في درعا...تعميم على حواجز "الحر" بمنع توجّه آليات محملة بالقمح إلى "مناطق النظام"


تواصل الدوائر والمؤسسات المعنية, في مجلس محافظة درعا للإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة, عمليات تسويق محصول القمح بعد أن اتخذت تحضيراتها واستعداداتها الكاملة, وسط مخاوف من أن تتسرب كميات كبيرة من الإنتاج بواسطة السماسرة, وتجار الحرب, من المناطق المحررة إلى المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام, ليتم بيعها هناك لمن يمعن في قتل البشر والزرع والحجر.

ويقول عبد اللطيف محمد، وهو رئيس جمعية فلاحية سابق، "على الرغم من الخوف من أن يقوم النظام بحرق حقول القمح كما فعل عدة مرات في السابق, لازالت مساحات كبيرة من الحقول المزروعة بهذه المادة الاستراتيجية في عدة مناطق من الجنوب السوري  لم تُحصد بعد, وذلك لعدم توفر الحصادات, بسبب الحصار المفروض على المناطق المحررة وعدم كفاية الحصادات التي كانت عادة ما تأتي إلى المنطقة من المناطق والمحافظات الأخرى ولاسيما محافظة حماه, بسبب الحصار الذي تفرضه قوات النظام والحواجز العسكرية المنتشرة على طول الطرق السورية، وعدم القدرة على السير على طرق أصبحت سيئة جداً بسبب القتال المتواصل".

وأضاف: "كان للجمعية حصادة وجرار زراعي وهي مجهزة بالمعدات اللازمة للإنتاج الزراعي بكل جوانبه, لكنها أصبحت قديمة ,وكثيرة الأعطال, ولا يوجد لها قطع غيار في المنطقة", معرباً عن خشيته من أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة, أو وصول شرارة إلى الحقول، إلى احتراق الأخضر واليابس, وضياع كامل الموسم الذي ينتظره السواد الأعظم من أبناء المحافظة, في ظل افتقار المنطقة لأية إمكانية لإطفاء أي حريق محتمل.

وتشير المعطيات والدلائل الأولية، حسب مجلس محافظة درعا المحررة، إلى أن الإنتاج المتوقع في جميع أنحاء المحافظة, يقدر بنحو 80 ألف طن قابلة للزيادة، من مادة القمح الاسترتيجية والهامة.

وقال المهندس الزراعي، نزيه قداح، رئيس المكتب الزراعي في مجلس محافظة درعا المحررة، "إن المساحات المزروعة بالقمح تقدر بنحو 200 ألف دونم, وكان الموسم وفيراً بسبب الهطول المطري الغزير, وتوزع الهطول على مدار الأشهر الماضية, ما جعل الإنتاج جيداً في وحدة المساحة، إذ يُتوقع إنتاج نحو 80 ألف طن, والمُقدر بيعه نحو 50 ألف طن، حيث سيتم الاحتفاظ بالكمية الباقية كبذار للموسم الزراعي القادم".

وأشار المهندس رياض الربداوي، مدير فرع الحبوب في مجلس المحافظة المحررة، إلى أن "مؤسسة الحبوب في الحكومة المؤقتة, تواصل تعاونها وتنسيقها مع المنظمات المانحة, لشراء أكبر كمية ممكنة من القمح رغم  ضعف التمويل, والإمكانات المادية المتوفرة، حيث أن الكميات التي حصلت المؤسسة العامة على تمويل لشرائها من القمح، تقدر بنحو 52 ألف طن, موزعة على أربع محافظات، هي حلب وإدلب وحمص ودرعا، حصة درعا منها نحو 15 ألف طن في المرحلة الأولى", مؤكداً أن الشراء سيكون حصرياً في مراكز: نوى، المزيريب، وغرز، وهناك مركز رابع في مدينة القنيطرة.

ولفت الربداوي إلى مجموعة كبيرة من الصعوبات التي تواجه عمليات تسويق القمح, وتتمثل في الخوف من تعرض مراكز التسويق للقصف أثناء تجمع المزارعين، إضافة إلى قلة التمويل, وعدم توفر الأموال اللازمة لدفع أثمان القمح للفلاحين, وبُعد مناطق الإنتاج عن مراكز التسويق, والمنافسة الشديدة بين مؤسسات النظام ودوائر المناطق المحررة على صعيد محاولات شراء محصول القمح، والحوافز الكبيرة التي يضعها النظام لاستقطاب المزارعين وتحفيزهم على بيع إنتاجهم لمؤسساته.

ودعت الجهات المعنية: المؤسسة العامة للحبوب, ومجلس المحافظة, والفصائل الثورية, إلى إيجاد آلية لتنظيم عمليات التسويق, من خلال افتتاح عدد من المراكز في قرى معينة, يتم البيع فيها بأيام محددة، منعاً للازدحام، وحسب أيام الأسبوع، والتعميم على حواجز الجيش الحر المنتشرة في المناطق المحررة, لمنع توجه الآليات المحملة بالقمح إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام,  والبحث عن منظمات أو رجال أعمال لشراء الكميات التي تعجز المؤسسة عن شرائها, وتخزينها وإعادة بيعها وتشجيع تصدير الكميات الزائدة لدول الجوار كالأردن,عن طريق المؤسسة العامة للحبوب, أو مجلس المحافظة, لمنع تهريب هذه المادة الضرورية, والعمل على منع بيع القمح كأعلاف, إلا بعد الغربلة والتصنيف كغير قابل للاستهلاك البشري, والعمل على مخاطبة المجالس المحلية لشراء إنتاج فلاحييها من مادة القمح, من خلال ترغيب الفلاحين وتشجيعهم على البيع بدافع وطني.

هذا، وتعتبر محافظة درعا, الواقعة إلى الجنوب من العاصمة دمشق، وتبعد عنها نحو 101 كم, من المحافظات السورية التي تعتمد في اقتصادها على القطاع الزراعي, كأحد الموارد الاقتصادية المدرة للدخل, وهي تشتهر بزراعة القمح والشعير والأشجار المثمرة والخضار, بسبب خصوبة تربتها, ومناخها المعتدل, وتوفر مقومات الإنتاج الزراعي. ويتجاوز إنتاجها السنوي من مادة القمح في السنوات المطيرة أكثر من مئة ألف طن، وفيها صوامع تستوعب أكثر من مئتي ألف طن من الحبوب.

ترك تعليق

التعليق