بعيد هجمات باريس.. هل تحصل مقاطعة شعبية فرنسية لنشاطات السوريين الاقتصادية؟

يبدو أن بوادر سوء طالع تحملها الأيام القادمة للسوريين المقيمين على الأراضي الفرنسية، على خلفية الهجمات التي شهدتها باريس مساء الجمعة الفائت، والتي أودت بحياة 127 شخصاً، وإصابة أكثر من 200 مواطن فرنسي آخر، والمتبناة من قبل تنظيم الدولة.

وفي حين، لم يُجمع السوريون في فرنسا، الذين استطلعت "اقتصاد" آرائهم، على سوداوية المشهد المقبل، رغم الحديث الرسمي الفرنسي عن وجود قرائن تعود لأشخاص سوريي الجنسية في مسرح الجريمة، لكنهم بالمقابل أيضاً، لم يُعربوا عن ارتياحهم مما قد تكشف عنه الأيام القادمة، وخصوصاً الخوف من حملة مقاطعة شعبية فرنسية للسوريين.

 هذه المخاوف لمسها المهندس السوري، محمد محسن، في محطة الميترو، عندما كان يحجز له ولزوجته مقعداً في أحد قطارات المدينة، مع أنه مقيم في مدينة (روان)، تبعد عن باريس العاصمة حوالي 130 كلم. ويبين محسن لـ" اقتصاد" ما جرى معه صبيحة يوم أمس السبت، "فوجئنا بردة فعل عاملة المحطة عندما سمعت حديثي وزوجتي باللغة العربية، لقد عاملتنا باحتقار ظاهر للعيان"، ويضيف "بات خوفنا اليوم من تغير المعاملة الرائعة التي كنا نعامل بها، ولذلك صرنا نخشى من التحدث باللغة العربية في الشارع".

وإن كان محسن لا يعتقد أن السوريين سيتأثرون اقتصادياً بعيد هجمات باريس، وذلك لأن الراتب المحدد الذي تمنحه السلطات الفرنسية البالغ حوالي 420 يورو شهرياً للشخص الواحد، يُعطى للمواطن الفرنسي العاطل عن العمل، إلا أنه في الوقت ذاته لا يُعمم ذلك على كل السوريين، وخصوصاً منهم أصحاب الورش الصغيرة والمحال التجارية، التي قد تعتمد ربما على التعامل مع المواطنين الفرنسيين.

 ويوضح محسن حديثه السابق بالقول، "قبل أسبوع بالتحديد احتفلنا بافتتاح محل لبيع العصائر السورية والمعجنات لشابين سوريين في مدينة روان، استطاعا بمساعدة البلدية تجاوز العقبات القانونية، وبالتأكيد ما حدث لن يساعد هذا المحل وغيره على الانطلاقة الجيدة".

بدوره لم يخف الصحافي السوري، فرحان مطر، المقيم في باريس، مخاوفه من ردات فعل عكسية قد تنعكس في الشارع الفرنسي، هذه المخاوف كشف عنها في رده على سؤال "اقتصاد" عن احتمال بدء حملة مقاطعة شعبية فرنسية لنشاطات السوريين الاقتصادية في المدينة، بقوله "الله يستر مع أنها مستبعدة".

فرحان استبعد فكرة تعرض السوريين لمضايقات على الأقل في الوقت الراهن، مستنداً إلى معرفته الشخصية بالقوانين الناظمة للحياة الديمقراطية ووعي الشعب الفرنسي الذي لا يعرف الانتقام العشوائي، على حد تقديره.

 وتزامناً مع الإعلان عن الهجمات، انقسمت آراء النشطاء السوريين بين متعاطف مع الشعب الفرنسي في نكبته، وبين ساخر رافض لهذا التعاطف، الذي وصفه البعض بـ"التملق" لبلدان أُصيبت برشقة دم، بينما تسبح غيرها ببحار من الدماء.

عدم التعاطف هذا دفع بالسورية، هنادي الشوا، المقيمة في فرنسا، إلى الاستغراب على حد وصفها، من تحويل خبر مؤلم لمجزرة بحق أبرياء في باريس, إلى مدعاة للتهكم والسخرية، وذلك في تدوينة عبر صفحتها الشخصية في "فيسبوك".

 وتابعت الشوا، الدكتورة في علم النفس، تدوينتها التي حظيت بتفاعل ملحوظ، "الأنكى من ذلك أن يعتبر التعاطف مع ذوي الضحايا نوعاً من التملق، في وقت كان هو بالأمس يستجدي كل العالم لمناصرة أهله، أما ما يخص شماتة عبيد الأسد بهذه الجريمة فهذا ربما الشيء الوحيد المفيد لإدانة تأييدهم الوقح لاستهداف الأبرياء في سوريا، ليعرف العالم أن قضيتنا مع هؤلاء ليست اختلاف في وجهات النظر، وإنما قضية أمن شخصي وربما مجتمعي".

ترك تعليق

التعليق