1.5مليون منزل مدمر في سوريا ..والناس لا تصدّق كذبة النظام بتعويض المتضررين؟

أثار تقرير صدر حديثاً عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية (الاسكوا)، أن ما يقرب من مليون ونصف المليون منزل تعرض للدمار في سوريا، منها 315 ألف منزل تعرض للدمار الكامل، و 300 ألف منزل تعرض للدمار الجزئي، أثار السؤال مجدداً: "إلى متى يبقى النظام تيعامل مع ملف تعويض المتضررين بهذه العقلية؟" التي تدعو إلى السخرية.

فعلاً، تدعو إلى سخرية مئات من المواطنين، خاصة بعد أن رفعت حكومة النظام مخصصات الميزانية المتعلقة بإعادة البناء، حيث خصصت مبلغ ثلاثين مليار ليرة (220 مليون دولار) للغرض نفسه،  في ميزانية العام الجاري التي لم تقر بعد، يسأل البعض: "أي بناء وأي تعويض هذا الذي يجري الحديث عنه، هم اعتقلوا مهندسة من وسط دمشق عملت في شركة خاصة وقدمت دراسة لإعادة البناء بصورة أسرع وأقل تكلفة.

مسألة إعادة البناء كذبة كبيرة يمارسها النظام كل لحظة في عمره المتبقي، تزداد الكذبة حجما مع اقتراب العملية الانتخابية، تقول لهم "بروباغاندا" النظام تعالوا لنعوضكم، وحاول البعض تصديقهم، أحد المواطنين  يجهد منذ أشهر في لملمة أوراق تثبت ملكية منزله الكائن في "معضمية الشام" في الريف الدمشقي، بعد أن علم أنّ محافظة دمشق تستقبل طلبات الأهالي، لتسجيل الأضرار المادية التي لحقت بهم جرّاء المعارك الدائرة هناك.

فقامت المحافظة بتأسيس مكتب في منطقة "صحنايا" لأخذ البيانات كافة وملء الاستمارة المطلوبة، يقف "أبو علاء" (45 عاما) ليسأل الموظفين هناك: "لم أستطع إخراج أي وثيقة تثبت ملكيتي هل بإمكاني التسجيل؟ لتجيبه بدورها:"دورنا إحصائي ونقوم ببناء قاعدة معلومات حول أعداد المتضررين، يا عيني نتحدث عن عملية إعادة أعمار البلد؟؟".

يخرج من مكتبها مع زملائه القادمين من مختلف المناطق الساخنة، يشتمون حكومة النظام دون خوف، الحكومة التي وعدت مرارا وتكرارا في وسائل الإعلام بالتعويض، سمعوا في أكثر من مناسبة عن تدخل ما يسمى بـ"بالدولة" لتعويضهم ماديا ومحاولة إزالة آثار القصف الذي أصاب بيوتهم وممتلكاتهم الخاصة، زاروا المحافظة بعد أن قامت الأخيرة في البداية بمنح بعض المتضررين مبالغ مالية صغيرة تتراوح بين الخمسين ألف إلى ثلاثمائة ألف، ثم توقفت تحت ضغط الأعداد الهائلة التي توافدت إليها، ويقدم البعض بيانات كاذبة بغرض الحصول على مساعدة، والبعض الآخر يدلي بمعلومة صحيحة ولا يعاود الرجوع بسبب الإجراءات الروتينية التي يصفونها "بالفظيعة" حيث حوّلت السوريين إلى شحاذين على أبواب "الدولة" المزعومة.

مئات الروايات المحزنة بشأن فقدان آلاف السوريين لممتلكاتهم الخاصة، تشرح إحدى السيدات من منطقة "سقبا"، كيف أنّ القصف طال منزلها الوحيد وانتهى بها المطاف إلى إحدى الأقبية في منطقة "ركن الدين" تسكن فيها وشقيقتها التي ترافقها يوميا إلى "صحنايا" أملا بأن تشعر "دولة "المقاومة والممانعة العتيدة يوماً بمعاناتها الحقيقية.

ما تقوم به أجهزة النظام من انتهاكات صارخة بحق هؤلاء العزل أصبح واضحا، فقد ترسل أحدا ما إلى ديوان المحكمة في ريف دمشق للحصول على رقم إخراج قيد منزل دمرته آلتها العسكرية، فيرفض من في المحكمة منحه ما يريد لأن توجيهات عليا وصلت إلى أروقة المحكمة بعدم إعطاء احد معلومة إلا بناء على طلب لجنة تعويض الأضرار نفسها أو بكتاب صادر عنها ليعيش المواطن بدوامة وسلسلة أكاذيب لا تنتهي.

صدر مؤخراً عشرات الأرقام عن أعداد المتضررين، جميعها تفتقد للدقة، لذا يسأل الناس: لماذا تتعاملون بهذه الطريقة؟ ألستم من تتدعون أنكم "دولة "لا تزال قائمة بقوة على الأرض؟ على الأقل أرض الشام؟ دون باقي المحافظات، لماذا لا يتم فعلا الاعتراف بالأزمة، لم يعد أحد يريد الحل؟ لماذا فتحتم باب التسجيل للتعويض حتى نهاية العام الجاري؟ دون أدنى فائدة، فأنتم تذلون الناس مرتين، المرة الأولى في قصف وتدمير البيوت، وفي المرة الثانية في تركيعهم أمام أبواب الأجهزة الحكومية بغية الحصول على ما يعتقد أنه تعويض..هذا ما يسأله المتجمعون أمام المحافظة التي لا تتوانى عن تقديم مشاريع النهب والسرقة كمشروع تعويض المتضررين الأخير الذي زمرت وطبلت له في الإعلام حتى بات السوريون مقتنعين بأهمية ما يفعله مسؤولو "دولتهم".

يقول أحد المسؤولين في "حكومة الحلقي" ردا على سؤاله عن موقفهم من أنّ ثلث المنازل في سوريا وآلاف المدارس قد دمرت: "سنخصص مبلغ خمسين مليار ليرة (367 مليون دولار) لعمليات إعادة الإعمار للعام المقبل، لكن متى وأين لا يمكنني التكهن".

والمضحك المبكي أنّ الحكومة لم تستطع حتى اللحظة تقدير حجم الأضرار، ما يدل على العجز والفشل الحكومي، فتارة تقول في تقرير رسمي أن نحو 30 مليار ليرة، (حوالي 150 مليون دولار) لإعادة إعمار بعض المناطق وتأهيلها من أجل عودة السكان المهجرين إليها خلال العام الجاري، ثم بعد أيام فوجئنا برقم آخر، بعد يومين فقط، يقدر حاجة سوريا إلى نحو 570 مليار دولار لإعادة الإعمار، وأشارت إلى أن زهاء 1.5 مليون وحدة سكنية قد دمرت بالكامل.

ولا ينسى رئيس حكومة النظام وائل الحلقي التذكير باستمرار إن الفعاليات الحكومية الخاصة بالإغاثة مستمرة، حيث تؤمن 976 مركز إقامة مؤقتة للمتضررين من النزاع ولكل من يريد أن يشاهد تلك المراكز يعرف معنى وأهمية ما يقدمه "الحلقي" من إغاثة لأعداد تصل إلى (850) ألف أسرة متضررة اعترف بهم الحلقي، هذا ونحن نتحدث عن تعويض المتضررين فكيف عن إعادة الإعمار الذي يعتبر بأنه بحث سياسي بحت؟!

ترك تعليق

التعليق