ريما فليحان تفصّل لـ "اقتصاد" آلية عمل المجلس المحلي بالسويداء وأبرز مشكلاته

مثّل المجلس المحلي في محافظة السويداء الذي تم تأسيسه مطلع عام 2013 تجربة فريدة ومميزة بكل المعايير نظراً للظروف الأمنية الصعبة في المحافظة التي تخضع لسيطرة النظام الكاملة عليها مما جعل العمل الإغاثي فيها محفوفاً بالمخاطر والصعوبات الجمة.

 ويتبع المجلس مكتب خارجي يشبه خلية النحل في دقة عمله وتنظيمه، ويقوم هذا المكتب بتنسيق العمل الإغاثي، وتنظيم المساعدات المادية لأهالي السويداء في الخارج، وكما يقوم المكتب التنفيذي والمجلس في الداخل بإدارة إغاثة النازحين داخل المحافظة ومتابعة عمل المكتب في الخارج.

 ويُقدر عدد النازحين داخل السويداء بـحوالي 150 ألف نازح من مختلف المحافظات السورية، وينظم العمل بطريقة موثقة ومحسوبة لا مجال للخطأ فيها.

"اقتصاد" زارت المكتب الخارجي لمجلس السويداء المحلي في مدينة عمان واطلعت على آلية عمله المتسمة بالدقة واعتماد منهج الشفافية، وهناك التقينا مديرة المكتب وعضو مجلس الائتلاف السوري سابقاً "ريما فليحان" التي تحدثت عن بدايات تأسيس المجلس المحلي في السويداء والظروف التي رافقت التأسيس قائلة: "تأسست النواة الأولى للمجلس في لبنان قبل حوالي عام وبضعة أشهر، وتم تكليف هذه النواة المكونة من معظم الكتل السياسية والثورية ومن الشخصيات التي تتسم بالمصداقية والكفاءة في المحافظة بتأسيس مجلس محلي في الداخل، وعمل هؤلاء فعلاً في ظروف محفوفة بالمخاطر الأمنية واستطاعوا تأسيس مجلس يضم كل المكاتب المطلوبة في عمل المجلس، ومنها المكتب الإغاثي والطبي والمالي والإعلامي والموارد البشرية وإدارة المشاريع والدفاع المدني والخدمات والمكتب القانوني، وأصبح هناك مكتب تنفيذي منتخب من قبل مكونات المجلس، وهناك هيئة عامة تضم بحدود الـ100 شخص تقريباً، ويعتبر المكتب التنفيذي مسؤولاً مباشراً عن قرارات المجلس وعمله.

 ويتولى المجلس إعانة أسر الناشطين الذين هربوا من السويداء إلى الخارج وأبناء محافظة السويداء والنازحين ممن أتوا إليها من المحافظات الأخرى، حيث اهتم المجلس بتقديم إغاثة غذائية وطبية وتعليمية، بالإضافة إلى أن المجلس اعتنى بأسر المعتقلين وأسر الناشطين الذين فروا إلى الخارج إضافة إلى تقديم دعم غذائي في الداخل للمجموعات العسكرية.

ولم يكن المجلس المحلي في السويداء متوجهاً للمدينة فقط بل تشكلت مجالس فرعية في الريف الغربي مثلاً وشهبا والقرية وصلخد، واشتغل في الفسحة التي يمكن التحرك فيها.

  • ملاحقة واعتقالات!

وحول طبيعة تحرك نشطاء المجلس وكيفية تقديم المساعدات للأهالي تحت القبضة الأمنية للنظام تقول فليحان: "يعمل أعضاء المجلس وناشطوه في ظروف صعبة جداً وتحت المخاطرة واحتمالات الاعتقال في أية لحظة لأن السويداء كما هو معروف تحت سيطرة النظام، لذلك كان العمل يحمل طابع السرية دون إشهار أو إعلان لأن هذا الأمر يعني تعريض الناشطين في الداخل للملاحقة والاعتقال، وفعلاً فرّ بعضهم إلى الخارج إثر الملاحقة، ومع هذا فإن البعض لم يكن يعذر أو يقدر ظروف عمل المجلس ويطالب دوماً بالنشر الذي يبدو في حكم المستحيل رغم أن كل الوثائق والكشوفات موجودة لدينا".

 وتضيف الناشطة فليحان: "إذا قام المجلس بنشر ما يفيد توزيع أية مبالغ مهما كانت صغيرة في الداخل فالأمن ببساطة يستطيع أن يدقق ويصل إلى مصدرها، علماً أن مخصصات محافظة السويداء قليلة جداً مقارنة مع باقي المحافظات لأن السويداء ليس فيها قصف أو دمار.
 وتم ربط المجلس بوزارة الإدارة المحلية في الحكومة المؤقتة للتواصل المباشر بين الوزارة والمجلس. ويجري الآن التحضير لانتخابات المجلس الجديد، وبالتأكيد لا نستطيع أن نعلن عن أسماء المجلس الجديد ولا أسماء المجلس القديم للأسباب الأمنية ذاتها".

وعن مهام المجلس المحلي وصلاحياته توضح فليحان أن المكتب التنفيذي في الداخل يعتبر عاقداً للصرف والنفقات بقرار المكتب التنفيذي، وتتضمن هذه النفقات إغاثة الضيوف القادمين من المحافظات الأخرى عينياً وتقديم المساعدات المادية والطبية والتعليمية لأهالي المعتقلين والشهداء وتقديم مساعدات للمنشقين وعائلاتهم وتقديم سلل غذائية لبعض عناصر الجيش الحر العاملة في السويداء وأماكن الجوار.

 ويقوم مكتب المجلس الخارجي بتقديم إعانات مالية للعائلات المهجّرة قسراً في تركيا ولبنان والأردن من أبناء السويداء إذ يقوم هذا المكتب باستلام المبالغ وتوزيعها وتحويل المبلغ الأكبر إلى الداخل ليوضع تحت تصرف المكتب التنفيذي، ويتم صرفه كمعونات وكرواتب للمنشقين في الخارج وإعانات العائلات والناشطين، كما قام المجلس بتقديم مساعدات نقدية للتنسيقيات داخل السويداء.

وتختم فليحان: "يمكن القول إن ما حاولنا عمله هو بناء مؤسسة منظمة وموثقة والعمل الإداري فيها بطريقة صحيحة والقرار فيها للمكتب التنفيذي، فيها توثيق دقيق للإيصالات والمراسلات أي أن نعمل بشكل صحيح بقدر الإمكان، ومع ذلك من لا يعمل لا يخطىء، وأهم شيء أننا بذلنا جهدنا وكان هناك أمانة وإخلاص في العمل".

ويتدخل الأستاذ حمد الطويل ليقول لـ"اقتصاد": "إن عمل المجلس المحلي في السويداء مؤسساتي متكامل، وليس هناك في هذا العمل أي مجال للخطأ أو الإهمال، ويعتمد المجلس أحدث المعايير الدولية للمحاسبة الحكومية IPSAS وكل عملية صرف موثقة بإيصال ومرتبطة بجدول وترسل نسخة من هذا الجدول شهرياً للداخل".

  • قيود وحسابات موثقة!

وحول طريقة تسليم الإعانات للمستفيدين في السويداء رغم أنها خاضعة لسلطة النظام تقول فليحان: "يتم التوزيع تحت أسماء مختلفة وبشكل في غاية السرية، وهناك تعاون ما بين المجلس وبعض الجهات التي تعمل في المجال الإغاثي، والمجلس هو جزء من مجموعة جهات إغاثية وليس الوحيد الذي يقوم بهذا العمل داخل السويداء، فهناك جهات اغترابية والهلال الأحمر والجمعيات الأهلية مثل جمعية (بيتي أنا بيتك)، ويتعاون المجلس مع بعض هذه الجهات يتم توزيع الإغاثة بطرق سرية، وكل ما يقدم من المجلس في هذا المجال مثبت في قيود وحسابات موثقة ومفصلة بشكل دقيق جداً، وحقيقة عمل المجلس في السويداء عموماً محفوف بالمخاطر وجزء ممن يعملون في المجلس اضطروا للخروج إلى خارج سوريا وبعضهم حركتهم صعبة ومدروسة".

ولا تنفي الناشطة ريما فليحان أن يكون هناك تقصير في عمل المجلس أو المكتب الممثل له في الخارج.

وتضيف: "نحن كمكتب وقعنا في أخطاء وربما أسأنا تقدير بعض الأماكن، وربما هناك بعض الأماكن أو الأشخاص الذين لم نستطع الوصول إليهم، وربما هناك تقصير في تلبية كل حاجات المحافظة، لكن هذه الأخطاء لها أسباب، والموضوع الأمني أحدها، وفقر التمويل لأن السويداء كما ذكرنا لم تكن متضررة مثل غيرها من المحافظات".

 

ترك تعليق

التعليق