أين باقي وزارات حكومة النظام..؟


منذ الإعلان عن الموازنة العامة للدولة، مطلع تشرين الثاني من العام الماضي، وأخبار ونشاطات وزارة المالية وتصريحات وزيرها، كنان ياغي، شبه غائبة عن وسائل إعلام النظام، بينما قبل ذلك التاريخ وعلى مدى العشر سنوات السابقة، كان وزير المالية، تقريباً، هو الأكثر حضوراً في وسائل الإعلام بعد رئيس الوزراء.

اختفاء أو غياب وزارة المالية عن ساحة العمل الحكومي عبر وسائل الإعلام، لا يخصها وحدها فحسب، وإنما هناك عدد آخر من الوزارات والمؤسسات غائبة إلى حد ما عن المشهد الإعلامي وربما الحكومي، وبالذات بعد الانتخابات الرئاسية منتصف العام الماضي، وإعادة تعيين حسين عرنوس رئيساً للحكومة. مثل وزارات، النقل والإدارة المحلية والاقتصاد والسياحة والشؤون الاجتماعية والعمل والصناعة والزراعة والإعلام والتربية والتعليم، بالإضافة إلى حاكم المصرف المركزي، الذي كان دائم التصريح لوسائل الإعلام، وكذلك مدير عام مؤسسة توزيع المشتقات النفطية "محروقات"، الذي كان يدعى مصطفى حصوية، ثم جرى عزله وتعيين بديل عنه، لا يكاد أحد يعرف اسمه اليوم.. إلخ. وفي المقابل سوف يلفت الانتباه صعود وزارة التجارة الداخلية وطغيانها على المشهد، وبصورة أقل، وزارة الكهرباء ووزارة النفط.

هذا الغياب فسره لنا أحد الصحفيين العاملين في وسائل إعلام النظام، بأنه يعود لسببين، الأول: توجيهات من القصر الجمهوري بضرورة تخفيف الشخصيات الرسمية، وبالذات الوزراء ومدراء المؤسسات الحيوية، من الظهور على وسائل الإعلام والإدلاء بتصريحات وتقديم أي بيانات عن عمل وزاراتهم ومؤسساتهم، حتى لا يتم استثمارها من قبل إعلام المعارضة و"الدول المغرضة".. أما السبب الثاني وفقاً لهذا الصحفي، فهو أن الكثير من الوزارات لم يتم تخصيص موازنات استثمارية لها، ولم تحصل سوى على رواتب موظفيها، وبالتالي لا يوجد لديها مشاريع ولا خطط لكي تتحدث عنها، ويقتصر ظهور مسؤوليها على نشاطات روتينية، غير مؤثرة في المشهد العام.

أما المحلل الاقتصادي "أحمد المسالمة" الذي يقيم في محافظة درعا، فقد رأى في تصريحات خاصة لـ "اقتصاد"، أنه حدثت تحولات كبيرة في المشهد الحكومي والإعلامي منذ تسليم حسين عرنوس لرئاسة الوزراء، في آب من عام 2020 خلفاً لـ "عماد خميس"، ومن ثم تكليفه بتشكيل الحكومة بعد الانتخابات الرئاسية، في آب أيضاً من عام 2021.

ويوضح المسالمة، أن أبرز هذه التحولات، هو انسحاب الحكومة بالكامل من المشهد الإعلامي في مواجهة الناس، في ظل أزمات بدأت تطفو على السطح وتنذر بالأسوأ في المرحلة القادمة، بعد تسريبات تحدثت عن ضغوط روسية وإيرانية للحصول على ديونهما على النظام، والمقدرة بنحو عشرين مليار دولار.

ويشير المسالمة إلى أن النظام، على ما يبدو، لم يستطع الإفلات من مسألة سداد الديون أو تأجيلها، لافتاً إلى أنه يمكن ملاحظة الانحدار في الوضع الاقتصادي بدءاً من مطلع العام 2020، عندما انهارت الليرة السورية بشكل متسارع، من نحو 1000 ليرة مقابل الدولار في العام 2019، إلى نحو 4 آلاف ليرة في مطلع العام التالي، لتعاود بعدها الاستقرار عند مستوى مرتفع، ظل يراوح بين 3000 إلى 3500 ليرة مقابل الدولار، والذي استمر حتى مطلع العام الجاري.

ويرى المحلل الاقتصادي، أن النظام وحتى نهاية العام 2019 لم يكن يعاني من أية أزمات في توفير المواد الأساسية، وبالذات المحروقات والخبز والمواد التموينية، بل ظلت متوفرة في الأسواق بشكل جيد، ما يشير، حسب قوله، إلى أن هناك أمراً ما حدث فجأة وأدى إلى هذا التطور المأوساي للأوضاع الاقتصادية في البلد، معبراً عن اعتقاده بأن السبب لا يعود إلى قانون قيصر والعقوبات والحصار الغربي، بحسب ما يدعي مسؤولو النظام، وإنما إلى مسألة سداد الديون الروسية والإيرانية على الأغلب.

وختم المسالمة، بأنه يميل أكثر للرأي القائل بأن الكثير من الوزارات لم يتم تخصيص أي موازنات استثمارية لها، وبالتالي هي لا تفعل شيئاً اليوم يستدعي الحديث عنه، وفي المقابل يرى أن أحداً لا يستطيع أن يتجاهل بأن هناك بالفعل توجيهات من السلطات العليا، بضرورة توقف الوزراء والمسؤولين عن تقديم البيانات والوعود، التي تعطي الأمل للسوريين بتحسن الوضع المالي والاقتصادي في المستقبل، بعكس المرحلة ما قبل العام 2020، لأن المؤشرات تدل على أن القادم سوف يكون دائماً أسوأ، بحسب وصفه.

(الصورة المرفقة لوزير المالية بحكومة النظام - كنان ياغي)

ترك تعليق

التعليق