صيانة الدراجات النارية.. مهنة المحظوظين في شمال سوريا


يتوجه نضال -مهجّر من ريف دمشق- يومياً إلى عمله بالقرب من إحدى مخيمات مدينة عفرين، شمال حلب، في الساعة السابعة صباحاً ويعود إلى منزله في الساعة الثامنة مساءً، إذ يقضي في مكان عمله بمجال صيانة الدراجات النارية حوالي 12 ساعة متواصلة.

يستخدم أكثر قاطني مناطق شمال سوريا الدراجات النارية للتنقل بين المدن والبلدات والمخيمات، ويفضلونها عن بقية وسائل النقل لأسباب عديدة أبرزها ارتفاع أجور المواصلات التي تبدأ في حدودها الدنيا بـ 1500 ليرة سورية لمسافة 20 كم بالمكروباص ولا تقل عن 15 ألف ليرة سورية بسيارة التاكسي لذات المسافة، واختصاراً للوقت الطويل الذي قد يقضونه في الكراج، وعجز الكثيرين عن اقتناء سيارة خاصة بسبب سعرها المرتفع ومصروف الوقود الكبير مقارنةً بالدراجة النارية.

بعد تجربة استخدام الدراجة النارية، فإن "أبو عبيدة"، المهجر من وسط مدينة حلب إلى مدينة عفرين، وجد نفسه مخطئاً في اقتناء سيارة خاصة بسبب أجور الصيانة الباهظة وارتفاع أسعار قطع التبديل ومصروف الوقود وغيار الزيت، مشيراً بأن المشوار الذي يكلف 20 ألف ليرة سورية باستخدام السيارة يستطيع توفير ثلاثة أرباع قيمته على أقل تقدير باستخدام الدراجة النارية، ناهيك عن فوارق كبيرة في أجور الصيانة الدورية والاستثنائية، ويستطيع بذلك توفير بعض المال اللازم لمستلزمات المعيشة ومصاريف أطفاله.

من خلال محل صيانة الدراجات النارية الصغير تمكن "نضال" من وقاية عائلته المكونة من 6 أفراد من العوز والحاجة والوصول بهم إلى الاكتفاء الذاتي، ويرى نفسه من المحظوظين الأقلاء الذين يستطيعون تأمين قوت يومهم شاكراً لذلك والده الذي تعلم منه المهنة حيث أن أكثر الشباب في شمال سوريا عاطلون عن العمل لا سيّما منهم قاطنو المخيمات، بحسب ما قال لـ "اقتصاد".

ويُضيف بأنّ معدات الصيانة بسيطةً جداً وتكلف بين 300 دولار أمريكي إن كانت مستعملة، وبالكاد تتجاوز قيمتها 700 دولار إن كانت جديدة.

وحول أعباء المهنة أشار بأنها قليلة جداً مقارنةً بغيرها، كونها تعتمد على الجهد العضلي أكثر من المكنات والأجهزة والمعدات الكبيرة، كما أنه يستثمر أكثر أوقات فصل الصيف في محله، إذ أنّ استخدام الدراجات النارية يضعف في فصل الشتاء جراء برودة الطقس.

وعن الأجور قال نضال إنها ضئيلة بالنسبة للزبون، إذ تكون بين 1000 و5 آلاف ليرة سورية، للأعطال الصغيرة والمتوسطة، وهي التي ترد إلى محله في أغلب الأحيان، وقد تصل تكاليف الصيانة إلى 50 دولار إن كان العطل في محرك الدراجة وهذا أمر نادر نسبياً. وتبلغ قيمة غيار الزيت بين 3 آلاف و5 آلاف ليرة سورية وفقاً للنوعية والجودة.

وختم "نضال" حديثه لـ "اقتصاد" موضحاً بأن دخله يصل وسطياً إلى 10 آلاف ليرة سورية يومياً، ومعبراً عن رغبته في توسيع عمله ليشمل الصيانة الكهربائية والزينة وإصلاح الإطارات في القريب العاجل.

تتراوح أسعار الدراجات النارية الجديدة في أسواق شمال سوريا بين350 دولار و850 دولار أمريكي، وتبدأ أسعار المستعملة منها من 150 دولار أمريكي، وتستهلك حوالي ليتر بنزين واحد فقط لمسافة 35 كم، بينما يتجاوز سعر السيارة المتواضعة 1000 دولار أمريكي.

يذكر أن سوريا تصدرت قائمة الدول الأكثر فقراً حول العالم بنسبة 83% بحسب أرقام الأمم المتحدة لعام 2019، ويعاني سوق العمل في كافة مناطقها مشاكل تراكمية تزداد آثارها السلبية يوماً بعد الآخر.

ترك تعليق

التعليق