستطيع توفير ما ينفقه أطفالها على متطلباتهم الشخصية من أطعمة "تسالي" مثل البطاطا والبسكويت والسكاكر، والأشياء الأخرى التي يستهلكها الأطفال عادة، ويأتي هذا الأمر مع علمها بأن أطفالها سيصومون شهر رمضان كما عودتهم في الأعوام السابقة.

تقول أم أحمد: "نحن نعاني الأمرين من الفقر والغلاء، لن يختلف طعامنا في رمضان عما قبله، فنحن لا نستطيع توفير ما يوفره الأغنياء من ولائم، سنكتفي بالحد الأدنى، فأنا قد زرعت في أبنائي فكرة أن شهر رمضان هو للصيام والعبادة وليس من أجل الولائم من أطايب الطعام".

وتضيف: "لقد جلست مع أطفالي ووضعنا برنامجاً للأكلات التي علينا تجهيزها يومياً عند الإفطار، واتفقنا على أن يكون إفطارنا طبخة واحدة، مع فتوش أو سلطة أو كبة نية فقط، واقتصرت طبخاتنا في الأسبوع الأول وفق البرنامج الذي اتفقنا عليه على (شوربة العدس، ومجدرة الرز، ومقلوبة الباذنجان، والبندورة المطبوخة مع بصل، ومجدرة البرغل، والفول بالطحينة)، وكذلك اتفقنا على أن تتراوح مشروباتنا بين الشاي وشراب الظروف المذوّب مع الاستغناء عن المشروبات الغازية والعصائر مرتفعة الثمن".

وأردفت: "كنا سعداء ونحن نجلس لنضع برنامج طعامنا مع تبادل الضحكات والنكات".

أما الأغنياء من أصحاب الأموال المنهوبة، والمستغلين للوضع الحالي في سوريا، والذين أثروا على حساب الفقراء فهم يعتبرون أن شهر رمضان كارثي بالنسبة لهم، لأن ولائمهم الفاخرة سوف تستنزف منهم بعض ما سرقوه من معفّشات أو بعض ما جمعوه من مال حرام، فهؤلاء لا يهمهم من رمضان سوى تحضير ما لذّ وطاب من أطعمة، وهذه ستكون تكلفتها مرتفعة.

هذا وقد سعى الأغنياء خلال الأيام الفائتة إلى تكديس ما يحتاجونه من مواد ولحوم وأسماك في جمّاداتهم الواسعة، وسبّبوا نقصاً في المواد والأسواق وارتفاعاً في الأسعار المرتفعة أصلاً.

الرابح الأكبر هم الموالون لنظام الأسد، والذين يقاتل أبناؤهم إلى جانبه، فهؤلاء لا يعرفون من رمضان إلا ما يشاهدونه على وجوه الناس الصائمة، أو ما يشتريه الصائمون من منتجاتهم الزراعية في سهول جبلة ودمسرخو.

أسعار منتجاتهم الزراعية تتضاعف في رمضان من نعنع وبقدونس وبندورة وكوسا وباذنجان وسبانخ.

وكذلك مشتقات الألبان التي تنتجها أبقارهم التي يربونها في حظائرهم ومنازلهم.

"بو جعفر" يملك ما يقارب "2" دونم في مروج دمسرخو ينتظر من العام إلى العام كي يزرع أرضه بالبقدونس، يرويها من المجارير القريبة، يبذل ما بوسعه كي يكون إنتاجه متوافقاً مع شهر رمضان، يبيع ما ينتجه بالتعاون مع أبنائه في سوق التأمينات الاجتماعية وسوق أوغاريت وأحياناً يتجولون في أحياء الصليبة ومشروع الصليبة ومارتقلا يحملون البقدونس على ظهورهم، ويبيعونه بضعف سعره خارج رمضان.

يقول: "هذا موسمنا وهذه فرصتنا، فهؤلاء الصائمون يحبون التبولة والفتوش والسلطة في رمضان، يحبون أن يرفّهوا أنفسهم وأنا أحب أن أربح وأكسب".

ترك تعليق

التعليق