خيبة أمل واسعة من جلسة مجلس الشعب الاستثنائية


عناوين كبيرة استخدمتها صفحات النظام الإعلامية، لوصف جلسة مجلس الشعب الاستثنائية التي عُقدت ظهر أمس، بقصد مناقشة الحكومة في أسباب تردي الوضع الاقتصادي وانهيار سعر صرف الليرة، وصلت إلى حد الحديث عن تحول كبير في المشهد السياسي الداخلي، إذ أنه سيتم لأول مرة في تاريخ سوريا الأسدي، حجب الثقة عن الحكومة ومن ثم محاسبتها.. لكن سرعان ما خابت الآمال، مع نقل كلمة رئيس الوزراء حسين عرنوس فقط، في الجلسة، التي لم يسمح لوسائل الإعلام بنقل مجرياتها والمداخلات التي قدمها أعضاء المجلس فيها، سيما وأن كلمة عرنوس، جاءت صادمة لجمهور النظام بكل المقاييس، بعدما خلت من أي وعود أو خطط أو آمال بتحسن الوضع الاقتصادي في البلد وتحسين معيشة مواطنيه.

كلمة رئيس الوزراء كان لها أصداء سلبية كبيرة من قبل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في مناطق سيطرة النظام، إذ امتلأت الصفحات بالشتائم، على الحكومة وعلى وسائل الإعلام التي أوحت بأن هناك تغييراً كبيراً سوف يحصل في هذه الجلسة، أكبره إقالة الحكومة وحجب الثقة عنها، وأقله الإعلان عن حزمة قرارات، على رأسها زيادة الرواتب والأجور بنسبة كبيرة.

ردود الأفعال السلبية لم تقتصر على المواطنين فحسب، وإنما اجتاحت أوساط المحللين الاقتصاديين والخبراء، الذين عبروا هم الآخرون عن خيبة أملهم من خطاب عرنوس، بما احتواه، حسب قولهم، من مغالطات كبيرة فيما يتعلق بتحليله للواقع الاقتصادي وأسباب ترديه في سوريا.

إذ كتبت الباحثة رشا سيروب، على صفحتها في "فيسبوك"، متهمة الحكومة بارتكاب مخالفة دستورية، بسبب عدم إنجاز قطع الحساب بين عامي 2021 و2022، متسائلة: كيف يمكن اقتراح حلول ووضع سياسات اقتصادية..؟

وقالت: "المعروض النقدي M1 وM2 مجهولين حتى لأعضاء مجلس الشعب.. وما بعرف إذا الحكومة عندها دراية بهما". بالإضافة إلى معدل التضخم "الذي يفترض أن يصدر شهرياً (لن نقول يومياً)، أحدث تاريخ له شهر كانون الأول 2021".

وتابعت سيروب تعليقاً على بيان عرنوس، أن أكثر من 100 بالمئة من الاقتصاد غائب عن السجلات الرسمية مشيرة إلى أن عدم لحظ التشابكات الاقتصادية والمالية بين جميع المناطق السورية (خارج السيطرة وتحت السيطرة) هو ضرب من الخيال إذا ما أُريد وضع سياسات سليمة.

أما الصحفي العامل في الشأن الاقتصادي، ورئيس تحرير جريدة "تشرين" السابق، زياد غصن، فقد بث رسالة صوتية على هوا إذاعة "شام إف إم" الموالية عبّر فيها عن عدم تفاؤله منذ البداية لدى الإعلان عن جلسة مجلس الشعب الاستثنائية، لكنه أشار بنفس الوقت إلى أنه لم يكن يتوقع أن تخرج الجلسة بهذه "الصورة المخيبة لآمال الناس، وتالياً زيادة حدة الاحتقان الشعبي عوضاً عن تخفيفها".

وأضاف غصن، أن "ما قيل في الجلسة، وما أريد إيصاله للرأي العام، كان يمكن أن يقال في مقابلة أو عبر تسريبة إعلامية، ولا حاجة لهذه البلبلة التي حدثت، وكانت بلا مبرر وفقاً للسيناريو الذي تم".

متسائلاً: "ثم منذ متى كانت الحكومة تعرض على السلطة التشريعية سياساتها الاقتصادية.. ألم ترفع أسعار جميع السلع والخدمات مرات عديدة ومن دون علم السلطة التشريعية؟".

وتساءل أيضاً: "ثم هل مناقشة الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد يمكن أن يتم في جلسة واحدة تمتد لبضع ساعات قليلة؟ وأين كان هذا المجلس عندما كان سعر الصرف في السوق السوداء يتحرك من حوالي 2200 ليرة في العام 2020 إلى أكثر من 12000 ليرة في الأيام القليلة الماضية؟".

ورأى غضن أن التعاطي الشعبي الإيجابي مع جلسة مجلس الشعب الاستثنائية لم يكن مرتبطاً فقط بحجب الثقة عن الحكومة أو عن فريقها الاقتصادي، إذ كان يكفي أن تكون مخرجات النقاش موضوعية تحاكي أوضاع الناس وتعمل على تبديد مخاوفهم، لكن أن يتم التركيز الحكومي على أن المشكلة الاقتصادية تكمن في قيمة الدعم، وليس في فساد وهدر مؤسسات الدعم، والتبشير تالياً بمزيد من الأعباء والضغوط المعيشية، فهذا هو الانفصال عن الواقع بحد ذاته.

وختم قائلاً: "خلال الأيام القليلة ستكون البلاد مضطرة إلى محاولة لملمة الانعكاسات السلبية لهذه المسرحية الفاشلة، وحصد مزيد من الشكوك وعدم الثقة للأسف".

ترك تعليق

التعليق