"الجوع ولا الركوع" .."البزر" بديلا عن الخبز في الحجر الأسود

مضى أكثر من عشرة أشهر على حصار "الحجر الأسود" جنوب دمشق، الذي اشتدت وتيرته في النصف الثاني من العام الجاري، حيث يواجه مصير المناطق المنتفضة "الجوع ولا الركوع"، إلا أن خصوصية الحجر الأسود ومناطق دمشق الجنوبية تكمن في أن حصارها أشد ضراوةً بسبب غياب الزراعة ونفاذ المؤن.

ورغم المظاهرات شبه اليومية التي يشهدها مخيم اليرموك والمطالبة بفتح المعبر، ومع كثرة الحديث عن اتفاق تم التوصل إليه أخيراً بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامة والنظام لتحييد المخيمات الفلسطينة عما يجري في سوريا، إلا أن أهالي المنطقة الجارة للمخيم وهي "الحجر الأسود" لا يعتبرون أنفسهم معنيين بهذا الاتفاق، أو مستفيدين منه بأي شكلٍ من الأشكال لا سيما وأن الحواجز بعد إنهاء المراحل الأولى من الاتفاق ستكون بيد الجبهة الشعبية القريبة من النظام، وبالتالي ستمارس نفس سياساته، كما يقول "أبو أحمد" أحد الناشطين من داخل المخيم، مضيفاً أن أهالي الحجر الذين لم يستطيعوا مغادرته لا يجدون أي شيءٍ يتناولونه، وصحة الأطفال تتراجع لا سيما مع انقطاع الكهرباء المستمر وعدم وجود المشافي القليلة أصلاً بفعل الضغط السكاني "وتم تدمير المشفيين المتوافرين في المنطقة".

منطقة الحجر الأسود والتي لا تزداد مساحتها عن 1 كم2 كانت تضم ما يزيد عن 600 ألف نسمة، لم يبق منهم اليوم إلا ما يقارب 100 ألف نسمة، واجهت الحصار الجزئي والآن تواجه الحصار الخانق. 

وكحال باقي المناطق المحاصرة الغلاء يمنع شراء أي مادةٍ غذائية متوافرة، ما جعل الناس تعيش على "البزر" كما يقول "وسام" الناشط الذي دخل إلى الحجر الأسود وأراد البقاء والصمود بها، ممارساً بعض الأنشطة المدنية، لكنه اليوم يجد نفسه محاصراً بالجوع والقصف، حيث يقول وزني الآن هو 65 كيلو بعد أن كنت 90 كيلو قبل أشهر، لا نجد ما نأكله، وأنا أعيش على البزر، وربما هناك من يستغرب لكننا نجد البزر ولا يمكننا الحصول على الخبز أو الأرز أو البرغل.

ويشتد الخناق على الحجر الأسود ودمشق الجنوبية عموماً، بسبب غياب أي إمكانيةٍ للاكتفاء الذاتي، حيث لا يوجد زراعات يمكن أن تحمي من بقي من أهالي المنطقة من الجوع، على عكس الغوطتين الشرقية والغربية.

أم رائد سيدة خمسينية هي الأخرى بقيت داخل الحجر الأسود، وكانت شاهدة على أحداثه، وتعتبر أن فوضى أعمال الجيش الحر في بداية الأحداث مرتبطة بما يعيشه الحجر اليوم، فالسرقة من قبل بعض الكتائب التي كانت تتحدث باسم الجيش الحر جعل البيوت فارغة من كل شيء إلى جانب قضف النظام وتدميره لبيوتنا، ولكل ما نملكه، وتضيف أن بناتها الثلاثة وأولادهن خرجوا من هنا لكنني بقيت إلى جانب أولادي، وذهبت منازل بناتي وكل ما فيها، ونحن اليوم لا نجد أي شيءٍ يؤكل.

وما أشارت إليه أم رائد يؤكد عليه ناشطون آخرون، فالحجر الأسود في بداية الثورة ضم عناصر من الجيش الحر غير منضبطة ومنفلتة انتشرت في المنطقة الجنوبية عموماً، واليوم عادت إلى الحجر الأسود بعد بدء الحديث عن اتفاق قريب في مخيم اليرموك، وهذا ينذر بوضع سيكون أشد سوءاً على المدنيين فوجود عناصر غير منضبطة سيزيد من معاناتهم إلى جانب ما يعانون من جوعٍ وقصفٍ وتدمير.

ترك تعليق

التعليق