اقتصاديات.. إرضاء طرطوس


محاولات النظام لاسترضاء طرطوس، التي قدمت حتى الآن أكثر من 40 ألف قتيل من العسكريين، بحسب إحصاءات الناشطين هناك، لا تخلو من الطرافة.. فعلى مدى الأشهر الماضية، بدأ النظام يستشعر حجم الكارثة البشرية التي سببها لهذه المحافظة، في الوقت الذي لا يزال فيه بحاجة للمزيد من تضحياتها.. لذلك بدأ بإرسال كبار مسؤوليه الحكوميين إلى هناك، الذين كانوا يلتقون بالأهالي ويلقون الخطب الحماسية، ثم يسجلون مطالبهم ومشاكلهم على أوراق خارجية، مشيرين إلى أنهم محملين بأعلى التوجيهات بضرورة التجاوب مع هموم هذه المحافظة "المقاومة".. وأمام تراكم عدد كبير من هذه الأوراق التي لا يعرف النظام ماذا يفعل بها، فالعين بصيرة واليد قصيرة كما يقولون، دخل في مرحلة جديدة من الوعود عبر إيهام المحافظة بأنها ستغدو منطقة متكاملة للتنمية وذلك من خلال الإعلان عن تخصيصها بأكثر من 70 بالمئة من الموازنة الاستثمارية للبلد.. وهو الخبر الذي أثار ضجة كبيرة على مستوى المعارضة، لكن أحداً لم يتساءل: هل يوجد بالأساس موازنة للنفقات الأساسية للدولة، حتى يكون هناك موازنة استثمارية..؟!

أما الخبر الطريف، فتمثل بدخول "الهيئة العامة للاستشعارعن بعد"، على خط تنمية هذه المحافظة.. حيث يقول الخبر وكما تناقلته وسائل إعلام النظام، أنه تم توقيع وثيقة بين وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية والهيئة العامة للاستشعار عن بعد، لتنفيذ مشروع "إيجاد البدائل الإنتاجية لتعزيز الاقتصاد المحلي في محافظة طرطوس"، الذي يعتبر انطلاقة للتعاون وتنسيق العمل بين الطرفين لدراسة المنطقة الساحلية (طرطوس) كنموذج قطاعي وتنموي واقتراح البدائل التنموية والاقتصادية الممكنة..
 
طبعاً، لا أريد عرض المزيد من تفاصيل الخبر، فهي تتسبب بآلام بطن شديدة ودوخة في الرأس...!!، لكني شخصياً لم أفهم من هذا الكلام، سوى أنه مراوغة خبيثة، عبر الاستعانة بهيئة يوحي اسمها بأنها "شغلة" كبيرة، وذلك لتخدير هذه المحافظة التي تقول الأنباء بأنها تغلي وتتساءل بجد: "إلى متى سنستمر بتقديم شبابنا محرقة لهذا النظام..؟!".

باختصار، الهيئة العامة للاستشعار عن بعد، كان النظام قد أوجدها بلا أذرع ولا قدمين، للدعاية الخارجية فقط .. ووضع مقرها على الخط الدولي على طريق بيروت، بعيداً عن دمشق، وذلك حتى يراها "السواح" القادمون من الخارج.. وكان السوريون لا يعلمون طبيعة عمل هذه الهيئة، وبعضهم كان يعتقد أنها خاصة بأبحاث الفضاء، ويتحدث عن أن سوريا ستغزو الفضاء قريباً مستشهداً بوجودها..  وأنا شخصياً كنت واحداً منهم، وأشعر بالصدمة كون عملها يتعلق برسم خطط تنموية فقط..!!
 
وهنا أوجه كلمة لأهالي طرطوس فأقول لهم: إن النظام يعلم أن سقف مطالبكم هو تثيبت عدد من الموظفين مع توظيف عدد من المساكين الذين تسبب بيتمهم.. فإذا كان النظام جاداً بخدمة محافظتكم وتنميتها، فالأمر ليس بحاجة للاستشعار لا عن بعد ولا عن قرب..!!، بحاجة فقط لبعض الضمير، والقليل القليل من الأخلاق..

ترك تعليق

التعليق