اقتصاديات.. هل تتحقق نبوءة علي فرزات في سوريا


من أكثر الصور المعبرة التي رسمها فنان الكاريكاتور السوري العالمي، علي فرزات، كانت صورة الطفل الأفريقي الذي نسج العنكبوت خيوطه على مؤخرته، في إشارة إلى المجاعة التي ضربت أفريقيا في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي.. وهو الكاريكاتور الذي حصل على جائزة عالمية، كونه يختصر آلاف الكلمات والصور.. فالعنكبوت لا ينسج خيوطه إلا في الأماكن المهجورة.. وهذا الطفل على اعتبار أنه لا يأكل فهو لا يستخرج شيئاً.. لذلك أراد أن يقول لنا فرزات أن مؤخرته مهجورة، لهذا نسج العنكبوت خيوطه عليها..

هذه الصورة التي أدهشت العالم في ذلك الوقت، كانت أكثر تعبيراً من الوقع ذاته.. لكن في الحالة السورية أظن أن الواقع أكبر من الخيال وأكثر غرابة منه..
 
الجوع في سوريا اليوم، لم يعد له شكل واحد، وهو الحصار الذي يقوم به النظام في بعض المناطق، بل هناك شكل آخر لا يقل قساوة وإجراماً.. إنه الجوع الناتج عن الغلاء الفاحش في الأسعار وفقدان المواد الغذائية من الأسواق، حيث تشير تقارير المنظمات الدولية، إلى أن سوريا على موعد مع جيل "معلول" وتنهش به الأمراض، نتيجة سوء التغذية التي يعاني منها الأطفال اليوم..

وذلك يعني أن الدمار لم يقتصر على ماضي سوريا وحاضرها، بل هو يهدد مستقبلها أيضاً..!!

 باختصار، إن جوع السوريين ومأساتهم، ليست بفعل عوامل جوية كما كان الحال في أغلبه في أفريقيا، وإنما بسبب صمت المجتمع الدولي عن سلوك هذا النظام والسماح له بحصار شعبه وتجويعه..

لذلك، أعتقد لو أراد علي فرزات أن يعيد إنتاج هذه الصورة، سورياً، فالأولى أن تنسج العنكبوت خيوطها على أفواه مسؤولي الدول الكبرى، وليس على مؤخرات السوريين..!!

ترك تعليق

التعليق