"الباكسي" في دمشق.. معجبون وكارهون


ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة بصورٍ نشرتها صحيفة "تشرين" الموالية، يظهر فيها انتشار لما يسمى بـ "الباكسي"، كوسيلة نقل جديدة وغير مألوفة لدى السوريين في شوارع العاصمة دمشق.

وسبق أن شهدت شوارع دمشق، قبل نحو عامين، ظهوراً على استحياء لهذه المركبة ثلاثية العجلات، لكنّها لم تلقَ في ذلك الوقت قبولاً بالشكل الذي هو عليه الحال الآن؛ حيث بات يرى فيها البعض حلاً بديلاً عن "السرفيس" أو "التاكسي"، في ظل ارتفاع أجور وسائل النقل وأزمة المحروقات الخانقة التي تعاني منها مناطق سيطرة النظام.

موتور كهربائي

وجاءت تسمية "الباكسي" من دمج كلمتي "التاكسي" والدراجة الهوائية المعروفة لدى السوريين باسم "بسكليت"، كما تتصف وسيلة النقل الجديدة بأنّها "رخيصة وصديقة للبيئة" لكونها لا تعمل على الوقود، وذلك بحسب "علي زين الدين"، أحد سائقي "السرافيس" في مدينة دمشق.

وأشار "زين الدين" في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، إلى أنّ "الباكسي" أقرب إلى "التوكتوك" المستخدم بالمواصلات في مصر والهند؛ وهي عبارة عن دراجة هوائية بثلاث عجلات مزودة بمقعدين أمامي وخلفي مغطى بمظلة ويتسع لشخص واحد فقط، وميزتها الأساسية أنّها مزودة ببطاريات يتم شحنها من حينٍ إلى آخر بالكهرباء لتتمكن من السير مسافات معينة تبعاً للطاقة الاستيعابية لتلك البطاريات، وبسرعة تتراوح من 30 إلى 50 كم في الساعة.

وأكدّ "زين الدين" على أنّ عمل "الباكسي" يتركز حالياً في أسواق دمشق القديمة والمناطق القريبة من شارع "بغداد" ومنطقتي "البرامكة" و"باب شرقي"، بالإضافة إلى عدّة أماكن تقع وسط العاصمة دمشق. أمّا تعرفة ركوبها فهي غير محددة بعد، لكونها ما تزال خارج قائمة وسائل المواصلات المرخصة مثل "التاكسي" أو "السرفيس"، وعلى سبيل المثال تبلغ أجرة الطلب من الشام القديمة وحتى شارع "بغداد" 200 ليرة سورية، في حين تتراوح الأجرة للمسافات الطويلة بين 300 وحتى 450 ليرة سورية.


آراء متباينة

وعلى الرغم من أنّ "الباكسي" لم تنتشر على نطاق واسع في دمشق، إلاّ أنّ ظهورها خلّف آراء متباينة بين مؤيد ومعارض لها، فهناك من وجد فيها ضالته ووسيلة للمساعدة توفر الوقت والمصروف على مستخدميها مقارنةً بوسائل النقل الأخرى.

ووفق ما يراه السيد "عماد، أ"، أحد سكان دمشق، فإنّ "الباكسي" وسيلة مساعدة لـ "المواطن" لتأدية مهامه وممارسة أنشطته اليومية المختلفة خاصة بعد سياسات إلغاء الدعم الحكومي على الوقود وارتفاع أجور المواصلات بشكلٍ لا يتناسب مع الحالة الاقتصادية المتردية لغالبية العائلات السورية.

وباعتقاد السيد "عماد" فإنّ مركبة "الباكسي" تتجه لأن تُكّوِن لها مكاناً أكثر خصوصية في حياة المواطن السوري، لأنّها –حسب وصفه- وسيلة المواصلات الأقل تكلفة والأكثر فعالية لأغلب مشاكل التنقل غير البعيدة في الوقت الراهن، ويمكن استخدامها في مساعدة كبار السن في تنقلهم، أو مساعدة الأشخاص على حمل بعض الأغراض التي لن يقدروا على حملها والسير بها لمسافات طويلة خصوصاً في شوارع دمشق القديمة الفرعية والضيقة.

ومثل ما لـ "الباكسي" معجبيها، فإنّ الكارهين لها ولركوبها كُثر، ذلك أنّها طريقة بدائية وغير حضارية للتنقل، وأشار "أبو ضرار" وهو اسمٌ مستعار لأحد الموظفين الحكوميين، إلى أنّ النظام يعمل على تبني هذه الوسيلة وتسويقها محلياً للتغطية على فشله وتقصيره لعقود خلت في إحداث وسائل نقل متطورة وحديثة في سوريا ولا سيما في دمشق العاصمة.

ولفت "أبو ضرار" في معرض حديثه لـ "اقتصاد"، إلى أنّ البنية التحتية في دمشق وغيرها من المدن السورية غير مؤهلة لخدمة هذا النوع من وسائط النقل، كما أنّ "الباكسي" لا تصلح للاستخدام خلال فصل الشتاء بسبب البرد والمطر وبرك المياه المنتشرة في الشوارع، فضلاً عن انعدام عوامل الأمان، لعدم اتزانها وعدم صلابة هيكلها الخارجي.

وتشهد مناطق سيطرة النظام أزمة مواصلات كبيرة نتيجة النقص الحاد في المشتقات النفطية، الأمر الذي انعكس سلباً على عمل "السرافيس" ووسائط النقل العام الحكومية، ما دفع بالسكان إلى الاتجاه لاستخدام "التكاسي" في التنقل، وذلك عبر مشاركة مجموعة من الأشخاص فيما بينهم على دفع التكلفة لعدم قدرة أي منهم على دفع ثمن توصيلة لوحده، لكنّ النظام عاد ورفع منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي تعرفة أجرة "التاكسي" بنسبة تجاوزت الـ 50 بالمئة، الأمر الذي قلّص أكثر الشريحة القادرة على استخدام هذا الصنف من وسائل النقل، في أوساط السوريين.


ترك تعليق

التعليق