"اقتصاد" تسبر أغوار عملية اتخاذ القرار "الإغاثي" في أروقة الائتلاف و"المؤقتة" والمجالس المحلية

حصلت "اقتصاد" على نسخة من بعض المراسلات بين مجلس محافظة حمص (التابع للمعارضة)، وبين رئاسة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، والحكومة السورية المؤقتة، بغية حل مشكلة تأمين الطحين والخبز لأهالي ريف حمص الشمالي (المُحرّر).

تُظهر هذه المراسلات جانباً من كيفية التواصل واتخاذ القرار بين مسؤولي كلٍ من الائتلاف والحكومة والمجالس المحلية في الداخل، بخصوص القضايا الإغاثية.

ويظهر في هذه المراسلات، بالبريد الإلكتروني، أن مجلس المحافظة طلب أكثر من مرة، من الائتلاف والحكومة المؤقتة، التحرك بسرعة لحل أزمة الخبز في تلك المنطقة، والحؤول دون تعرض سكانها للجوع. ورغم أن رئاسة الائتلاف تجاوبت مع مناشدات مجلس المحافظة، إلا أن القرارات الصادرة بهذا الخصوص شابها الغموض في بعض بنودها مما عرقل تنفيذها بالسرعة المأمولة من جانب مجلس المحافظة.

وتُظهر المراسلات أن رئيس الائتلاف، هادي البحرة، استجاب لمناشدات مجلس المحافظة بخصوص ما سبق ذكره، وأدرج موضوع الطحين والقمح على جدول اجتماعات الحكومة المؤقتة بتاريخ 6/8/2014.

وصدرت قرارات عن رئيس الائتلاف بتمويل عملية تأمين الطحين والخبز لسكان المنطقة، بقيمة 100 ألف دولار موزعة على قسمين: الأول بقيمة 40000 دولار كمبلغ مكمل لإنشاء مطحنة خاصة بالمنطقة، والثاني بقيمة 60000 دولار لشراء طحين لمجلس تلبيسة. كما تم رفع الكتاب رقم 125/148 تاريخ 11/8/2014 وطلب فيه تخصيص مبلغ مئة وخمسين ألف دولار لحل مشكلة الخبز. لكن تبين لمجلس المحافظة لاحقاً عدم وجود التخصيص المذكور في البند رقم 3. مما أخّر تنفيذ عملية التمويل.

وحسب كتابٍ لاحقٍ أرسله ممثل مجلس المحافظة، عبد الإله الفهد، يتضح أن رئاسة الائتلاف لم تكن على إطلاعٍ كافٍ بآلية عمل المؤسسة العامة للحبوب (التابعة لحكومة المعارضة)، إذ إن الأخيرة، ممثلة بفرع حبوب حمص، لا تستطيع أن تقدم القمح إلى المجالس الفرعية في الريف الشمالي من دون ثمن، لأن الأنظمة التي يعمل الفرع بموجبها، تقضي برد ثمن القمح ومخلفات الطحن إلى المؤسسة التي يتبعها، إلى جانب عدم قدرة المجالس المحلية على دفع الثمن، نظراً لأنها لم تُخصص بأي مبلغ نقدي لهذا الموضوع. ورفع مجلس المحافظة في كتاب (عبد الإله الفهد) مقترحاته لحل المشكلة المزمنة وسد جوع الجائعين، حسب نص الكتاب.

وأوضح مجلس المحافظة في كتابه أن القرارات الصادرة من رئاسة الائتلاف لحل أزمة الخبز والطحين في ريف حمص الشمالي شابها الكثير من الغموض والإشكاليات. فالقرار الخاص بتمويل تأمين الخبز والطحين لسكان المنطقة، فُسر أنه مخصص لشراء الطحين ثم تبين أنه مخصص لدفع فرق سعر القمح الذي سوف يُشترى من المزارعين من قبل فرع حبوب حمص الحرة والذي لا يستطيع، بدوره، تقديمه (أي القمح) إلى المجالس المحلية من غير ثمن.

وبناء على تفاصيل الكتاب آنف التفصيل، بعث رئيس الائتلاف، هادي البحرة، كما يتضح من المراسلات التي حصلت عليها "اقتصاد"، برسالة إلى إياد قدسي، نائب رئيس حكومة تسيير الأعمال التابعة للائتلاف، يطلب فيها الإفادة عن الوضع الحالي للريف الشمالي فيما يخص توفر مادة الطحين والخبز وما تم تنفيذه بخصوص شراء القمح بسعر مفضل وطحنه.

ووجّه البحرة، حسب رسالته، بسداد باقي ثمن المطحنة التي قام مجلس محافظة حمص بشرائها، وسداد القسم الأول من ثمنها بمنحة من قبل وحدة تنسيق الدعم، على أن يتم تسديد باقي ثمنها عبر تخصيص جزء من الدعم الذي حُدد لمحافظة حمص في اجتماع سابق للحكومة المؤقتة.

وطلب البحرة من الحكومة المؤقتة تأمين الخبز بالسعر المعقول بحيث يتناسب مع الأسعار التي يباع بها في المناطق المجاورة، مشيراً إلى ضرورة سد العجز في مادة الطحين للفترة ما بين شراء القمح وطحنه.

وأوضح البحرة أنه إن لم يكن بمقدرة مؤسسة الحبوب تأمين ذلك (يقصد عملية التمويل) وفق آليات عملها، فيجب سده عبر مخصصات وزارة الإدارة المحلية والإغاثة وخصم التكلفة من فائض بند (موظفي الداخل)، ووفق الأصول المتبعة في الحكومة لتحقيق مبدأ العدالة في توزيع الدعم وتأمين احتياجات المواطنين، حسب نص رسالة البحرة.

وختم البحرة رسالته بالطلب من الحكومة المؤقتة سرعة البت بهذا الموضوع، وإخطاره باقتراحات المسؤولين المعنيين.

وبناءً على رسالة البحرة آنفة التفصيل، أصدر إياد قدسي، نائب رئيس الحكومة المؤقتة مذكرة إدارية بتشكيل لجنة لمعالجة هذا الموضوع ودراسة كتاب مجلس محافظة حمص رقم /134/ ورفع المقترحات والتوصيات وتقديم الدراسة اللازمة للحلول البعيدة المدى. واتخاذ الإجراءات الإسعافية اللازمة فوراً.

وأخطر قدسي البحرة بأن اجتماع اللجنة سيتم في اليوم التالي (لتاريخ رسالته) بغية إنجاز المهمه المكلفة بها.

وقد تشكلت اللجنة برئاسة عثمان بديوي وزير الإدارة المحلية والإغاثة وشؤون اللاجئين، وعضوية: جمال الفرا ممثلاً عن مكتب نائب رئيس الحكومة، وسمير حنيفة ممثلاً عن وزارة المالية، ومحمد البشير ممثلاً عن محافظة حمص، وحسان محمد ممثلاً عن المؤسسة العامة للحبوب.

وأشار قدسي في ختام رسالته إلى أنه سيُخطر رئيس الائتلاف بأي جديد يتعلق بهذا الموضوع.

ننوه في "اقتصاد" إلى أننا استعرضنا جانباً من هذه المراسلات لإطلاع الجمهور السوري (المؤيد للثورة) على منهجية التواصل واتخاذ القرار، المُعتمدة من جانب مسؤولي كلٍ من الائتلاف والحكومة المؤقتة، والمجالس المحلية في الداخل، بخصوص القضايا الإغاثية. وذلك دون تعليق أو تقييم من جانبنا، تاركين التقييم للقارئ.

ترك تعليق

التعليق