النظام لا يكافح تهريب اللحوم.. ودمشقيون يعتمدون على بدائل


مادة الفطر إحدى البدائل الرئيسية التي تلجأ إليها "السيدة أم رهف" تعويضاً عن اللحوم الحمراء إذ تحوي ذات العناصر الغذائية الهامة والبروتين التي تحويها اللحوم.

تفتقد موائد الصائمين في دمشق لأصناف اللحوم الحمراء جراء ارتفاع حاد في أسعارها حيث تجاوز سعر كيلو لحم الضان 12 ألف ليرة سورية وكيلو لحم العجل 8000 ليرة، وكيلو لحم الغنم 8500 ليرة، ولحم البقر والدهنة 7000 ليرة.

يأتي ذلك بالتزامن مع انعدام الدخل لدى معظم السوريين بسبب انعكاسات الحرب الدائرة منذ سنوات وهبوط كبير في سعر الليرة السورية إضافةً إلى إجراءات الوقاية من انتشار جائحة كورونا التي عطلت معظم المصالح والمهن الصغيرة.

وجبة لحوم تعادل 30% من الراتب الشهري

"السيدة أم رهف" مواليد 1980، تقطن في حي كفر سوسة وسط العاصمة دمشق، لديها ثلاثة أطفال، تعمل في إحدى المؤسسات الرسمية، قالت لـ "اقتصاد" إنّ وجبة واحدة من أدنى اللحوم سعراً وملحقاتها تكلف أكثر من 30% من راتبها الشهري الذي لا يتجاوز 40 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 34 دولار أمريكي بسعر صرف 1200 ليرة سورية للدولار الواحد.

وتضيف أم رهف أنّها مجبرة كحال الكثير من العائلات السورية على استبدال اللحوم بمواد أخرى كالفطر والبقوليات، منوهةً بأنّ أطفالها تناولوا اللحوم آخر مرة في عيد الأضحى السابق.

اعتراف رسمي بتهريب اللحوم

على حساب الإنسان المنهك اقتصادياً منذ سنوات يقوم بعض التجار بتهريب اللحوم الحمراء خارج سوريا.

 "أدمون قطيش" رئيس جمعية اللحامين في دمشق وريفها أكّد منذ شهر أنّ أبرز أسباب ارتفاع أسعار اللحوم يعود إلى تهريب منتجات الثروة الحيوانية يومياً، حيث تتركز مناطق التهريب في المناطق الشرقية والأردن ولبنان.

أسباب تهريب اللحوم خارج البلاد ترجع إلى تدني القدرة الشرائية لدى المستهلك السوري، حيث بات شراء اللحوم منحصراً بطبقة قليلة مقتدرة مادياً لا تتجاوز 5% من المجتمع، كما أنّ التجار يتهربون بذلك من الجمود الاقتصادي وخسائر حتمية بسبب ارتفاع أسعار العلف والمستلزمات الطبية البيطرية وفقاً لما قاله لـ "اقتصاد" السيد "أبو رائد" الذي يعمل قصاباً في سوق سريجة بدمشق، منوهاً بأنّ الدوائر الرسمية لا تكافح عمليات التهريب كونها تستجر العملات الصعبة إلى سوريا.

أسعار رسمية غير واقعية

ورد في النشرة الصادرة منذ يومين عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في "نظام الأسد" أسعار غير واقعية للحوم الحمراء، إذ وبحسب النشرة من المفترض أن تباع اللحوم في الأسواق بأسعار تقل عن أسعار البائعين بنسبة 39%، وبالرغم من تبني صالات المؤسسة الاستهلاكية والتجارة الداخلية المدعومة للأسعار الرسمية إلّا أنّ منافذها ونقاط البيع خاصتها تفتقد للحوم.

وكانت مصادر رسمية قالت في العام 2018 أنّ أسعار اللحوم وصلت حداً يمنعها من الارتفاع مجدداً، وتوقعت انخفاض الأسعار، لكن الواقع عكس ذلك تماماً، مما دفع سكان العاصمة إلى عدم الوثوق إطلاقاً في وعود الجهات الرسمية.

في شهر الرحمة ما من رحمة

وفقاً لبيانات العام 2019 انخفض استهلاك دمشق من اللحوم إلى أقل من 700 ذبيحة يومياً بمعدل انخفاض عن 2018 بنسبة 50%، وعن العام 2011 بنسبة كبيرة جداً كونها كانت تستهلك حينها 10 آلاف ذبيحة، وبالتالي فإن الاستهلاك الحالي وفي أعلى تقدير لا يتجاوز 500 ذبيحة يومياً.

بالعودة "للسيدة أم رهف" فقد ختمت قائلةً: "اعتاد الإنسان السوري خلال السنوات الماضية على ارتفاع جنوني في الأسعار لا سيّما في المواسم والمناسبات، وبات مترقباً لذلك بين اللحظة والأخرى، في المقابل اعتاد تجار الحرب والأزمات في الكيانات الرسمية والخاصة تمسكهم بفقدان الرحمة حتى في شهر الرحمة".

ترك تعليق

التعليق