استئصال الأضاحي في "الغوطة الشرقية" استكمال لمخططات النظام في التجويع والتركيع

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك وحلول موسم الأضاحي حذر ناشطون من خطورة الإجحاف بذبح الثروة الحيوانية وخصوصاً "الحلوب" و"الولود" في المناطق المحاصرة كالغوطة الشرقية بحجة الأضاحي، معتبرين أن إفناء هذه الثروة دون دخول خراف أو عجول جريمة تُعد استكمالاً لمخططات النظام في تجويع وتركيع الغوطة الشرقية.

واقترح الناشطون تشكيل لجان تحت رقابة القضاء الموحد وبقوة أهل الخير للحفاظ على الثروات الحيوانية من الانقراض، حتى لا يُحكم النظام قبضته على المحاصرين ويدفعهم إلى الرضوخ للهدن والمصالحات، كما جرى في"جنوب دمشق".

وكان الدافع الرئيسي لها توفير وسائل الحياة ولقمة العيش، وأشار الناشط "المستنصر بالله" إلى ما قامت به مؤسسة "عدالة" منذ أسابيع حينما اتصل المسؤول عنها وأخبر كل من يعرفهم في الغوطة بشراء كل ما يمكن ذبحه من أغنام وحصل على ما أراد فلم يبقَ شيء منها جنوب دمشق، وبذلك استكمل مشروع حصار الغوطة الشرقية، وزادت شدّته حتى وصل الأهالي إلى حد لم يعودوا يجدون فيه ما يؤكل من خضار و"نواشف" ولحوم، وألبان، إلى حد أنهم "صاروا يموتون فعلياً من الجوع"-بحسب قوله.

وحذر الناشط من مثل هذه المشاريع" التدميرية الهدّامة"، حيث يتنعم السكان فيها باللحوم لأيام معدودات لا تتجاوز الخمسة أيام ليعيشوا بعدها دون طعام وكل ذلك من أجل تصوير "البروموهات" لبعض الداعمين.

إدخار لحوم الأضاحي

الشيخ الناشط "أبو ثابت الدمشقي" أشار في حديث لـ"اقتصاد" إلى أن الأضحية شعيرة من شعائر الدين وسنة من سنن سيدنا إبراهيم (عليه السلام)، ونسك من نسك المسلمين، قال الله تعالى:{ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}.

وقال سبحانه: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم}، وهكذا شرّع الله الهَديَ والأضحية تعظيماً لدينه وتوسعة على نفسه وعياله وصلة لرحمه، وأصدقائه وجيرانه، وطعمة للفقراء والمساكين.

وأضاف الدمشقي: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ادخار لحوم الأضاحي عندما دفت الدافة"، حيث كانت الهجرة إلى المدينة والناس في جهد وفقر، فأمر أن يدخر الثلث وأن يتصدّق بما بقي ونهى عن إمساك اللحوم بعد ثلاثة أيام فلما كان العام الذي يليه قَالَ: "إنَّمَا كُنْت نَهَيْتُكُمْ لِلدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ، فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا، وَتَزَوَّدُوا".

وحول استئصال الثروة الحيوانية والتفريط بها في ظل الحصار الذي يعيشه جنوب دمشق، أكد الدمشقي على ضرورة النظر في مصلحة المناطق المحاصرة "الغوطة الشرقية" و"جنوب دمشق" وتشكيل لجنة بإشراف القضاء للنظر في هذه القضية ووضع آليات عمل صحيحة لها كيلا يستأصل ذبح الأضاحي الثروة الحيوانية من أبقار وأغنام وماعز، وهي زاد الناس وطعامهم سواء لحومها وألبانها.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: "فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ" ونهى المصدق عن كرائم الأموال وقال: "لا تأخذوا حَزَراتِ المسلمين، نكِّبوا عنِ الطَّعام"- يريد الأكولة وذوات اللبن- قال ابن عبد البر: "فكأنه قال نكبوا عن ذوات الدر".

وكتب عمر إلى بعض عماله: "وانظر ذَوات الدَّرّ والماخِض فتنكَب عنها فإنَّها ثِمال حاضرتهم"- أي مَطعمهم ومعتمدهم- وفي حديث طهْفَة [لا يُحْبَسُ دَرُّكُم]، أي لا تُحْبَسُ ذَواتُ الدَّرّ -وهو اللَّبَن- عن المَرْعى بحَشْرِها وسَوْقِها إلى المُصَدِّق لِيأخُذَ ما عليها من الزكاة لما في ذلك من الإضْرار بها.

مشروع "المنفوش"

ويردف الشيخ الدمشقي: لقد وجدنا العام الماضي ترفاً في ذبح الأضاحي وإسرافاً ثم بعد ذلك عانت الغوطة الشرقية ما عانت من قلة اللحوم والألبان لولا بعض المشاريع الرائدة التي استطاعت إيحاد توازن غذائي "مشروع المنفوش" بالحفاظ على الثروة الحيوانية الإنتاجية [الحلوب والولود]، وَقَالَ مَالِكٌ: "إنَّ الزّْرع إذا أَسبَلَ لَا يقلع"، لِأن قلعه من الفساد العامِ للناس كما يمنع من ذبح الفَتي من الإبل لما فِيه من الحمولة وذبح ذوات الدرّ من الغنم لِلمصلحة العامة للناسِ فَتُمْنَعُ المصلحة الخاصَة، وقد قال "صلى الله عليه وسلم" لأبي التيهان: "إياك واللبون" وقال لآخر:"إياك والحلوب" ، ونهى عن ذبح ذوات الدر كما رواه الحاكم في مستدركه.

وطالب الدمشقي القضاء العام في الغوطة الشرقية وجنوب دمشق بالإشراف المباشر وتشكيل اللجان الفورية بالتعاون مع المكتب الإغاثي والجمعيات واللجان الخيرية للحد من هذه الظاهرة الخطيرة، وللقيام بهذا الواجب الذي أناطه الله في أعناقنا والرقابة التامة على المسالخ وعمليات ذبح الأضاحي، وعدم إباحة ذبح الحلوب والولود أبدا وإباحة ذبح الكبيرة بالسن والتي ليست من ذات الدر والنسل بشرط أن تكون مستوفية لشروط الأضحية.

ترك تعليق

التعليق