البضائع السورية في الأردن نزحت أم تم تقليدها

(محارم القطة الأصلية، سكاكر ناشد أخوان حلاوة سرور، بسكويت دينغو، بسكويت عمار)، وغيرها الكثير، هي بعض أسماء لعلامات تجارية سورية معروفة نزحت أو تم تقليد وتسويق جزء منها في الأردن بعيداً عن أي رقابة أو مراعاة لحقوق المنتج.

 ورغم أن هناك العديد من القوانين التي تعالج قضية تقليد العلامات والماركات التجارية في الأردن، وتغرّم الذين يقلدون السلع والماركات والعلامات التجارية، إلا أن تطبيق هذه القوانين فيما يتعلق بتقليد سلع وماركات محلية غالباً ما يتم التعامل معها بمرونة وتساهل لأسباب كثيرة، من بينها عدم خسارة فرص العمل التي تولدت من جراء هذه الصناعات الناشئة، التي ربما تكون حالة مؤقتة، خاصة أن العلامة التجارية المشهورة تكون محمية على جميع الأصناف ودون حاجة لتسجيلها.
 
ومن المعروف أن الكثير من السلع السورية قبل الثورة السورية تجاوزت شهرتها الوطن العربي ومنها الأحذية التي كانت تصنّع في حلب وتصدّر إلى دول رائدة في صناعة الحذاء على مستوى العالم، وكذلك الألبسة القطنية والحريرية التي كانت تصدر إلى ألمانيا وإيطاليا وفرنسا.

وجولة صغيرة في شوارع عمان التجارية وغيرها من المدن الأردنية تكفي لتكوين قناعة بفداحة ما يجري من تقليد وتزوير للماركات السورية، حيث تعرض واجهات المتاجر الصغيرة سلعاً تحمل أسماء علامات تجارية سورية بأسعار ضعف أسعارها في سوريا، وتشكل الألبسة الجاهزة والجلديات والعطور الهدف الرئيس للتقليد في الأردن.
 
والأكثر إثارة للدهشة أن أنشطتها تمتد أيضاً إلى الأدوية والغذاء وقطع غيار السيارات، إنه اقتصاد مواز، هذا الأمر أدى إلى ظهور بعض الأصوات المتضررة التي تنادي بوقف التقليد حيث عبّر "محمد الشاعر" رئيس شركة "الشاعر للكيماويات" عن تعرض أحد منتجات شركته المتخصصة في المنظفات للتزوير في الأردن وهو منتج "برافو" قائلاً: "في ظل الأزمة التي تمر بها سوريا قامت مجموعة من ضعاف النفوس في الأردن بتزوير وتقليد أحد منتجاتنا وهو مسحوق غسيل "برافو"، والمنتج المقلد هو من قياس 2 كغ باللون الأزرق، ويمكن تمييز العبوة المزورة المقلدة من خلال ألوانها غير النقية، وأنها لا تحمل رقم الوجبة، ولا سعر البيع ولا يوجد على السطح العلوي للعبوة شعار الشركة المعروف بثلاثة أرباع للدائرة يتوسطها كلمة "BADER".

بدورها تسعى الحكومة الأردنية لحل مشكلة تقليد العلامات والماركات التجارية على المستوى المحلي، وغالباً ما يتم إخضاع الأسواق لرقابة متواصلة وتحويل المخالفين إلى القضاء لكل مخالفة على حدة، ولكنها تغض الطرف إذا ما تعلق الأمر بالعلامات والماركات السورية، إذ تقوم شرطة الرقابة بعمليات تفتيش فقط وتصادر بضائع وتقفل محلات، لكن هذه التجارة تعود إلى النشاط بعد أسابيع قليلة، وكأن شيئا لم يكن.

ورأى الخبير الاقتصادي الأردني "حسام عايش" لـ"اقتصاد" أن "أهمية ضبط البضائع المقلدة لا تكون بعددها بل في حجم البضائع المهربة"، وأكد عايش أن "حجم البضائع المقلدة في الأردن، يصل إلى نحو 10 بالمئة من حجم فاتورة المستوردات التي وصلت خلال الخمسة شهور الأولى من العام الحالي حوالي 6 مليار و 400 ألف".

وأوضح محدثنا أن "البضائع المقلدة هي التي لا تستوفي الشروط والمعايير في البلد الذي تدخله"، مبيناً أنها "تنتشر وتزداد في الدول التي تمتاز بانخفاض القدرة الشرائية لمواطنيها وهذا ما ينطبق عليه في بلد مثل الأردن، وغالباً ما تدخل البضائع المقلدة ضمن اقتصاد الظل لا سيما أنها تدخل بطرق غير شرعية، وتباع في مناطق تكون بعيدة عن الرقابة الحكومية، ما يتطلب العمل على تضافر الجهود في محاربة هذه الظاهرة".
 
*القانون والإعلام ضد التقليد
 
ومن جانبه رأى رئيس غرفة تجارة عمان "حيدر مراد" أن "هناك قوانين عدة تعالج قضية تقليد العلامات والماركات التجارية ويجب تفعيل تلك القوانين، ليشعر كل من تسول له نفسه القيام بعمليات التقليد أنه سيتعرض لأقسى العقوبات"، مبيناً أن "هناك لجنة مقترحة من قبل وزارة الاقتصاد وضعت خطة عمل محكمة حول ما هو مطلوب القيام به لمعالجة هذه المشكلة ومراقبة الأسواق، وينبثق عن تلك الخطة فريق رقابة يقوم بإخضاع الأسواق لرقابة صارمة ومتواصلة، وتحويل المخالفين إلى القضاء لكل مخالفة على حدة، بحيث ينالون عقاباً شديداً".

وأضاف مراد: "إن اللجنة المذكورة تسعى لوضع قائمة بالسلع والماركات المقلدة ونوعيتها والجهات التي تقوم بترويجها وبعد أن تقوم بجرد متواصل للأسواق تضع اللجنة تقريراً شهرياً حول ما قامت به".

 وطالب مراد بضرورة البدء بتنظيم وعقد ورش عمل حول تقليد البضائع والعلامات والماركات التجارية لتوعية التجار والمواطنين بحضور جميع الأطراف المعنية من التجار وجمعية حماية المستهلك، لافتاً إلى أهمية أن يقوم القطاع الخاص بالاهتمام بالناحية الإعلامية، حيث إن للإعلام دورا مهما في كشف المقلدين وتوعية المستهلكين والتجار وكذلك استخدام كافة وسائل الترويج لنشر الوعي في أوساط المستهلكين حول مخاطر المواد المقلدة.

ترك تعليق

التعليق