احتكار البضائع يُفاقم معاناة قاطني دمشق وريفها


تعرض أبو جواد -اسم مستعار لأسباب أمنية- وهو صاحب متجر في حي الميدان وسط دمشق، لخسائر مادية في العام الماضي وصلت إلى 20 ألف دولار بسبب فارق سعر مبيع البضائع للمستهلك بالمفرق وإعادة شرائها بالجملة بأسعار مرتفعة جداً، ما دفعه حالياً إلى إخفاء بضائعه التي تُقدر قيمتها بنحو 40 ألف دولار أمريكي.

تشهد الأسواق في العاصمة دمشق وريفها ركوداً غير مسبوق جراء انخفاض جديد لسعر الليرة السورية أمام العملات الصعبة أدى إلى امتناع  كثير من مُوزعي وتجار المواد الغذائية والبقاليات الصغيرة عن الاستمرار بعمليات البيع في حالة تُشبه الإضراب المنظم.

عند كل تغيير سلبي بسعر الليرة السورية على مدار السنوات السبع الماضية تُصاب الأسواق بحالة من الركود والجمود والشلل جراء تخوف الباعة من فقدان رأس المال من جهة وانخفاض القدرة الشرائية لدى المستهلك السوري من جهة أخرى وفقاً لما قاله لـ "اقتصاد" السيد أبو جواد، منوهاً بأن أصل مشكلة تعرض التجار للخسائر في الأحوال الطبيعية التي تكون فيها الأسواق مستقرة لشهور قليلة فقط هو خلل التسعيرة الصادرة عن وزارة الاقتصاد. أما حالياً، فالأمر أخطر، حسب وصفه.

ويؤكد وجود فقدان ثقة من جانب التجار "صغار وكبار" بالإجراءات الرسمية الرادعة لتذبذب حالة السوق، ما يدفعهم إلى اتخاذ قرار تعليق البيع بشكل فردي، إذ أنّ البنك المركزي عاجز كلياً عن التخفيف من حدّة الأزمة بسبب فقدانه لأدوات التدخل الإيجابي والتي أبرزها انخفاض أو انعدام الاحتياطي في خزائنه.

ولم يتمكن أبو جواد "ضمنياً" من نفي الأثر السلبي المنعكس على المستهلك جراء احتكار البضائع، لا سيّما مع انتشار منتجات فاسدة مجهولة المصدر يضعها المستهلكون في أولويات قاموس مشترياتهم كونها أرخص ثمناً، ويؤكد أنّ الاحتكار ضرورة للاستمرار في المستقبل.

وعلى خلاف ما تُصوره وزارة الاقتصاد في نظام الأسد بأن الواقع الاقتصادي يشهد تحسناً ملحوظاً في ظل ارتفاع معدل النمو، أكدت جمعية حماية المستهلك منذ أيام، على غير عادتها، الارتفاع غير المسبوق بأسعار جميع المنتجات الغذائية بنسبة لا تقل عن 50%، ما يفوق قدرة المستهلك الشرائية.

يترك انخفاض قيمة الليرة السورية فارقاً كبيراً بين رواتب الموظفين في دوائر نظام الأسد وبين الأسعار في الأسواق وتتسع تلك الفجوة يوماً بعد الآخر بسبب غياب العلاج، الأمر الذي يُساهم بالضرورة في ظهور طبقة مفقودي الدخل.

"أم راكان"، موظفة في مديرية تربية ريف دمشق تحدثت لـ "اقتصاد" عن معاناتها منذ سنوات، حيث تقف عاجزةً عن تأمين احتياجات أطفالها الثلاثة بسبب راتبها الضئيل البالغ 28 ألف ليرة سورية، أي ما يُعادل ثمانية دولارات أمريكية لا أكثر، وتعتمد في معيشتها على حوالات المساعدات التي تصلها من أقاربها في أوروبا، بفترات متباعدة.

وتؤكد أم راكان أنّها كحال كثير من قاطني دمشق وريفها تتعرض للغبن بسبب ارتفاع أسعار المواد التموينية الرئيسية في الأحوال الاعتيادية، أمّا في حالة السوق الحالية فهي لا تتجرأ حتى بالسؤال عن سعر أيّة سلعة حتى لو كانت في سُلم الأولويات.

وتُحمّل أم راكان المسؤولية لدوائر نظام الأسد لعدم مراقبته أحوال الأسواق والاحتكار والأسعار المتباينة بين متجرٍ وآخر. لكن في ختام حديثها تذكرت أنّ لا عتب يُسجل بحقّ من دمّر وهجّر.

وتجاوز سعر الدولار الأمريكي الواحد عتبة الـ 4 آلاف ليرة سورية، يوم الأحد.

 وفيما يلي قائمة موسعة لأسعار أبرز أصناف المواد الغذائية الرئيسية للمستهلك، بحسب ما رصد "اقتصاد" (الأسعار بالليرة السورية للكيلو الواحد):

لحوم ودجاج:

لحم ضان: 25000
لحم عجل: 18000
كيلو الدهنة: 20000
شرحات دجاج: 11000
سودة دجاج: 10000
كباب دجاج: 10000
دبوس: 9500
فروج كامل منظف: 7500
جوانح دجاج: 7000

خضار وفواكه:

موز: 3200
اجاص: 2200
برتقال 2200
تفاح: 2200
بندورة: 2000
باذنجان: 1800
بطاطا: 1200
زهرة: 1800
جزر: 1200
ضمة البقدونس: 250

مواد تموينية:

سمن بقري: 22000
سمن نباتي 8500
زيت قلي: 8500
أرز مصري: 3600
أرز اسباني: 3200
سكر: 2800
برغل خشن: 2300
برغل ناعم: 2300
سكر: 2800
طحين: 2200

ألبان وأجبان:

جبنة الحلوم: 12000
جبنة شلل: 12000
جبنة  تركمانية: 10000
جبنة بلدية: 9000
لبنة: 7000
لبن: 1800
حليب: 1600

يُذكر أنّ برنامج الأغذية العالمي أكّد مطلع العام الحالي ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 247%، منوهاً بمدى صعوبة الحياة المعيشية في سوريا لا سيّما مع توسع الفجوة بين دخل الأسرة واحتياجاتها الأساسية، مُحذراً من تفاقم الكارثة بعد أن تجاوزت نسبة من هم تحت خط الفقر 90%، كما أكّدت منظمة أنقذوا الطفولة في مطلع العام الحالي أنّ أكثر من 4,6 مليون طفل فاقدين للأمن الغذائي، أمّا الأمين العام للأمم المتحدة فقد أكّد منذ أيام أنّ سوريا تواجه "الكابوس الحي" داعياً إلى ضرورة زيادة وصول المساعدات الإنسانية، فيما تؤكد منظمة الصحة العالمية افتقار 9 مليون إنسان للغذاء الكافي، أما برنامج الأغذية العالمي فقد أعلن في شباط الماضي أن 12,4 مليون إنسان في سوريا يكافحون للعثور على ما يكفيهم من طعام.

ترك تعليق

التعليق