"اقتصاد" يتتبع حالات لمصابين بـ "كورونا" في دمشق


معلومات تثير الرعب، ترد من العاصمة دمشق عن حالات وفيات "كورونا". وتتناقل مصادر غير رسمية أن الإصابات أصبحت في خانة المئات بشكل يومي، وسط اكتظاظ للمشافي العاجزة عن تقديم مساعدة كافية للمرضى. فيما تتحدث سلطات النظام عن أن مجمل الإصابات على مدار الأشهر السابقة، وحتى الآن، تقترب من الـ 1000 إصابة، وبضع عشرات من الوفيات، فقط.

يحاول "اقتصاد" في هذا التقرير نقل الصورة من العاصمة بشكل أدق، عن طريق تتبع إحدى الحالات المصابة بكورونا وسبب تزايد عدد الإصابات بشكل مفاجئ وكبير دون وجود إجراءات حكومية توقف انتشارها.

حديث مع مصابة كوفيد ١٩

المريضة "ص ح" والتي تقيم في إحدى أحياء العاصمة دمشق، وقد أصيبت بعدوى كورونا نتيجة اختلاطها بحالات مصابة في المسجد القريب من بيتها، بحسب ما ذكرت لـ "اقتصاد"، قالت لنا: "بدأت أعراض المرض تظهر على جسدي، ارتفعت حرارتي بشكل كبير، وشعرت بانحلال في جميع عضلاتي وبعد يومين بدأت أسعل بقوة، وأشعر بشيء ما عالق في حلقي، مع التهاب كبير في البلعوم وبحة في الصوت".

تجنبت "ص ح" الذهاب للمشفى حتى بعد ظهور أعراض كورونا الواضحة عليها، واتجهت إلى صيدلاني، وكان من أقاربها، وشخّص لها المرض وأعطاها بعض الفيتامينات ومسكنات ألم، وطلب منها عدم أخذ المضادات الحيوية، والاستراحة في المنزل.

توضح "ص ح" سبب عدم توجهها إلى المشفى، فتقول: "لا أريد لأحد من جيراني أن يعرف أنني أصبت بكورونا لأنني سأصبح سيرة الحي، كما أني بذهابي للمشفى قد أوضع في الحجر الصحي، وأبتعد عن زوجي وبيتي ولا أستطيع مجرد التفكير بهذا الأمر".

وانتشرت صور وسمعة سيئة عن مراكز الحجر التي جهزتها مشافي النظام، وكانت أشبه بالسجن.

لم تلتزم المريضة "ص ح" بالحجر في بيتها، فمن إحدى ثقافات المرض التي يتداولها الأهالي -"لا تستسلم للمرض"-، وبقيت تزور أقاربها وتختلط بجيرانها. وبعد عدة أيام ظهرت أعراض المرض على زوجها وبعده أختها، حتى أُصيبت كامل العائلة، والتي يقارب عددها ٦٠ شخصاً (من الأقارب).

كانت أعراض المرض تظهر على الأفراد بصور مختلفة، حيث يشعر البعض بحرارة كبيرة، بينما لا ترتفع حرارة مرضى آخرين، وتزيد شدة الآلام على المصابين الأكبر سناً، وأصحاب الأمراض المزمنة.

وتقول المريضة "ص ح" إنه بعد أسبوع من المرض، اختفى صوتها بشكل شبه كامل، وفقدت حاسة الشم وعانت من آلام أكثر شدة في جسدها.

وتابعت: "بعد ثلاثة أسابيع اختفت الأعراض عني تماماً، وبدأت أشعر بالتحسن، وبشكل تدريجي أيضاً بدأ أفراد أسرتي بالتعافي وكل من اختلطت بهم".

لم تتلق السيدة "ص ح" أي علاج خاص للمرض سوى بعض المسكنات والفيتامينات، وأكثرت من تناول الفواكه وشرب السوائل، وهي تبلغ من العمر ٦١ عاماً، وكانت سابقاً قد خضعت لعدة عمليات جراحية كان آخرها استئصال "كتلة سلية" منذ عدة أعوام.

تقارير

بحسب بيان لوزارة الصحة التابعة لحكومة النظام فإن حصيلة الإصابات المسجلة في سوريا بلغت 999 حالة شفي منها 311 وتوفي 48 حالة.

تعتمد إحصائيات وزارة الصحة على الحالات التي أجرت تحاليل مخبرية، وحالات الوفيات التي زارت المشفى وسجل سبب وفاتها.

في حين تتهم جهات معارضة حكومة النظام بالتكتم عن الحالات المصابة وعدد الوفيات، وتقدر مواقع طبية تجاوز عدد المصابين المليون إصابة، وعدد الوفيات يتجاوز 200 حالة.

ولا يوجد إحصائيات دقيقة بأعداد الإصابات بعدوى كورونا لكن مشاهدات "اقتصاد" وكلام المريضة التي تحدث إليها، قد تثبت صحة هذه التقارير نتيجة عدم التزام الإصابات بالحجر الصحي ومخالطتهم للمحيط الذي يعيشون فيه.

طبيب مصاب

تعاني المشافي الحكومة من تزايد أعداد المراجعين في ظل عجزها عن تقديم خدمات طبية جيدة، وأصيبت الكثير من الكوادر الطبية بوباء كورونا.

وقال طبيب تخدير أصيب بكورونا وهو يعمل في إحدى المشافي الخاصة، في تصريحات لـ "اقتصاد"، إنه أصيب بكورونا نتيجة احتكاكه بالمراجعين، كما نقل العدوى لجميع أفراد أسرته، لكن حالاتهم لم تتدهور كثيراً.

وأضاف: "ارتفاع بالحرارة وتعب عام هي أكثر الأعراض التي أصابتني مع نوبات سعال في بعض الأحيان".

وبقي محدثنا على رأس عمله فلم يحصل على إجازة مرضية نتيجة الضغط على المشافي وعدم توفر كوارد طبية كافية، وفق ما أكد.

وأضاف: "حاولت اتخاذ تدابير الوقاية لعدم نقل العدوى للمرضى في المشفى، ولكن لا أعتقد أنها كانت كافية".

وبحسب مصادر "اقتصاد"، فإن جدران أحياء العاصمة باتت تغص بأوراق النعوات حيث ارتفعت نسبة الوفيات خلال الأسبوعين الفائتين، وأغلب المتوفين هم من المسنيين، ويقول أقربائهم إنهم عانوا من سعال شديد وصعوبة بالتنفس قبل وفاتهم.

وكانت حكومة النظام قد أصدرت قرارات بإلغاء الأعراس والحفلات والتعازي وإغلاق الصالات الرياضية، ومنع إقامة الصلوات في المساجد، وأبقت على الأسواق دون فرض أي إجراءات احترازية، بينما فرضت حجراً صحياً على بلدات بأكملها، كالكسوة والتل بريف دمشق.

ترك تعليق

التعليق