"خزانات حليب" تُهرّب إلى لبنان


مع ارتفاع أسعار المواشي في مناطق سيطرة النظام، وتسجيل سعر يقترب من الـ 3 ملايين ونصف المليون ليرة سورية للرأس الواحد من الأبقار، وسعر يقترب من 350 ألف ليرة سورية للرأس الواحد من الأغنام، وصل سعر كيلو الحليب البقري لدى مربي الأبقار إلى 400 ليرة سورية، وسعر مبيعه عند التاجر الذي يقوم باستجرار مادة الحليب من المربين إلى 450- 500 ليرة سورية، وترافق ارتفاع سعر الحليب مع ارتفاع في أسعار اللبن ومشتقاته، حيث يباع كيلو اللبن بين 530- 600 ليرة سورية، وسجل كيلو اللبن في مدينة حمص، 550 ليرة سورية من البائع.

وحول مبررات ارتفاع الأسعار، بيّن لنا أحد مربي الأبقار في إحدى القرى الحدودية في ريف حمص الغربي، أن ارتفاع سعر "الشعير"، الذي يدخل في علف الأغنام، يمكن أن يبرر نسبياً، ارتفاع أسعار حليب الغنم، لكنه لا يبرر ارتفاع أسعار حليب البقر، لأنه ليس مادة أساسية لعلف الأبقار.

وأوضح المصدر أن مربي المواشي يقللون من كميات العلف، في فصلي الربيع والصيف، لأن أغلب المزارعين يعتمدون على رعي الأبقار والأغنام وخاصة في فصل الربيع، وقليلاً ما يتم تعليفها من الشعير والجلبانة.

وأضاف أن البقرة تحتاج في اليوم، خلال فصلي الخريف والشتاء، 3 كيلو علف فقط، وليس 12 كيلو، كما تدعي حكومة النظام، مشيراً إلى أن رقم (12) كيلو هو "للمتاجرة بالشعب السوري"، موضحاً أن الاستهلاك للأعلاف يكون في مزارع التسمين للمواشي بشكل أكبر.

كما أكد لنا أن كيلو الحليب يُباع من قبل الفلاح ومربي الأبقار للتجار بـ 270 ليرة سورية، ولكن يلاحظ أن هناك خزانات من الحليب تُهرّب يومياً من سوريا إلى لبنان وفي وضح النهار، رغم إدعاءات النظام بإغلاق المعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية بين سوريا ولبنان، بسبب "كورونا".

وأكد المصدر أن الفلاحين ومربيّ الأبقار هم الحلقة الأضعف من حيث الربح، حيث يشتري الفلاح كيس العلف (50) كيلو بـ 19000 ليرة سورية، فليس للفلاح يد في الغلاء الفاحش، مرجعاً المشكلة الأساسية إلى التهريب بالدرجة الأولى، وإلى تدني القدرة الشرائية للمواطن السوري، بالدرجة الثانية، حسب وصفه.

كيف فسرت جهات رسمية ارتفاع الأسعار؟

ذكرت صحيفة "تشرين" التابعة للنظام، خلال الفترة السابقة، أن ارتفاع سعر مادة الحليب سببه ارتفاع أسعار المادة العلفية لدى القطاع الخاص وخاصة بعد أن وصل سعر طن الشعير إلى 200 ألف ليرة سورية، وسعر طن مادة جاهز الأغنام والأبقار إلى 400 ألف ليرة سورية، وأن المقنن العلفي الموزع من مؤسسة الأعلاف لا يكفي على الإطلاق وخاصة أن الرأس الواحد من الأبقار بحاجة يومياً إلى 12 كيلو علف، حسب وصف الصحيفة، التي أضافت الارتفاع الكبير في أسعار الأدوية البيطرية بوصفه سبباً ساهم في ارتفاع أسعار الحليب، حيث وصل سعر علبة الدواء الخاص بأمراض كبد الأبقار والأغنام إلى نحو 30 ألف ليرة سورية، وسعر الحجر الكلسي إلى 3000 ليرة سورية.

وكان رئيس الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان ومشتقاتها، عبد الرحمن الصعيدي، قد صرّح منذ يومين أن ارتفاع الأسعار لا علاقة له بالتصدير وإنما يعود السبب لارتفاع أسعار الأبقار والأعلاف وتكاليف النقل التي ارتفعت خلال الفترة الماضية، وأشار إلى أن ارتفاع سعر الحليب مرتبط بارتفاع كيلو العلف حيث وصل إلى 425 ليرة سورية تقريباً وقفزت أجور النقل بين المحافظات بنسبة 3 أضعاف.

ومما زاد الأوضاع سوءاً هو إعلان حكومة النظام فتح باب التصدير إلى العراق وبهذا أتاحت للتجار وأصحاب النفوذ باباً آخر للتهريب العلني، ولكن بأوراق نظامية.

ولتتفاقم الصورة تدهوراً، قالت مصادر متطابقة لـ "اقتصاد"، إن الحليب المطروح في السوق في مناطق النظام رغم ارتفاع أسعاره إلا أن أغلبه مخلوط بماء، واللبن مخلوط بنشاء.

تخبط وتضارب في القرارات   

 الجدير بالذكر، أن وزارة الاقتصاد بحكومة النظام كانت قد أصدرت في 7 حزيران/يونيو الجاري، قراراً بتمديد وقف تصدير الألبان والأجبان، شهراً إضافياً، لتعود في اليوم التالي فقط، وتطوي القرار، استجابة لمطالب صناعيين، وفق وصف مصادر إعلامية.

كانت حكومة النظام قد منعت تصدير الألبان والأجبان والبيض في مطلع شهر نيسان/أبريل الفائت، بغرض توفير حاجة السوق المحلية منها، والدفع باتجاه خفض أسعارها.

وفي معرض تبرير طيّ قرار منع التصدير، رغم غلاء الأسعار الفاحش، صرح معاون وزير الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية، بسام حيدر، بأن قرار وقف تصدير الألبان والأجبان لم يؤدِ إلى انخفاض أسعارها في الأسواق.
 
وهنا يتساءل المواطن عن سرّ هذه القاعدة الاقتصادية الغريبة لدى النظام، والتي تقول إنه إذا تم تصدير سلعة ما، يرتفع سعرها، وإذا تم إيقاف تصديرها لا ينخفض سعرها؟!.. فهل هناك وراء الأكمة ما ورائها!




ترك تعليق

التعليق