لماذا يسهّل النظام تهريب شباب درعا إلى الشمال؟


بفعل تضافر أسباب عدة، تزايدت هجرة أبناء الجنوب السوري باتجاه الشمال الخاضع لسيطرة المعارضة، وسط اتهامات للنظام بتسهيل عمليات التهريب، لتفريغ الجنوب السوري من الشباب.

وحسب مصادر خاصة لـ"اقتصاد"، فإن تكلفة تهريب الشخص الواحد من درعا إلى الشمال السوري مروراً بمناطق سيطرة النظام، تتراوح بين 800-1200 دولار أمريكي.

وقال الباحث في "المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام"، النقيب رشيد حوراني، إن التسوية التي أجراها النظام مع فصائل الجنوب السوري في صيف العام 2018، برعاية روسية، لم تفض إلى سيطرة النظام بشكل كامل على الجنوب.

وأضاف لـ"اقتصاد" أن النظام يواجه العديد من الإشكاليات، منها الحاضنة الشعبية للثورة السورية، موضحاً أن "النظام وجد أن مشكلته الأساسية في الجنوب السوري بعد مرور أكثر من عامين على التسوية، هي الطاقة البشرية المناوئة له، ومن هنا بدأ النظام بتسهيل عمليات مرور الأهالي إلى الشمال السوري".

وأطلع مصدر خاص موقع "اقتصاد" على بعض تفاصيل عملية تهريب البشر من الجنوب إلى الشمال، موضحاً أن "مليشيات تابعة للنظام السوري، ومدعومة من إيران، تتكفل بمرور الأشخاص أثناء عبورهم في مناطق سيطرة النظام، مقابل المال".

وتابع رافضاً الكشف عن اسمه، أن عناصر المليشيات يقومون بتهريب الأشخاص إلى الشمال السوري، مؤكداً أن غالبية المهربين هم من مدينة نبل بريف حلب الشمالي.

وحسب المصدر الموجود في درعا، فإن هناك أكثر من طريق لتهريب الأشخاص نحو الشمال السوري، من حمص وحماة وحلب، مؤكداً أن المضايقات الأمنية من قبل أجهزة النظام، وعدم توفر فرص العمل، تدفع بالشباب بالدرجة الأولى إلى الهجرة.

الناشط الإعلامي، محمد عساكرة، من درعا، أكد بدوره لـ"اقتصاد"، تورط ضباط من النظام في تسهيل عمليات تهريب البشر باتجاه الشمال السوري.

كذلك أشار إلى تسليم عدد من الأشخاص وتحديداً المطلوبين إلى النظام، وذلك في تأكيد على أن عمليات التهريب تتم تحت أنظار النظام، مشيراً في هذا الصدد إلى اعتقال ناشط إعلامي أثناء محاولته العبور نحو الشمال السوري، ولا زال مصيره مجهولاً للآن.

وتشهد درعا وأريافها، عمليات اغتيال واسعة، تطال عناصر فصائل المعارضة سابقاً، وسط اتهامات للنظام وأجهزته الأمنية بالوقوف خلفها.

الاغتيال أو التهجير

في السياق، اعتبر "تجمع أحرار حوران" أن أبناء الجنوب السوري، يجدون نفسهم أمام الاغتيال والاعتقالات أو الهجرة نحو الشمال السوري، رغم مخاطر الهجرة، والتحديات الأمنية المرافقة لها.

وأوضح التجمع في تقرير مفصل رصده "اقتصاد" أنه "لم يغادر إلا عدد قليل من أبناء الجنوب السوري في قوافل التهجير التي رعتها روسيا في شهر تموز 2018، بعدما وضعت الشباب أمام خيارات صعبة بالمغادرة أو البقاء إذ قدمت اتفاقاً غير واضح الشروط وتسوية لأوضاعهم ووعود بعدم ملاحقة المطلوبين منهم وأوهمتهم بحل سياسي قريب في سوريا، ليعيش الأهالي بعدها واقعاً مغايراً لكل الوعود تحت سلطة النظام".

وحسب التجمع، فإنه منذ سيطرة النظام على جنوب سوريا، يهاجر يومياً العشرات نحو الشمال السوري، بمساعدة مهربين يتبعون بشكل أو بآخر لضباط من النظام، وأغلبهم يكملون طريقهم إلى خارج الأراضي السورية، منهم إلى تركيا، وهذا بطرق غير شرعية، بينما يقصد بعض المهاجرين الجمهورية اللبنانية، كل ذلك يأتي بعد عدم وفاء النظام بوعوده واستمرار انتهاكاته لكافة شروط "اتفاق التسوية" الذي ضمنته روسيا، مما جعل من الجنوب السوري بيئة غير آمنة للعيش خصوصاً لفئة الشباب.

ولا يسمح "اتفاق التسوية" لقوات النظام بالانتشار في كل المناطق التي شملتها التسوية، باستثناء المؤسسات الحكومية التي عاودت عملها.

ترك تعليق

التعليق