لاجئ وناشط يروي لـ"اقتصاد" معاناة اللاجئين السوريين في السويد

"ناصر شاهين" لاجىء وناشط سوري يعيش في السويد منتظراً لمّ شمله بعائلته الموجودة في لبنان منذ أشهر دون جدوى، وعندما ذهبت عائلته إلى القنصلية السويدية في لبنان من أجل لمّ الشمل رفضت القنصلية مقابلتها لمدة عشر دقائق.

وتم تحويلها إلى القنصلية السويدية في تركيا، ما اضطر عائلته لدفع 3 آلاف دولار استدانتها من معارفها، علماً أن السويد–كما يقول- لا تساعد في موضوع لمّ الشمل، ومما يزيد من المشكلة عدم تفعيل قنصلية لبنان وترك العوائل السورية عالقة هناك.

والمشكلة الأخرى –كما يؤكد شاهين– "تذاكر السفر لمقابلة موظفي القنصلية من لبنان أو سوريا إلى تركيا، والعودة للمقابلة ثانية، والعودة مرة ثالثة لاستلام الجواب والذهاب إلى السويد، أي أن لدى اللاجىء مشواري سفر على حسابه، وكأنه سائح وليس لاجئاً"، علاوة على أن الكثير من المعنيين بلمّ الشمل –حسب تأكيد شاهين- لا يملكون أجور السفر من سوريا إلى قنصلية السويد في تركيا، لذلك لم يتمكنوا من الذهاب في المواعيد المحددة.

حالة شاهين هي واحدة من آلاف الحالات للاجئين سوريين وقعوا بين ناري اللجوء وروتين الدول المُستضيفة، مما يفاقم من مأساتهم، ويزيد من معاناتهم. ورغم أن سوريا في حالة حرب وأوصال البلاد مقطعة، يطلب موظفو الهجرة في السويد بيانات ولادة لكل طفل وإخراجات قيد وبيان زواج وبيان عائلي وجوازات سفر، مع علمهم بأن هذا الأمر مستحيل. يقول شاهين: "من أين يأتي اللاجئ السوري الذي لا يملك ثمن طعامه بكل هذه الأوراق، ناهيك عن المطلوب أمنياً أو المعارض أو الفار من الجيش".

ويردف: "عندما نحاول أن نشرح لهم صعوبة تأمين الأوراق يقولون لنا (هذه مشكلتكم دبروا حالكم)".

وينقل اللاجىء شاهين، الذي وصل بمفرده إلى السويد منذ تسعة أشهر، صورةً سوداويةً لواقع اللاجئين السوريين على الصعيد الإنساني والمعيشي هناك، ومنها – كما يقول- طول فترة الحصول على الإقامة الذي قد يمتد إلى عام كامل، مع ما في ذلك من مشقة لمن لديه عائلة لا زالت تحت الخطر في سوريا.

ويُشير شاهين إلى مشكلة أخرى تتعلق بموضوع السكن حيث "تُرك هذا الموضوع للشركات الخاصة وليس للبلديات، كما هي في بلدان اللجوء الأخرى حيث شروط منح السكن صعبة وتستلزم إحضار كفيل أو كفيلين أو الحصول على عقد عمل للاجئ".

ويوضح شاهين أن "أماكن سكن اللاجئين يُشرف عليها متعهدو السكن وكثير من الأحيان يمارسون نوعاً من الجشع حيث يضعون كل عشرة أشخاص في غرفة واحدة.

ويلمح اللاجئ شاهين إلى أن سماسرة اللجوء "استغلوا حاجة اللاجئ للسكن خارج المخيمات لأن خطة الترسيخ وتعلم اللغة لا تدخلها عندما تخرج من سكن مكتب الهجرة، ويطلب السماسرة مبالغ طائلة تصل لخمسة آلاف يورو أحياناً، مقابل تأمين سكن".

*حظك نصيبك

ومن ناحية أخرى يشير شاهين إلى افتقار اللاجئين للنشاطات الرياضية أو الاجتماعية أو التعريفية بالسويد، مما يجعل اللاجئ تحت ضغط نفسي هائل، وكذلك الحال بالنسبة لأطفال اللاجئين الذين يفتقرون إلى الألعاب في مخيماتهم، وعادة ما تكون هذه المخيمات في مناطق مقطوعة وبعيدة عن المدن الرئيسية.

وحينما طلبنا منه أن ينقل لنا صورة عن أوضاع اللاجئين داخل هذه المخيمات قال محدثنا "هذه المخيمات أشبه بلعبة الحظ (حظك نصيبك)، فهناك مخيمات من فئة الثلاث نجوم، وهناك مخيمات بدرجة ناقص نجمتين".

ويتابع شاهين: "حالياً يتم استعمال المباني القديمة أو دور العجزة لوضع اللاجئين، بمعنى أنه يمكن أن تجد غرفة لشخص أو شخصين مع حمام وغسالة لكل غرفتين.

ويمكن أن تجد كل عشرة لاجئين في غرفة واحدة وكل 12 غرفة بحمام واحد وغسالة واحدة، ويقوم شاغلوها بالاغتسال في الطوابق العليا، وكذلك الأمر بالنسبة للأكل حيث يكون متوفر وبمستوى جيد في مخيمات ويكون (بايت) وبالقطارة في مخيمات أخرى".

*علاج اللاجئين بالماء

ويؤكد الناشط شاهين أن "هناك الكثير من الحالات المرضية لا تحصل علي علاج كافٍ داخل هذه المخيمات"، مضيفاً: "هناك الكثير من الأشخاص ممن مرضوا وشعروا بالألم ذهبوا إلى أطباء هناك فوصفوا لهم شرب الماء بكثرة".

ويلمح محدثنا إلى أن "مستوى الرعاية الطبية بشكل عام في هذه المخيمات متدنٍ من ناحية تحديد وتشخيص المرض، علاوة على منع إعطاء الإبر والمسكنات، وبعض الحالات هناك تم إعطاؤها علاجاً خاطئاً".

وزوّد الناشط شاهين "اقتصاد" بصور حصرية التقطها بكاميرته لوضع اللاجئين السوريين داخل المخيمات في السويد، ومنها صورة للاجىء مُقعد بقي لثلاثة أيام وهو يتدثر بمعطفه. وصورة لصديق له يدعى "جلال" أُغمي عليه بعد إضرابه عن الطعام في وسط ساحة "استرشوند" احتجاجاً على تأخر منحه الإقامة بعد انتظار لستة أشهر، فيما عائلته أُحرقت خيمتهم في عرسال اللبنانية. وصورة ثالثة لأكياس رماها متعهد أحد المخيمات في القمامة بعد أن لاحظ أحدهم تعفن الطعام، وطلب الشرطة، فسارع المتعهد إلى رميها.

وثمة صورة لورقة علقها متعهد أحد المخيمات في أحد المطاعم وكتب فيها: "من لا يعجبه الطعام لا يفتح فمه أبداً، بل يغادر المكان فوراً".

ورغم كل هذه المعاملة والمظاهر السلبية في التعامل مع اللاجئين السوريين شكر الناشط واللاجئ شاهين "كل دول أوروبا وعلى رأسها السويد على حسن استقبالهم للاجئين رغم وجود بعض الصعوبات على عكس الدول العربية التي أغلقت حدودها بوجههم وكبّلت الشعب السوري بالفيز والتأشيرات".

صور من واقع السوريين في مخيمات اللاجئين بالسويد





ترك تعليق

التعليق