درعا.. راتب الموظف عن 6 أشهر، فقط للتدفئة


تشهد بعض مناطق درعا، بالتزامن مع توالي انخفاض درجات الحرارة، انتشاراً ملحوظاً للأطفال والنسوة في السهول والشوارع، وذلك بحثاً عن كل ما هو قابل للاشتعال، لاستخدامه في عمليات الطهي والتدفئة، خلال أيام الشتاء الباردة، بعد أن أصبح من الصعوبة بمكان، الحصول على مواد التدفئة من حطب ومحروقات، إثر وصولها إلى أسعار غير مسبوقة هذا الموسم.

وتقول "أم غسان"، 50 عاماً: "نجمع الأغصان والنباتات اليابسة، والكرتون وقطع البلاستيك، والكاوتشوك، والملابس البالية، وكل ما هو قابل للاشتعال لاستخدامه في عمليات الطهي والتدفئة، بغض النظر عن أضراره على الصحة العامة وروائحه الكريهة".

وأضافت أن الناس ينشدون الدفء، وليس مهماً ما يستخدمونه من بدائل الحطب والمحروقات، لافتة إلى أن الأهالي بسبب "بشار الأسد" عادوا من جديد إلى استخدام كل هذه الأشياء المضرة، بعد غيابها لسنوات، وذلك لعجزهم عن تأمين مواد التدفئة الأساسية كالحطب والمازوت لارتفاع أسعارهما، ولعدم توفر المال لشرائهما.

وتساءل "عز الدين العلي" -وهو موظف- باستغراب، كيف للمواطن السوري الذي يعجز عن تأمين قوت يومه في هذه الظروف الصعبة، أن يؤمن حطب ومحروقات، تكلفه مئات الألوف من الليرات السورية؟

وأشار إلى أنه استقرض العام الماضي ثمن مئتي ليتر من مازوت التدفئة الحكومي، وسددها من قرض استلفه، لافتاً إلى أن الكمية لم تكفه لشهر ونصف مع كل محاولات التوفير، وأنه أمضى باقي الشتاء يستخدم الحرامات والبطانيات للتدفئة، ومدفأة كهرباء صغيرة، عندما يتوفر التيار الكهربائي.

وأكد أنه لم يستطع هذا الشتاء، تأمين ثمن مازوت أو حطب، مبيناً أنه سيعتمد مثل المئات من الأسر على ما يتوفر من نباتات يابسة، وعبوات بلاستيكية، لاستخدامها في الأيام الأشد برودة، كما قال.

فيما أكد "سالم سعيد"، 40 عاماً، وهو عامل حر، أنه يبحث عن بدائل الحطب والمازوت من مواد أخرى، مثل البلاستيك والأغصان اليابسة وغيرها، لأنه ليس لديه الإمكانيات المادية لشراء أي نوع من الحطب أو المحروقات، لافتاً إلى أنه يضطر إلى بيع مستحقاته من مادة مازوت التدفئة على "البطاقة الذكية" لأنه لا يملك ثمنها.

وأوضح أنه يبيع مستحقاته لتحصيل قليل من المال، لسد بعض من احتياجات أسرته الضرورية الأخرى خلال الشتاء.

فيما أكد المهندس الزراعي "سهيل. ق" أن محافظة درعا تعاني من نقص شديد في مادة الحطب بجميع أنواعه، نتيجة قيام الأهالي على مدى السنوات الماضية، باستنزاف الثروة الحراجية واستهلاكها عن بكرة أبيها حسب وصفه، موضحاً أن الحراج تحتاج لعدة سنوات أخرى حتى تستعيد نموها من جديد للاستفادة منها في عمليات التحطيب مرة ثانية.

ولفت إلى أن عمليات التحطيب، والإهمال وسوء العناية، التي تعرضت لها الأشجار المثمرة مثل الزيتون والكرمة خلال السنوات الماضية، باتت تهدد أحد مصادر الدخل الزراعي المعتمدة في المحافظة، سيما بعد أن وصلت صفيحة زيت الزيتون حتى الآن إلى نحو 115 ألف ليرة سورية، وتجاوز سعر كيلو العنب الـ 700 ليرة سورية، مشيراً إلى أن الكثير من المزارعين، توقفوا عن تحطيب الأشجار المثمرة، وبدأو بزراعتها من جديد باعتبارها مصدر رزق واعد.

وحول أسعار الحطب والمحروقات المتداولة هذا العام، أشار "محمد . ق"، 50 عاماً، وهو تاجر حطب، إلى أن كميات الحطب المتوفرة قليلة جداً، لعدم قيام الأهالي بعمليات تحطيب حقولهم هذا الموسم، موضحاً أن الحطب المتوفر هو نتاج عمليات تقليم الأشجار المثمرة، وبعض الكميات المكدسة من أعوام سابقة.

ولفت إلى أن سعر طن حطب الزيتون، يتراوح ما بين 200 و225 ألف ليرة سورية، بعد أن كان العام الماضي بنحو 65 ألف ليرة سورية، فيما يبلغ سعر طن حطب الكينا ما بين 165 و175 ألف ليرة سورية، بعد أن كان سعره نحو 50 ألف ليرة سورية، أما سعر طن حطب السرو والكرمة والرمان فيتراوح ما بين 135 و150 ألف ليرة، فيما يبلغ سعر طن حطب الصفصاف ما بين 120 و140 ألف ليرة سورية.

وأضاف أن العائلة الواحدة تحتاج بمعدل وسطي إلى ما بين طن واحد وطن ونصف الطن من الحطب خلال فصل الشتاء على الأقل، ما يعني أن الأسرة تحتاج لأكثر من 300 ألف ليرة سورية ثمناً لمواد التدفئة.
 
وقال إن "العائلة تحتاج إلى نحو 400 ليتر من المازوت، الأمر الذي سيضطر بعض العائلات، إلى شراء حاجتها من السوق السوداء بمبلغ لا يقل عن 900 ليرة للتر الواحد، ما يعني أن العائلة تحتاج إلى 200 ألف ليرة إضافية لاستكمال فصل الشتاء، هذا في حال استلمت كامل حصتها من مازوت التدفئة البالغة مئتي لتر من حكومة النظام".

يشار إلى أنه ينبغي على الموظف في حكومة النظام توفير كامل راتبه لنصف عام، من أجل تأمين محروقات التدفئة لهذا الشتاء، على اعتبار أن متوسط الدخل أصبح 50 ألف ليرة سورية، هذا إذا لم يحتج إلى مدفأة جديدة، تبلغ قيمتها في أسوأ الأحوال 100 ألف ليرة سورية.

ترك تعليق

التعليق