"اقتصاد" تُوجز أبرز نقاط تقرير "الكهرباء" من مجموعة عمل اقتصاد سوريا

سوريا من أغنى عشرة دول في العالم بتنوع مصادر الطاقات المتجددة

لإنتاج المحلي من الوقود لا يغطي احتياجات قطاع الكهرباء

1.2 مليار دولار تكلفة إعادة تأهيل شبكات توزيع الكهرباء لـ 2.4 مليون منزل مدمّر حتى الآن.

الطلب على الطاقة الكهربائية في سوريا يزداد سنوياً بنسبة 
10%
نسب الفاقد الكهربائي في سوريا يعد من أعلى النسب عالمياً

في تقريرها السابع من سلسلة "الخارطة الاقتصادية لسوريا الجديدة"، نشرت "مجموعة عمل اقتصاد سوريا" بحثاً حول قطاع الكهرباء السوري، من حيث التوصيف الراهن، الفني والمؤسساتي، ومن حيث التطلعات والخطط المستقبلية في مرحلة ما بعد توقف الثورة والصراع المسلح.

*بطاقة تعريف

والمجموعة المذكورة، لا تتبع لأي كيان سياسي، فهي فريق اقتصادي مستقل اعتمدتها مجموعة "أصدقاء الشعب السوري" المعنية بإعادة إعمار سوريا بقيادة الإمارات وألمانيا، كشريك اقتصادي أساسي ممثّلٍ للجانب السوري في التخطيط لمستقبل الاقتصاد السوري بعد الثورة.

وتسعى "مجموعة عمل اقتصاد سوريا" إلى كتابة الخارطة الاقتصادية لسوريا الجديدة في أكثر من 15 قطاعاً حيوياً، لتكون بمثابة المشروع الوطني الذي يقدم هدية لرؤساء الحكومات بعد الثورة، لتبيان إمكانيات الاقتصاد السوري.

وقد صدر عن المجموعة حتى الآن، ستة تقارير، الأول حول الزراعة، والثاني حول المياه –نشرت "اقتصاد" معظم تفاصيله-، أما الثالث، فخُصّص لمعالجة قضايا الإسكان وكيفية التعامل معها بعد الثورة، وفي مرحلة إعادة الإعمار، وقد استعرضته "اقتصاد" بالكامل في جزئين. كما صدر عن المجموعة ثلاثة تقارير أخرى، الأول عن السياسات المالية والنقدية، والثاني عن التعليم وإعادة تأهيل اليد العاملة، والثالث عن التشريعات الاقتصادية والإدارية، وقد استعرضت "اقتصاد" معظم هذه التقارير بصورة جزئية.

* قطاع الكهرباء السوري

وستستعرض "اقتصاد" في هذا التقرير موجزاً عن البحث الأخير الخاص بقطاع الكهرباء السوري، واقعه الراهن، فنياً ومؤسساتياً، وأبرز الخطط المقترحة لإعادة تأهيله، وتطويره، بعد توقف القتال والاستقرار في البلاد.

في مقدمة البحث يوضّح المعدون أن غايتهم وضع خطط علمية ومنهجية صحيحة بغية إعادة تأهيل ما دمرته الحرب في واحدٍ من أهم القطاعات الاقتصادية السورية، قطاع الكهرباء، وإعادة تصحيح ما تم بناءه على أسس خاطئة سابقاً، في عهود الأسدين، الأب والابن، وما قبلهما.

* مصادر الطاقة في سوريا والوزارات ذات الصلة

تشكّل نسبة توليد الطاقة الكهربائية بواسطة النفط والغاز حوالي 93%، ولأن كمية الإنتاج النفطي ستنخفض وبشكل حاد خلال الخمسة عشر عاماً القادمة في حدود 2030، بات من الضروري العمل بجدية على استخدام الطاقات المتجددة مثل طاقة الرياح والشمس والطاقات الهجينة.

وتعد سوريا من أغنى عشرة دول في العالم بتنوع مصادر الطاقات المتجددة، سواء كانت الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، التي تشير التقديرات أنها لو استغلت بالشكل المثالي – نقصد طاقة الرياح وحدها- كانت كفيلة بتغطية حاجة سوريا كاملة من هذه الطاقة.

* توليد الكهرباء وتوزيعها في سوريا

يفصّل معدو البحث في هذا الفصل أبرز المؤسسات المسؤولة عن قطاع الكهرباء في سوريا، ودور كل منها، بدءاً بوزارة الكهرباء التي تدير وتشرف على عمليات توليد وتوزيع الكهرباء، مروراً بالمؤسسة العامة لتوليد الطاقة الكهربائية التي تتولى مسؤولية توليد الكهرباء.

وتستعرض الدراسة محطات توليد الطاقة الموجودة في سوريا، واستطاعاتها التصميمية، والطاقة الحقيقية المنتجة من هذه المحطات، وأبرز الأضرار التي طالتها في الحرب الدائرة.
وكانت الحكومة السورية عام 2002 قد خططت أن تصل نسبة الطاقة المتولدة عن الطاقات المتجددة إلى حوالي 5% من الإنتاج الكلي للطاقة بنهاية 2011، لكن ذلك لم يتحقق، خاصة بعد أن توقفت معظم المشاريع الخاصة بالطاقة نتيجة الأحداث الراهنة.

وكان من المخطط أن تنقسم مساهمة الطاقات المتجددة في الإنتاج الكلي للطاقة على الشكل التالي: 50% للطاقة الريحية، و25% لطاقة الكتلة الحية، و16% للطاقة الشمسية، والباقي لأنواع أخرى من الطاقات المتجددة.

لكن أكثر من 38% من الاستطاعات الكهربائية التي كان من الممكن تأمينها نهاية عام 2011، توقفت بسبب الظروف الراهنة في البلاد.

ويوضح البحث بالتفصيل حاجة قطاعات الدولة من الكهرباء والتكاليف المتوقعة، مشيراً إلى أن الإنتاج المحلي من الوقود لا يغطي احتياجات قطاع الكهرباء، وهو ما يعتبر أحد أهم التحديات التي يواجهها هذا القطاع الحيوي.

* الطاقات المتجددة كداعم وليس بديلا

تتطلب خطط التنمية في سوريا زيادة معدلات إنتاج الطاقة الكهربائية بشكل كبير، إذ من المتوقع أن تزداد حاجة سوريا من الطاقة الكهربائية بمعدل 160% حتى العام 2030.

ومع مؤشرات تراجع معدلات الإنتاج النفطي، وحتمية نفاذ الوقود الأحفوري في المستقبل القريب، يبدو أن البحث عن مصادر جديدة للطاقة بات حتمية ملحة، قبل فوات الأوان.

-الطاقة الشمسية: وتتوقع الدراسة أن تصل حاجة سوريا من إنتاج الطاقة الكهربائية عام 2030 إلى حوالي 130 ألف جيغا واط ساعي، يمكن للإشعاع الشمسي في سوريا أن يؤمن منها 120 ألف ميغا واط ساعي.

لكن التقرير يوضح أن هذا السيناريو يتطلب رأسمال كبير لإنشاء حقول تعمل على طاقة الشمس لإنتاج الكهرباء.

-طاقة الرياح: ويذهب التقرير إلى أن كامن الرياح النظري في سوريا يقدر بحوالي 80 ألف ميغا واط ساعي. وتفصّل الدراسة أبرز الأبحاث والدراسات الغربية التي أنجزت في سوريا في هذا السياق.

-توليد الطاقة باستخدام الكتلة الحيوية: ويقصد به الاعتماد على مخلفات النباتات والأشجار والحيوانات، من خلال الحرق المباشر لأغراض الطبخ والتدفئة وتسخين المياه.
-التوليد باستخدام الغاز البيولوجي: وهو الغاز الناتج عن محطات تحلية المياه المالحة، وهو مصدر طاقة مهم جداً، لم يستخدم في سوريا إلا ما ندر.

-التوليد بالطاقة النووية: ويذكر التقرير مزايا ومساوئ اعتماد هذا النوع من مصادر الطاقة، خاصة في ظل تراجع الاعتماد عليه في دول العالم المتقدمة.

* توزيع الكهرباء

تعرضت شبكات توزيع الكهرباء في سوريا إلى أضرار هائلة، وقدّرت الدراسة الحاجة إلى 1.2 مليار دولار فقط فيما يخص إعادة تأهيل شبكات الكهرباء للمنازل المدمرة حتى الآن، والتي تُقدّر بـ 2.4 مليون منزل. وكمجموع عام، تتطلب إعادة ما تهدم من شبكات الكهرباء العامة لكل المباني المتضررة في سوريا، بأكثر من 2 مليار دولار.

ويذهب التقرير إلى أن قيمة الأضرار التي لحقت بالاقتصاد السوري في الآونة الأخيرة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، تُقدّر بنحو 30 إلى 40 مليار دولار.

* التكاليف التقديرية لإنشاء محطات جديدة أو توسعات لمحطات موجودة

تُقدّر تكلفة الوقود السنوية اللازمة لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية حوالي 1.5 مليار دولار تقريباً، وتحتاج سوريا إلى ما لا يقل عن 2 مليار دولار لمواجهة الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية، خاصة في العاصمة والمحافظات الجنوبية من البلاد.

الأرقام السابقة تنطبق على سيناريو توليد الكهرباء بالاعتماد على الغاز الطبيعي كوقود، أما في حال التوجه لاستخدام الطاقات البديلة المتجددة فإن التكاليف تصبح مضاعفة، وتتطلب استثمارات أكبر.

وتشير تقارير إلى أن الطلب على الطاقة الكهربائية في سوريا يزداد سنوياً بنسبة 10%، وهو ما يتطلب محطات توليد جديدة تصل استطاعتها إلى أكثر من 800 ميغاواط سنوياً، وتقدر التكلفة المتوقعة لكل واحد ميغاواط من استطاعة المحطة ذات الدارة المركبة حوالي مليون دولار.

وتقدم الدراسة مخططات بيانية تقارن بين أنواع المحطات المختلفة من حيث تكلفة إنتاج الـ ميغاواط ساعي. 

خطط العمل المقترحة لإيجاد الحلول الآنية والمستقبلية لواقع الكهرباء في سوريا

* مرحلة ما قبل انتهاء الأزمة: على الحكومة إعداد خطة لحالات الطوارئ عن طريق إعادة بناء البنية التحتية الضرورية، والاتفاق على أهداف الاقتصاد الدنيا وهي تأمين الاحتياجات الأساسية كالتوظيف والسكن والحياة الكريمة، والتخطيط لإعادة بناء الاقتصاد وقطاع الكهرباء...

* المرحلة قصيرة الأجل: تشجيع الاستخدام الفردي للطاقتين الشمسية والريحية لتسخين المياه وتدفئة المنازل، وإشراك رجال أعمال سوريين في الاستثمار بمجال توليد الطاقة، والحصول على الغاز البيولوجي المنتج من محطات توليد المياه المالحة، تخفيض الرسوم والضرائب على المستثمرين في مجال توليد الطاقة الكهربائية بكافة الطرق المتاحة، وإعفاء الناس من الفواتير السابقة حتى تاريخ سقوط النظام، والبدء الفوري بصيانة وإعادة تأهيل ما دمرته الحرب من شبكات كهربائية ومحطات توليد.

* المرحلة متوسطة الأجل: تخفيض وتيرة الطلب على الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقات البديلة، واستخدام أفضل التقنيات في مجال العزل الحراري للأبنية، والتقليل من نسب الفاقد الكهربائي في سوريا والذي يعد من أعلى النسب عالمياً، حيث يبلغ في دمشق 35%، والعمل على تحويل المحطات الحرارية العاملة على الفيول إلى العمل على الغاز الطبيعي المنتج محلياً، وإعطاء الأولوية لرجال الأعمال السوريين في العطاءات المتعلقة بقطاع الكهرباء، والحصول على قروض طويلة الأجل من البنوك العالمية المعروفة كالبنك الدولي، وبنك الاستثمار الأوروبي، والبنوك العربية، لشراء أجهزة ومعدات ذات كفاءة ومردود عاليين، والعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية في مجال الطاقة والنفط والغاز.

* المرحلة طويلة الأجل: العمل على بناء محطات توليد للطاقة بتكنولوجيا متطورة، وإشراك القطاع الخاص في توليد الكهرباء وتوزيعها، وإعطاء نقاط ترجيح وأولوية لمجموعة دول أصدقاء سوريا في كافة العطاءات والعقود المتعلقة بهذا القطاع وغيره، والتوجه نحو استخدام الطاقات المتجددة، وتأمين استثمارات لخمس سنوات قادمة ما يعادل 9 مليارات دولار في مجال التوليد والتوزيع والبحوث المتعلقة بالطاقة.

ترك تعليق

التعليق