السوريون يستقبلون شهر رمضان.. بشيء من الخوف


أيام قليلة تفصلنا عن قدوم شهر رمضان المبارك، بينما تلقي بورصة الأسعار بظلال قاتمة على حال السوريين، الذين تشير وسائل إعلامهم بأن هذا الشهر سوف يكون الأسوأ معيشياً بالنسبة لهم، نظراً لخروج العديد من المواد الأساسية من قائمة غذائهم، بعد أن وصلت أسعارها إلى مستويات قياسية، تفوق قدراتهم الشرائية.

اللحوم بكافة أشكالها مستبعدة 

وتعتبر اللحوم من أبرز المواد، المرشحة للاستبعاد من قائمة غذاء السوريين في شهر رمضان المقبل، بما فيها الفروج الذي وصل سعر الكيلو منه إلى أكثر من 10 آلاف ليرة سورية، ما يعني أن الأسرة من خمسة أشخاص بحاجة إلى أكثر من 40 ألف ليرة من أجل تناول وجبة فروج على الإفطار، أي نحو 30 بالمئة من متوسط الدخل الشهري للموظف البالغ نحو 150 ألف ليرة سورية.

وأكد مسؤولون عن تربية قطاع الدواجن في سوريا بأن أسعار الفروج مرشحة للمزيد من الارتفاع خلال شهر رمضان، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وبالذات الأعلاف والمازوت، وهو ما أدى إلى عزوف المربين عن التربية.

وتسعّر وزارة التجارة الداخلية التابعة للنظام، كيلو الفروج في صالاتها بـ 7200 ليرة، إلا أنه غير متوفر بصورة مستمرة.

الخضار ليست أحسن حالاً

وبالانتقال إلى الخضار، فهي الأخرى شهدت أسعارها ارتفاعات غير مسبوقة قبل قدوم شهر رمضان، حيث سجل سعر كيلو البندورة المنتجة محلياً أكثر من 4 آلاف ليرة، والبطاطا أكثر من 2000 ليرة، عدا عن باقي أنواع الخضار، من باذنجان وكوسا والقرنبيط وخيار وبقدونس.. إلخ والتي تراوحت أسعارها بين 1000 إلى 2000 ليرة للكيلو، ما يعني أن تكاليف سفرة رمضان لا تقل عن 15 ألف ليرة يومياً بدون لحوم، وذلك مهما حاولت الأسرة أن توفر.

الارتفاع طال كل شيء 

ولم يقتصر ارتفاع الأسعار على المواد الغذائية الأساسية، بل شمل مواداً أخرى اعتاد السوريون تناولها في رمضان، مثل التمور التي ارتفعت أسعارها هي الأخرى إلى أرقام كبيرة، وذلك إثر قرار وزارة الاقتصاد بوقف استيرادها، بحجة ضغط النفقات، حيث وصل سعر الكيلو إلى أكثر من 5 آلاف ليرة للنوعية المتوسطة.

ولا يجب أن نغفل كذلك البرغل الذي وصل سعر الكيلو منه إلى 5 آلاف ليرة في السوق، والرز بأكثر من 2500 ليرة والزيت النباتي بنحو 11 ألف ليرة لليتر، وغيرها من المواد التي لا يمكن للأسرة أن تعيش بدونها، وتشكل العمود الفقري لأي وجبة طعام.

ماذا يقول السوريون..؟

في حديث مع "اقتصاد"، أشار سوريون في الداخل، إلى أنهم لم يفعلوا شيئاً استعداداً لشهر رمضان المبارك، بخلاف ما جرت عليه العادة في السنوات السابقة، عندما كانوا يشترون مؤونة من المواد الغذائية تكفي لمدة أسبوع على الأقل، وتتضمن اللحوم والرز والزيوت والتمور وبعض المشروبات والمواد الغذائية التي يمكن تناولها على السحور، كالأجبان والألبان والبيض الذي وصل سعر الطبق منه إلى أكثر من 13 ألف ليرة.. وفي المقابل أكدت وسائل إعلام النظام بأن الأسواق شبه خالية من الحركة المعتادة في مثل هذه الأيام، مع اقتراب شهر رمضان، مشيرة إلى واقع الأسعار المرتفع فرض إيقاعه على كل شيء، حيث بات السوري يشتري حاجياته بالقطعة، بدءاً من الخضار وانتهاء بشراء عظام الفروج والذبائح، بدلاً من اللحوم.

وأفاد علاء عبد الرحمن، من أهالي درعا لـ "اقتصاد"، أنه لا يوجد ما يشير إلى أجواء رمضان هذا العام، لافتاً إلى أن قدوم هذا الشهر بات عبئاً وهمّاً على الأسر، التي لا تكفي دخولها لتأمين حاجياتها من الخبز فقط، فكيف بباقي المواد الغذائية..؟

وأضاف عبد الرحمن أن العديد من الأسر الفقيرة والتي أصبحت تشكل غالبية المجتمع، تنتظر تحرك أهل الخير في الخارج من أبناء مناطقهم، من أجل جمع التبرعات وتقديم المعونات، مشيراً إلى أن هذا الأمر يشكل عامل دعم أساسي في كل عام، وبالذات خلال شهر رمضان.

بدوره قال معن مصطفى، وهو من سكان دمشق، إنه يشعر بثقل في صدره مع اقتراب شهر رمضان الكريم، إذ لا يعرف من أين سيؤمن حاجيات هذا الشهر لأسرته المكونة من أربعة أولاد وزوجة، علماً أنه موظف وزوجته موظفة، لكن دخلهما معاً لا يتجاوز الـ 300 ألف ليرة سورية شهرياً.

ونوه مصطفى إلى أن حاجة الأسرة في الأشهر العادية لا تقل عن مليون ليرة، فيما تزداد في شهر رمضان إلى نحو مليون ونصف ليرة، ما يعني حسب قوله بأن الراتب لن يكفي سوى لبضعة أيام فقط.

وأضاف مصطفى أنه يفكر جدياً باصطحاب أسرته كل يوم إلى أحد المساجد التي تقدم وجبات إفطار، معتبراً أن هذا هو الحل الوحيد لكي يخرج من شهر رمضان بسلام وبأقل قدر ممكن من الديون.. ثم استدرك: "هذا إذا مازالت عادة تقديم وجبات الإفطار في المساجد مستمرة".

ترك تعليق

التعليق