بيع الأوطان بخطوط الإئتمان


ما يحصل معنا، نحن السوريون، أننا نرى الخطوط الائتمانية التي تقدمها طهران لدمشق، لكننا لا نرى ما يقدمه النظام السوري من تنازلات، في المقابل، سوى عبر التسريبات والفضائح.

تقول الأخبار إن من أبرز أهداف زيارة فيصل المقداد إلى إيران هو الحصول على خط إئتماني للنفط حتى نهاية العام الجاري، وبمعدل 2 مليون برميل شهرياً، وقد وافقت طهران على الخط، مقابل توقيع مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية، تقول التسريبات بأن النظام أعطى بموجبها لطهران امتيازات كبيرة في عدد من القطاعات الاقتصادية، التي لم يتم الكشف عن مضامينها. لكن على ما يبدو أن إيران أحكمت قبضتها على سوريا بالكامل وبخيار النظام نفسه، كون زيارة المقداد إلى طهران جاءت بالتزامن مع أنباء تتحدث عن أن بشار الأسد أخبر الأمم المتحدة بأنه غير معني بمسار التطبيع العربي القائم على مبدأ "خطوة مقابل خطوة".

وتعليقاً على خبر الحصول على خط ائتماني جديد للنفط من إيران، كتب الكثير من المعلقين يتساءلون: "وبعدين..؟"، ويقصدون أن استرجاع حقول النفط في الجزيرة السورية بات من شبه المستحيل، فهل يستمر النظام بالتعرض للاستغلال الإيراني..؟ وماذا بعد نهاية العام الجاري..؟، وكتب أحدهم: "على هذه الحالة فإن كامل الأراضي السورية لا تكفي لسداد الخطوط الائتمانية الإيرانية".

بلا شك، هناك اليوم وعي متزايد داخل الساحل السوري، بأن النظام يبيع البلد ومقدراته لإيران وروسيا مقابل البقاء على كرسي الحكم فقط، لكن هذا الوعي لا يتعدى حدود الصراخ، لأن الناس فقدت القدرة على المقاومة الفعلية بعد أن تم تجويعها وقبل ذلك، توريطها بدماء أخوتهم السوريين. لذلك يمكن ملاحظة أن الأصوات الغاضبة التي بدأت تخرج من حاضنة النظام، كلها تحاول أن تتحدث بالوحدة الوطنية، وتخاطب باقي المحافظات التي ثارت على النظام، وكذلك تخاطب المعارضين واللاجئين وتدعوهم للعودة والعمل سوية لتخليص البلد مما هي مبتلية به.

لا نقول إنه فات الآوان، لكن فات الزمن الذي يثق فيه السوريون الذين تعرضوا للقتل والتهجير، بإخوانهم السوريين الذين شمتوا بهم ووصفوهم بأقذع العبارات والصفات.. أو بصورة أدق: من صرخ لأنه جاع فقط، لا يؤتمن جانبه إذا شبع من جديد.

ترك تعليق

التعليق