شمال غرب سوريا.. انخفاض المبيعات إلى النصف جراء تدهور قيمة الليرة التركية


تعرّض الحاج أبو فؤاد القاطن في مخيمات أطمة بريف إدلب، لخسائر مادية تتراوح بين 800 و 1000 دولار أمريكي خلال شهر واحد، ويعزو ذلك إلى انخفاض قيمة الليرة التركية أمام العملات الأجنبية الأخرى.

بلغ سقف الديون المستحقة لأبو فؤاد الذي يعمل تاجراً للمواد الغذائية، نحو 16 ألف ليرة تركية، وبفترة قصيرة خسر الرقم نحو نصف قيمته، حيث كانت قيمة الليرة وفقاً لسعر الصرف البالغ حينها 8 ليرات تركية مقابل الدولار الواحد، أما الآن فبات سعر الدولار الواحد يتجاوز حاجز 14 ليرة تركية.

يقول محدثنا متأسفاً، إنه منذ سنة يُتيح لزبائنه الإستدانة بالعملة التركية، كونها منذ حزيران 2020 باتت العملة المتداول بها في مناطق شمال غرب سوريا الخارجة عن سطوة نظام الأسد عوضاً عن الليرة السورية التي تستمر بالانهيار. لكن ذلك لم يحميه من الخسائر.

خلال الشهور الثلاثة الماضية ارتفعت أسعار المواد الغذائية في المنطقة المذكورة بنحو 400%، والخبز 300%، والمواد غير الغذائية 200%، أما المحروقات فارتفعت بنحو 350%، ووصلت أعداد الأسر التي اضطرت لتخفيض أعداد الوجبات الأساسية إلى 89%، فيما بلغت نسبة الأسر التي وصلت إلى حد الانهيار  نحو 59%، وتجاوزت معدلات الفقر 90% من نسبة السكان، وفقاً للبيانات الأخيرة لفريق منسقو استجابة سوريا.

انخفضت المبيعات في أكثر متاجر المواد الغذائية الأساسية بنسبة تصل إلى 50% بحسب ما قاله لـ "اقتصاد" السيد عبد الفتاح عويض صاحب متجر غذائيات في مدينة جنديرس بريف عفرين.

وأضاف محدثنا إن مبيعاته اليومية كانت تصل إلى 18 ألف ليرة تركية، إلا أنه منذ شهر حتى الآن انخفضت المبيعات إلى ما بين 7 و 10 آلاف فقط، كما باتت الأرباح أقل نوعاً ما، بسبب دفع سعر المواد بالجملة بالدولار الأمريكي، وبيعها بالمفرق بالليرة التركية.

بائع آخر عزا أسباب انخفاض المبيعات إلى ثبات أجور الموظفين والعمال بالتزامن مع انخفاض قيمة الليرة التركية، حيث ورغم انخفاض قيمة الليرة التركية بنحو الضعف، إلا أن العامل لازال يقبض بين 20 و30 ليرة تركية كأجرة يومية، ويقبض الموظف في المؤسسات الرسمية البديلة بين 700 و850 ليرة تركية فقط.

موظف في المجلس المحلي بمدينة مارع قال لـ "اقتصاد" إن راتبه لم يكن سابقاً يكفيه لأيام عدة بسبب ارتفاع الأسعار، حيث يحصل كل شهر على راتب مقداره 750 ليرة تركية فقط، وتتفاقم معاناته حالياً بسبب ارتفاع أسعار المواد الرئيسية وانخفاض قيمة العملة التركية وعدم توفر عمل آخر يخوله تأمين مورد إضافي يساعده على مشقة حياة أطفاله.

تزامن انخفاض قيمة الليرة التركية مع دخول فصل الشتاء، ما وضع أكثر قاطني الشمال في حالة عجز عن تأمين مستلزمات التدفئة كالمازوت أو الغاز أو الحطب أو البيرين أو الفحم.

ويبلغ سعر كيلو الحطب الأخضر الكينا بنحو ليرة ونصف، فيما يبلغ سعر كيلو حطب الزيتون بنحو ليرتين، أما ليتر المازوت الواحد فيبلغ بين 9.23 و11.5 ليرة تركية وفقاً للنوع والجودة. فيما تُباع أسطوانة الغاز الواحدة بنحو 172.8 ليرة تركية.

بالعودة إلى أبو فؤاد، فقد أكّد أن كثيرين من تجار المفرق سيقومون بالعزوف عن العمل واستكمال أنشطتهم التجارية جرّاء تخوفهم من تعرضهم لخسائر حتمية، في ظل عجزهم عن تجميع ديونهم المتفرقة بين الزبائن. 

يُشار أنه في الأيام القليلة الماضية صدرت دراسة عن "معهد الشرق الأوسط للدراسات" حذّرت من مجاعة كبيرة باتت تهدد سوريا خلال المرحلة المقبلة، الأمر الذي يتطلب تحركاً عالمياً لإنقاذها، ووضع حلول لانزلاق ملايين السوريين إلى مستوى الفقر المدقع.

يُذكر أن حالة من التذمر الشعبي باتت تظهر للعلن وتتسع لأول مرة بسبب تزايد معدلات الفقر وارتفاع مؤشرات البطالة وانفلات الأسعار، وسط عجز مؤسسات حكومتي "المؤقتة والإنقاذ" عن تقديم أيّة بدائل تُذكر.

(الصورة المرفقة أرشيفية)

ترك تعليق

التعليق