الخيام تضيق بحاجات النازحين.. ومتسلقو الثورة يأكلون الأخضر واليابس

يجتمع الناشطون في قاعةٍ مكيفة وسط بيروت للحديث عن المواطنة وحقوق الإنسان، بتمويلٍ أوروبي، والبوفيه مفتوح على شرف الحديث عن عائلاتٍ نازحة لا تبعد إلا بضعة كيلو مترات تقطن في الخيام.

الصورة في بيروت تبدو فاقعة جداً، حيث المفارقة اللا إنسانية أنه حتى الآن وبعد دخول الثورة عامها الرابع تصرف الملايين من الدولارات على الأنشطة الموازية للثورة كورشات العمل والدورات والمحاضرات للحديث عمن لا يجدون قطعة خبز سواء بسبب الحصار أو بفعل النزوح.

الأموال لا تصرف فقط على ورشات العمل والدورات التي تقام هنا وهناك، إنما أيضاً هناك رواتب تصرف "بطعمة وبلا طعمة" حسب ما تقول ناشطة في الشأن الإغاثي، فضلت عدم ذكر اسمها، لـ"اقتصاد": "نحن نعمل لتأمين احتياجات النازحين القاطنين في لبنان، ولا نجد أي دعم، نعمل بشكل فردي وليس مؤسساتيا، فحتى المنظمات الدولية تقدم دعماً شحيحاً للمخيمات، وهو ما يجعلنا نحاول نحن كأفراد سوريين موجودين في لبنان سد الفراغ والمساعدة قدر الإمكان.

وتضيف الناشطة في المقابل نجد الأوروبيين مثلاً يخصصون رواتب ومكاتب لناشطين يفترض أنهم يعملون في حقل "المواطنة"، وكل عملهم لا يتعدى تقديم محاضرات في أفضل الفنادق يتقاضون على كل واحدة منها مبالغ من شأنها أن تعيل عشر عائلات نازحة، وتشير الناشطة إلى أن البكاء على حال السوريين يكفي للحصول على الدعم لإقامة المحاضرات والندوات، لكن من المستغرب أن يتم تقديم دعم هائل لتلك الأنشطة في حين يتم التجاهل بشكلٍ شبه كامل للاحتياجات الفعلية على الأرض.

في المخيمات اللبنانية تتعاظم احتياجات التعليم والدعم النفسي لكن أيضاً حال هذا النشاط كحال تأمين السلل الغذائية أو الخدمات حيث لا يوجد جهة تقدم دعم واضح ومستمر لهذه الأنشطة.

بلغت نسبة السوريين في لبنان أكثر من 35 % من نسبة السكان حسب ما صرحت الحكومة اللبنانية، أي أن أعدادهم فاقت المليون ونصف نازح، غالبيتهم يفتقدون وسائل العيش بحده الأدنى، والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين عاجزة عن تغطية كامل الحاجة، ويقدر البنك الدولي أن كلفة النزوح السوري إلى لبنان حوالي 7.5 مليار دولار.

وفي الخيم اللبنانية لا تجد العائلات إلا بعض الناشطين يقدمون لهم يد العون، فالأرض التي يقيمون عليها خيامهم يدفعون عليها، ولا خدمات يتم تقديمها إلا بنشاطٍ فردي.

وفي الوقت ذاته هناك طبقة تعيش في لبنان تجمع الأموال على حساب الثورة، كما تقول الناشطة، فبارات شارع الحمرا تمتلئ بهؤلاء ممن يتقاضون الدعم باسم الثورة.

أما الدورات وورشات العمل فأنعشت السياحة اللبنانية إلى حد ما، حسب ما تقول الناشطة، حيث يتم حجز الفنادق وقاعات المحاضرات، والملفت أن هذه الدورات باتت مورد رزقٍ لكثيرين، فالأسماء نفسها تتنقل من ورشة عمل إلى أخرى ويتقاضون عليها أموالاً، وأيضاً يحصلون على الأجهزة التقنية الحديثة كالكاميرات والحواسيب النقالة، كل ذلك لأنهم ناشطون في الثورة، وينتقلون من دورةٍ إلى أخرى.

وتشير الناشطة إلى أنها على يقين أن دعم هذه الأنشطة على حساب الدعم الإغاثي أمر يبدو مقصودا، فمن المستغرب أن يعجز العالم عن جمع دعمٍ للنازحين وتمويل لتغطية حاجتهم، في حين لا يعجزون عن تمويلٍ لا فائدة منه في الوقت الحالي على الأقل.

ولا تقلل الناشطة من شأن المواطنة والدورات الموازية لكنها في الوقت ذاته تعتبر أنها ليست أولوية في ظل الخراب الذي تعيشه البلاد والحاجات الإنسانية المتعاظمة.

ترك تعليق

التعليق