جاء العيد.. ولم تزدد الرواتب


خيبة أمل كبيرة يعيشها السوريون في مناطق سيطرة النظام بعدما أوهمتهم وسائل الإعلام على مدى الأيام الماضية، بأن زيادة الرواتب سيتم إصدارها قبل العيد مباشرة.. بل إن المحللين الاقتصاديين ذهبوا أبعد من ذلك وراحوا يتنازعون فيما بينهم حول نسبة الزيادة وسبل تغطيتها. فمنهم من رأى أنها ستكون كبيرة وتتجاوز المئة بالمئة، والبعض الآخر قال بأنها لن تزيد عن الخمسين بالمئة.. فلماذا لم تصدر هذه الزيادة قبل العيد، أو على الأقل منحة مالية على غرار ما حدث في العيد الماضي..؟

 ومن جهة ثانية من المسؤول المباشر عن ترويج مثل هذه الشائعات، التي لا شك تعتبر من أخطر ما يداعب مشاعر السوريين في هذه الفترة، بسبب ما يعانونه من ظروف معيشية صعبة نتيجة تراجع القدرة الشرائية للدخل الشهري، الذي لم يعد يكفي لمعيشة يوم واحد فقط للأسرة المكونة من خمسة أفراد.

من تابع تصريحات المسؤولين المباشرين في النظام خلال الفترة الماضية، وبالذات رئيس الوزراء ووزير المالية، سوف يجد أنهم أشاروا أكثر من مرة بأن موضوع زيادة الرواتب يجري دراسته باستمرار وهو محط اهتمام الحكومة دائماً، لكن أياً منهم لم يحدد موعداً لهذه الزيادة أو قرب صدورها، بما في ذلك نسبتها ولو بالتلميح، وإنما انطلقت الشائعة من بعض أعضاء مجلس الشعب الذين روجوا لمعلومات قالوا إن مسؤولين صرحوا بها تحت قبة المجلس، وأكدوا فيها أن زيادة الرواتب باتت قريبة وبأنها سوف تكون مجزية.

ولعل المتابع سوف يجد أن مصدر الشائعة الأساسي هو العضو ورئيس لجنة الموازنة في مجلس الشعب، محمد زهير تيناوي، الذي صرح لأكثر من وسيلة إعلام بأن زيادة الرواتب تم الانتهاء منها وهي تنتظر اللمسات الأخيرة لإصدارها من قبل رئيس النظام السوري.. أما قصة صدورها قبل عيد الأضحى الجاري، فهي من توقعات المحللين الذين استندوا إلى تصريحات تيناوي وتأكيداته بأن الزيادة قادمة لا ريب فيها، لذلك رأوا أن أنسب وقت لصدورها هو قبل العيد، لكي تصبح الفرحة، فرحتان.. سيما وأن النظام يحرص بالفعل على إفراح شعبه..ََََ!!

وأجمل ما في نقاش زيادة الرواتب، كان الحديث حول نسبتها وسبل تغطيتها، حتى لا تنعكس بالسلب على الأسعار. حيث ظهر أكثر من فريق وأكثر من رأي، بعضهم رفض موضوع الزيادة من الأساس واعتبره طامة كبرى سوف تحل على المواطن السوري، لأنه لا يوجد مصادر لتغطيتها من عوائد الاقتصاد السوري، وبالتالي سوف تلجأ الحكومة للمصرف المركزي وتغطيها بالتضخم، الأمر الذي سوف يكون لها منعكسات سلبية كبيرة على وضع الليرة السورية والأسعار. بينما رأى البعض الآخر أن الحكومة تستطيع تغطية زيادة معقولة بين 40 و50 بالمئة، من خلال ما تعلنه عن زيادة كميات التصدير، التي بوسعها أن تغطي هذه النسبة.

أما المواطن السوري فقد أطلق شائعة خاصة به تقول إن إحدى الدول الخليجية، ويقصدون السعودية، طلبت من بشار الأسد أن يزيد الرواتب بشكل مجزي وتعهدت بتغطية الزيادة لمدة عام على الأقل، ريثما يستعيد الاقتصاد السوري عافيته.

ونرجع للسؤال في البداية: لماذا لم يصدر النظام السوري قراراً بزيادة الرواتب رغم هذا الزخم الإعلامي الذي كاد يوحي بأنه بتوجيه من النظام ذاته..؟

في الواقع، إن ما كانت تتداوله وسائل الإعلام عن وجود زيادة مرتقبة على الرواتب إنما كان وسيلة ضغط على النظام، وعلى مبدأ: "بلكي بيستحي على حاله وبيستجيب لهذا الضغط".. لكن على ما يبدو، وكما رشح عن بشار الأسد أثناء انطلاق الثورة السورية، أنه صرح أمام أكثر من مسؤول أنه لا يعمل تحت الضغط، وإذا ما أرادت الناس الإصلاح عليها بداية أن ترجع إلى بيوتها وتتوقف عن التظاهر، ومن ثم هو يختار الوقت المناسب ليقوم بإصلاحاته.

هذا ربما يفسر لنا، لماذا لم "يستحي النظام على حاله" ويستجيب لهذه الآهات التي ملأت وسائل الإعلام والتي تناشد "سيادته" أن يصدر أي زيادة على الرواتب، مهما كانت نسبتها.. المهم أن يحسوا أن هناك من يشعر بهم وبآلامهم ويتفاعل معها.. لأن ما يغيظهم هو هذا التنطيش الكامل وكأن الشعب لم يعد موجوداً في حسابات بشار الأسد وحاشيته.

ترك تعليق

التعليق