البازارات الشعبية في إدلب.. بديل وحيد لتجاوز ارتفاع الأسعار


بفارغ الصبر ينتظر أبو بسام القاطن في مخيمات "بلدة أطمة - شمال ادلب" افتتاح البازار "السوق الشعبي" صباح كُل يوم اثنين، إذ أنّه يبتاع من هناك كافة احتياجاته المنزلية من مواد غذائية ومنظفات وغيرها لأسبوعٍ كاملٍ، بحيث لا ينقصه منها إلا القليل والتي يضطر إلى شرائها من المحال التجارية بأسعار لا تُرضيه.

تنتشر البازارات الشعبية الأسبوعية في أكثر مناطق إدلب الخارجة عن سطوة نظام الأسد منذ سنوات، إذ تنتقل صباح كل يوم إلى منطقة أخرى، حيث تتواجد في مدينة الدانا يوم الاثنين، وفي بلدة أطمة يوم الثلاثاء، وفي مدينة إدلب يوم الأربعاء، ويوم الخميس في مدينة معرة مصرين، وفي كثير من مدن وبلدات المحافظة بأيام أخرى. وتوفر تلك البازارات كافة المستلزمات اليومية من مواد تموينية وفواكه وخضار وموالح ومجففات ومنظفات ومستلزمات وألعاب أطفال وألبسة جديدة وألبسة أوروبية مستعملة "بالة" وأدوات منزلية وكهربائية والكترونيات ومعدات زراعية جديدة ومستعملة واحتياجات المخيمات.

وتُعد تلك البازارات مقصداً بارزاً للسكان المقيمين والنازحين كون أسعار المنتجات التي تُباع فيها منخفضة عن أسعار الأسواق التقليدية والمحال التجارية الثابتة، وغالباً ما تشهد المعروضات فيها إقبالاً كبيراً من الوافدين إليها.

ظروف سلبية كثيرة لم تسمح لقاطني مناطق محافظة إدلب بالتأقلم التام مع تبدل الأوضاع الاقتصادية أبرزها العمليات العسكرية والإيحاءات بين فترة وأخرى بعمليات عسكرية مرتقبة وعدم التكهن بالمستقبل القريب والتعامل بالدولار الأمريكي والليرة التركية إضافة للعملة المحلية المنهارة، والغلاء الفاحش، ما فرض على محدودي الدخل البحث عن البدائل الشحيحة.

يقول "أبو بسام" لـ "اقتصاد" أنّ أسعار المنتجات في البازارات لا سيما الغذائيات والخضار والفواكه تقل عن الأسعار في الأسواق التقليدية بنسبة من 10 إلى 40%، ما يدفعه للجوء إليها مُضطراً حتّى يتمكن من توفير فرق السعر الذي يتيح له شراء احتياجات أطفاله الأربعة اليومية كـ البسكويت والشوكولا.

ووفرت الأسواق الشعبية كثيراً من فرص العمل، إذ يعمل فيها طلاب جامعيون وحاملو شهادات دراسية عالية لم يتمكنوا من العمل باختصاصاتهم بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والأمنية، ولا يقل عدد العاملين في كل بازار عن 200 فرد بينهم أطفال ونساء، ويتأثرون جميعهم سلباً بعمليات القصف والنزوح وتذبذب سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الصعبة، وإيجاباً في حالة الاستقرار النسبي.

وبحسب محدثنا فإن تلك الأسواق باتت تساهم في الحد من احتكار المنتجات وابتزاز المستهلكين عبر التحكم بالأسعار من قبل التجار وأصحاب المحال التجارية، بسبب إلغاء دور الوسيط وعدم تنقل المنتجات من تاجر يفرض هامش ربحي، إلى آخر يُشابهه.

خلال العام الماضي ارتفعت تكلفة السلة الغذائية لأكثر من مرة في منطقة إدلب التي يقطن فيها حوالي 4,227,488 إنسان منهم 2,008,985 نازح، بسبب تدهور قيمة العملة المحلية. وبحسب منظمة الأمم المتحدة كان الارتفاع الأخير لتكلفة السلة بنسبة 68% خلال شهر واحد، ما يضع أكثر السكان في حالة عجز أمام تأمين مستلزمات الحياة الرئيسية ويُهدد كثيرين بالفقر.

التسوق من البازارات الشعبية لمدة ثلاثة شهور يُوفر على المستهلك مصروف شهر كامل في شهور الشتاء، أما في شهور الصيف فيقل التوفير عن مصروف شهر بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي لا تُساعد في الحفاظ على الخضروات، وتحتاج العائلة حالياً بشكل وسطي لمصروف شهري بين 300 ألف و400 ألف ليرة سورية وفقاً لأبو بسام، أي ما يُعادل 140 دولار أمريكي تقريباً.

وكانت "حكومة الإنقاذ" قد أصدرت في تموز العام الماضي قراراً يقضي بإيقاف عمل البازارات في كافة مناطق إدلب ضمن حزمة إجراءات الوقاية من انتشار فايروس كورونا، لكن سرعان ما عادت البازارات إلى العمل بسبب حاجة المستهلكين والباعة إليها.

ترك تعليق

التعليق